الاجابة عن السؤال تتم من خلال النقاط التالیة:
1. لکل شعب ظروفه الموضوعیة الخاصة التی تمیزه عن غیره من الشعوب. و من هنا لا یمکن رسم برنامج واحد و اعطاء وصفة واحدة و اسلوب خاص تسیر علیه کل الشعوب مهما اختلفت ظروفها!!، فالتجربة التی قامت فی ایران بقیادة الامام الخمینی (ره) تلک القیادة الحکیمة التی استطاعت أن تحقق نظاما یقوم على الاسلام بکافة ابعاده مدعوما بتیار کبیر من رجال الدین و باسناد لا مثیل له من قبل الشعب. هذه التجربة لا یمکن قیاسها بالثورتین المصریة و التونسیة او استنساخها استنساخا تاما؛ لاختلاف الظروف الموضوعیة اختلافا کاملا و کذلک لا یمکن مقارنتها بما حصل فی العراق لنفس السبب.
إذن لکل شعب شروطه الموضوعیة التی تحکم مسیرته و طریقة تعاملة مع الاحداث و السبل التی یصل من خلالها الى اهدافة المرسومة. و من هنا ینبغی لکل شعب ان یرسم اهدافه بالنحو الذی یستطیع من خلاله تحقیقها.
لکن الجدیر بالذکر ان ثورة الشعبین المسلمین المصری و التونسی ثورة شعبیة خالصة منطلقة من اعماق الشعب و معاناته على مر العقود الماضیة، و لم تکن منطلقة بتحریک جهات خارجیة.
2. من الاخطار التی تحیط بالثورات خطر الالتفات علیها من قبل القوى الاجنبیة و السائرین على نهجها و من خلال خلق قیادات و همیة. فقد یذهب الطاغوت و یبقى نظامه یدیر الامور و یستحوذ على مقالید الحکم. و من هنا لابد من الانتباه و الحذر الشدیدین من هذا الخطر الکبیر الذی یداهم الثورات، و لا سبیل للتصدی له الا من خلال یقظة الشعوب و الانسجام بینها و بین القیادات التی و لدت من رحم المعاناة و تکون من ابناء الثورة و منسجمة مع اهدافها. و من الامور المساعدة ایضا فی استمرارة الثورة و الحفاظ على اهدافها و منجزاتها، العمل بالنظام البرلمانی المنبثق من الشعب و الذی یقوم بدوره باعداد دستور یلبی حاجات الامة و یحفظ لها استقلالیتها و عزتها. و من العوامل المهمة أیضا یمکن الاشارة الى عامل دعم الشعب للحکومة فی ما اذا رأی صدقها و وثق بامانتها، فاذا التزمت الحکومة بالدستور و أدت الامانة على احسن وجه یجب على الشعب دعمها بکل ما أوتی من قوة فی المنعطفات التاریخیة و الازمات التی تمر بها، و کان هذا العامل من العوامل الواضحة فی نجاح الثورة الاسلامیة المبارکة فی ایران خلال تلک العقود. و فوق کل ذلک و الاهم هو التوکل على الله تعالى فاذا استعانت الشعوب بالله تعالى و سارت على هدیه کان الله فی عونها یثبتها فی الملمات و یرد عنها کید الکائدین و مکرهم. و هذا ایضا لمسناه بوضوح فی الجمهوریة الاسلامیة فقد کانت الید الالهیة داعمة للثورة فی احلک الظروف و اشد الازمات.
3. نحن کشعوب اسلامیة نعتقد ان الحل و النجاح یکمنان فی اعتماد الشریعة الاسلامیة کمنهج حیاة، فلابد ان یکون الدستور الجدید ینطلق من القرآن و السنة المطهرة و لا یلفت الى دستور الدولة الفلانیة او القانونیة لشرق کان او غرب. نعم قد تختلف الالیات و لکن الجوهر لابد ان یبقى اسلامیا صرفا، فان فیه تأمین الحیاة الرغیدة و السعدیة و العزة و الکرامة.
و هناک عوامل اخرى یدرکها المفکرون و العلماء و الباحثون فی تلک البلدان فان أهل مکة ادرى بشعابها کما یقول المثل المعروف.