تعد سورة الانسان و التي تسمى بسورة الدهر و هل أتى، من السور التي نزلت بحق أهل البيت (ع) و التي اظهرت منزلتهم و بينت مكانتهم و منزلتهم عند الله تعالى، و تمتاز الايات الثامنة و التاسعة من السورة بأهمية خاصة، حيث ورد فيها قوله تعالى: "وَ يُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلىَ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَ يَتِيمًا وَ أَسِيرًا * إِنمَّا نُطْعِمُكمُْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكمُْ جَزَاءً وَ لَا شُكُورًا".[1]
ثم تشرع السورة في بيان عدد من خصائص و صفات النعم التي بشر بها الله تعالى العترة الطاهرة، منها قوله تعالى: "مُتَّكِئينَ فيها عَلَى الْأَرائِكِ لا يَرَوْنَ فيها شَمْساً وَ لا زَمْهَريراً* وَ دانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُها وَ ذُلِّلَتْ قُطُوفُها تَذْليلاً * وَ يُطافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَ أَكْوابٍ كانَتْ قَواريرَا".[2] بالاضافة الى الآيات الاخرى التي تعرضت لها السورة لا نرى ضرورة للتعرض لها، الا ان الملفت للنظر هو ان السورة المباركة لم تتعرض للحديث عن الحور العين و التي تعد من النعم الالهية التي طالما تحدثت عنها الآيات الاخرى، من هنا و مع الاخذ بعين الاعتبار كون الايات المباركة جاءت بعد الحديث عن أهل البيت (ع)، ذهب بعض المفسرين الى ضرورة تحليل هذه القضية قائلا: و الملاحظة الأخيرة التي لا بدّ من ذكرها هنا هو قول بعض العلماء المفسّرين و منهم المفسّر المشهور الآلوسي، و هو من أهل السنّة قال: إنّ كثيرا من النعم الحسية قد ذكرت في السورة إلّا الحور العين التي غالبا ما يذكرها القرآن في نعم الجنان، و هذا إنّما هو لنزول السورة بحق فاطمة و بعلها و بنيها عليهم السّلام و إنّ اللّه لم يأت بذكر الحور العين إجلالا و احتراما لسيدة نساء العالمين.[3]
فهذه الآيات هي الآيات الوحيدة التي قال المفسرون انها لم تتعرض للحديث عن الحور العين عند تعرضها لذكر النعم الالهية و النعيم الاخروي، احتراما للسيدة الزهراء (س).
و لكن هذا الرأي من الالوسي يقوم على استنباطه الشخصي و استحسانه للقضية؛ و ذلك لوجود حالات اخرى لم تتعرض لذكر الحور العين مع كون الآيات ليست بصدد الحديث عن السيدة الزهراء (س) كما ورد في سورة المرسلات مثلا.[4]
علماً ان مناقشة هذا القول لا يعني التقليل من قيمة السيدة فاطمة (س) قيد انملة و لا يحط من منزلتها، فعدم وجود الدليل على ما ذكره الالوسي من استنباط من الايات لا يخدش بمكانتها، بل حتى لو فرضنا ذكرت الحور العين في السورة المباركة فحينئذ لا نرى ما يخدش بقداسة الزهراء (س).
لا يوجد جواب تفصيلي للسؤال.
[1] . الانسان، 8-9.
[2] الانسان، 13-15.
[3] مكارم الشيرازي، ناصر، الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، ج19، ص: 254، نشر مدرسة الامام علي بن ابي طالب (ع)، قم، الطبعة الاولى، 1421هـ.
[4] انظر: الکهف، 31؛ التوبة، 72؛ الحج 23-24 و ...