موضوع هذه الآیة هو زواج النبی محمد (ص) من زوجة زید بن حارثة ربیب رسول الله (ص) بعد طلاقها. و لا شک أن الآیة الشریفة فی مقام الجواب عن إعتراض وجّهته الأمة إلى رسول الله (ص) و هو: کیف یمکن زواجک من زوجة ربیبک؟
و خلاصة الجواب الذی تقدمه هذه الآیة للمعترضین هو أن رسول الله (ص) لم یکن أباً لأیّ من رجالکم، حتى یعدّ زواجه من زوجة أحدکم زواجاً من زوجة إبنه. إذن فخطاب "مَّا کاَنَ محُمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِکُمْ وَ لَکِن رَّسُولَ اللَّهِ وَ خَاتَمَ النَّبِیِّنَ وَ کاَنَ اللَّهُ بِکلُِّ شىَْءٍ عَلِیمًا" موجّه لرجال ذاک الزمان الموجودین،[1] و المراد من الرجال، ما یقابل النساء و الأولاد، و نفی الأبویة، نفی تکوینی، لا تشریعی، أی لم یکن أحد من رجالکم متولّد من صلبه.
و المعنى: لیس محمد (ص) أبا أحد من هؤلاء الرجال الذین هم رجالکم حتى یکون تزوجه بزوج أحدهم بعده تزوجاً منه بزوج إبنه، و زید أحد هؤلاء الرجال فتزّوجه بعد تطلیقه لیس تزوّجاً بزوج الإبن حقیقة، و أما تبنیه زیداً (فالمراد منه المعنى اللغوی فقط من إظهار المحبة) و إلا فلا یترتّب علیه شیء من آثار الأبوة و البنوة، فلم یعتبر الله الأولاد بالتبنی أولاداً حقیقیین.[2]
إذن، سبب نزول هذه الآیة هو، زواج النبی محمد (ص) بزوجة زید بن حارثة المطلقة لا غیر.
لیس لهذا السؤال جواب تفصیلی.
[1] أما أولاده الأربعة القاسم و الطیب و الطاهر و إبراهیم ـ إن لم یکن الطیب و الطاهر لقباً للقاسم على بعض الأراء ـ فأولاده حقیقة، لکنهم توفّوا قبل البلوغ، فلا تصدق کلمة رجال فی حقّهم، لیقع نقضاً لهذه الآیة. کما أن أولاده (ص) الإمام الحسن و الإمام الحسین (ع) کانوا صغاراً أیضاً، و لم یبلغوا حدّ الرشد قبل وفاة رسول الله (ص) فلا تشملهم کلمة رجال.
إذن هذه الآیة لا تقتضی أن رسول الله (ص) لم یکن أبا للقاسم و الطیب و الطاهر و إبراهیم کذلک الحسن و الحسین (ع)، فلهذا قلنا أن الآیة تخصّ الرجال الموجودین حین نزولها و کل من تنطبق علیه صفات الرجل، و لم یکن أحد من المذکوری واجداً لهذه الصفات.
راجع: الطباطبائی، السید محمد حسین، المیزان فی تفسیر القرآن، ج 16، ص 325، مکتب النشر الإسلامی، قم، 1417 ق.
[2] راجعوا: نفس المصدر و تفاسیر القرآن، الأخرى ذیل الآیة 40 من سورة الأحزاب.