بحث متقدم
الزيارة
6356
محدثة عن: 2008/12/15
خلاصة السؤال
هل الاصرار على الذنب یوجب تشدید العقوبة؟
السؤال
هل العقوبة المترتبة على اقتراف الذنب کالزنا و استماع الحرام و ... مرة واحدة کمن أدمن ذلک و اصر علیه؟
الجواب الإجمالي

الاصرار على الذنب یستعمل فی معنیین:

1- تکرار الذنب.

2- عدم التوبة من الذنب بعد ارتکابه و عدم الاستغفار منه.

ثم إن للاصرار على الذنب تبعات و آثاراً ثقیلة و صعبة جداً. و لقد أکدت الآیات و الروایات على مذمومیته و قبحه، بل فی بعض المصادر أشیر الى الآثار الخطیرة المترتبة على ذلک منها: تحویل الذنوب الصغائر الى کبائر، الخروج من دائرة التقوى، الشقاء، عدم قبول الاعمال، جرّ الانسان الى حافة الکفر و الالحاد و ... کذلک من آثار تکرار الذنب و الاصرار علیه تشدید العقوبة و المجازات الدنیویة منها و الاخرویة فعلى سبیل المثال من ارتکب کبیرة و اقیم علیه الحد مرتین یقتل فی الثالثة.

الجواب التفصيلي

فی البدء لابد من تحدید الضابطة للاصرار على الذنب و بیان المراد منه.

ان الاصرار على الذنب یستعمل فی معنیین:

1- تکرار الذنب، ان القدر المتیقن و المسلّم لمعنى الاصرار هو تکرار الذنب بلا اقتران بالندم، و بنحو یرى العرف أن ذلک مداومة على الذنب، و من الواضح أن المصر على الذنب لایشعر بالندم على ما اقترفه من ذنب.

2- ارتکاب الذنب و لو لمرة واحدة و لکن بلا قصد التوبة و التصمیم على الانابة و الاستغفار، فقد روی عن أَبی جعفر (ع) فی قَول اللَّه عَزَّ و جلَّ "و لَمْ یُصِرُّوا عَلى‏ ما فَعَلُوا وَ هُمْ یَعْلَمُونَ" قَال: "الإِصرار هو أَنْ یذنب الذنبَ فَلا یستغفر اللَّهَ و لا یحدِّثَ نفسَهُ بِتوبة فذلکَ الإِصرارُ".[1] و روی عن النبی الاکرم (ص) انه قال: «ما أصر من استغفر و إن عاد فی الیوم سبعین مرة».[2]

من هنا یعلم ان الاصرار على الذنب انما یصح عندما لایقترن بالتوبة و الاستغفار و الانابة.

آثار الاصرار على الذنب

لقد ذمت الآیات و الروایات المصر على ذنبة و اشیر فی بعضها الى الآثار المترتبة على ذلک، و هی:

1- تحویل الصغائر الى کبائر:

فقد روی انه: "لا صغیرة مع الاصرار و لاکبیرة مع الاستغفار".[3] یعنی ان المصر على ذنبه و ان کان ذنبه صغیرا الا ان اصراره یحوله الى کبیرة، و العکس صحیح ای من ارتکب الکبیرة و استغفر و أناب و تاب الى الله یتوب الله علیه و یمحو ذنبه.

2- الخروج من دائرة التقوى: قال تعالى فی بیان صفات المتقین: "وَ الَّذِینَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ ذَکَرُواْ اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَ مَن یَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلا اللَّهُ وَ لَمْ یُصرُِّواْ عَلىَ‏ مَا فَعَلُواْ وَ هُمْ یَعْلَمُون".[4]

3. عدم قبول الاعمال: روی عن الامام الصادق (ع) انه قال: "لا و اللهِ لا یقبلُ اللَّهُ شیئاً مِنْ طاعته على الإِصرار على شی‏ءٍ مِنْ معاصیه".[5]

4. الشقاء و التعاسة: عن أَبِی عبد اللَّهِ (ع) قَالَ: قَال رسولُ اللَّهِ (ص):" مِنْ علامات الشَّقَاءِ جمودُ الْعَیْنِ وَ قَسْوَةُ الْقَلْبِ وَ شِدَّةُ الْحِرْصِ فِی طَلَبِ الدُّنْیَا وَ الْإِصْرَارُ عَلَى الذَّنْبِ".[6]

5. استسهال الذنب و عدم الشعور بقبحه.

6. جر الانسان الى حافة الکفر و الالحاد: قال تعالى فی کتابه الکریم: " ثُمَّ کانَ عاقِبَةَ الَّذِینَ أَساؤُا السُّوآی أَنْ کَذَّبُوا بِآیات اللَّهِ وَ کانُوا بِها یَسْتَهْزِؤُنْ".[7]

7. تشدید العقوبات الدنیویة و الاخرویة: فقد روی: "انَ أَصْحَابُ الْکَبَائِرِ کُلِّهَا إِذَا أُقِیمَ عَلَیْهِمُ الْحَدُّ مَرَّتَیْنِ قُتِلُوا فِی الثَّالِثَة".[8] و فی روایة اخرى "الزَّانِی إِذَا زَنَى جُلِدَ ثَلاثاً و یُقْتَلُ فِی الرَّابِعَةِ".[9]

اتضح من خلال ذلک کله انه لابد من الاسراع الى التوبة و المبادرة الى الانابة و الاستغفار حتى لو کان الذنب صغیرا، و العزم على عدم العودة الیه، لان الاصرار على الذنب و تکرار ارتکابه یجر الانسان رویدا رویدا الى الابتعاد عن الله تعالى و یجعل على القلب خشاوة سوداء تمنعه من التوبة و تسلب منه توفیق الانابة.



[1] محمد بن یعقوب الکلینی، الکافی، ج 2، ص 288، بابُ الْإِصْرَارِ عَلَى الذَّنْبِ، حدیث 2.

[2] انوار التنزل، ج 2، ص 39.

[3] کافی، ج 2، ص 288، بابُ الْإِصْرَارِ عَلَى الذَّنْبِ، حدیث 1.

[4] آل عمران، 135.

[5] الکافی، ج 2، ص 288، َبابُ الْإِصْرَارِ عَلَى الذَّنْبِ حدیث 3.

[6] الشیخ الحر العاملی، وسائل الشیعة، ج 15، ص 337، حدیث 20680.

[7] الروم، 10.

[8]  الکافی، ج 7، ص 191، الحدیث 2.

[9] نفس المصدر، الحدیث 1.

س ترجمات بلغات أخرى
التعليقات
عدد التعليقات 0
يرجى إدخال القيمة
مثال : Yourname@YourDomane.ext
يرجى إدخال القيمة
يرجى إدخال القيمة

التصنیف الموضوعی

أسئلة عشوائية

  • ما هو حکم العمل فی المطاعم التی تعرض الخمر أو لحم الخنزیر الى زبائنها؟ و ما هو حکم العمل فی المؤسسات التی تدعم إسرائیل؟
    9206 الحقوق والاحکام 2008/05/10
    أجاب سماحة السید الخامنئی عن سؤال: هل یجوز العمل فی معامل تعلیب لحم الخنزیر أو الملاهی اللیلیة أو مراکز الفساد؟ و ما هو حکم الاموال الحاصلة من هذه الاعمال؟لا یجوز العمل فی الحرف ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    90136 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • ما هو حکم صوم المرأة المرضعة؟
    6127 الحقوق والاحکام 2011/06/14
    لا یجب الصوم علی المرأة الحامل المقربة التی یضر الصوم بحملها، و لکن یجب علیها أن تتصدّق عن کل یوم لم تصمه بمد (حنطة أو شعیر) للفقیر و تقضی الأیام التی فاتتها فی السنین القادمة؟ [1]و کذلک المرأة المرضعة، لا یجب علیها الصوم إذا أدّی ...
  • ما هی السور القرآنیة المسماة باسماء الانبیاء.
    10289 التفسیر 2012/01/31
    توجد فی القرآن ست سورة مسماة باسماء الانبیاء هی:نوح، إبراهیم، یونس، یوسف، هود و محمّد علیهم السلام.و هناک من المفسرین من یرى - انطلاقا من الروایات- ان هناک مجموعة أخرى من السورة مسماة ببعض صفات النبی الاکرم (ص) او باسمائه الاخرى، و هی: ...
  • هل یجوز التعرف والزواج عبر الانترنیت؟ وهل یدوم الزواج؟
    8152 العملیة 2006/10/04
    باعتبارکم من اتباع المذهب الحنفی کان من المناسب ان تتصل بعلماء المذهب الحنفی لعل عندهم رؤیة خاصة فی المجال، اما وفقا لمذهب أهل البیت علیهم السلام فیکون الجواب بالنحو التالی:لقد اهتم الاسلام بامر الزواج وبحثه من اکثر من جانب، یقول الامام الخمینی (قدس) فی تحریر الوسیلة:مما ینبغی ان ...
  • هل ان تصنیف اصول الدین و فروعه مأخوذ من الأحادیث و روایات الأئمة (ع)؟
    6548 الکلام القدیم 2009/06/01
    تصنیف اصول الدین و فروعه بهذا الشکل المتداول بیننا لم یؤخذ من الأحادیث و روایات الأئمة (ع) بل ان علماء الدین هم الذین قاموا بتصنیف المسائل الدینیة علی هذه الصورة، و یرجع تاریخ البحوث فی هذین الأصلین الی النصف الثانی من القرن الأول الهجری و لکن لم یعرف بالضبط ...
  • ما هی أوجه الشبه و الاختلاف بین الامام المهدی (عج) و بین الموعود فی باقی الادیان الالهیة و غیر الالهیة؟
    7717 الکلام القدیم 2008/11/15
    ان الأدیان و المذاهب المعروفة و خصوصاً الأدیان الالهیة اشترکت فی التبشیر بظهور رجل له صفات نبیلة، و یعم الأمان و السلام فی کل العالم تحت ظل حکومته العالمیة و لا یبقی أثر للظالمین و المستکبرین، و سیأخذ حق المظلومین من المعتدین و سیکون الوضع علی وفق مراد المستضعفین، و ...
  • هل أهتم الاسلام بالقضایا الترفیهیة؟ و ما هو الحد المسموح به؟
    5225 العملیة 2011/12/13
    تصنف الدساتیر الصادرة من الشارع المقدس الى طائفتین: الاول التی تمثل الاصول المسلمة و الثابتة على مر العصور و الاجیال و لا تطالها ید التغییر أبداً و التی یجب على الجمیع امتثالها على مر العصور و فی جمیع البقاع؛ کالتوحید، النبوّة، العدل الالهی، قبح الظلم و وجوب اجتنابه و حسن ...
  • إذا کان النبی (ص) قد وُلد فی یوم الجمعة، فلماذا نحن نصوم الاثنین؟
    6742 الکلام القدیم 2010/02/28
    أولاً: إن من أکثر المسائل اختلافاً فی تاریخ حیاة النبی الأعظم (ص) هو الاختلاف فی تاریخ مولده الشریف (ص)، بحیث لو أردنا أن نجمع کل الأقوال المطروحة فی هذا المجال لوجدنا أکثر من عشرین قولاً. و قد اتفق عامة المؤرخین على أن مولد النبی الأکرم (ص) کان ...
  • لماذا لم یخلق الله جمیع العقول کاملة؟
    6644 الکلام القدیم 2006/12/07
    یوجد مرکز مستقر فی النفس الإنسانیة یطلق علیه اسم العقل، فالفکر و بعد النظر و المنطق و حساب الأشیاء و الاستدلال کل ذلک من معطیات هذا المرکز (العقل) و ثماره، وقد قُسِّم العقل إلى قسمین: العقل النظری، و العقل العملی.و قالوا: ان الدور الذی یلعبه العقل العملی هو الحفاظ ...

الأكثر مشاهدة

  • ما هي أحكام و شروط العقيقة و مستحباتها؟
    281202 العملیة 2012/08/13
    العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه، و الافضل ان تكون من الضأن، و يجزي البقر و الابل عنها. كذلك من الافضل تساوي جنس الحيوانات المذبوح مع المولود المعق عنه في الذكورة و الانوثة، و يجزي عدم المماثلة، و الافضل أيضاً أن تجتمع فيها شرائط ...
  • كيف تتم الإستخارة بالقرآن الكريم؟ و كيف ندرك مدلول الآيات أثناء الإستخارة؟
    260807 التفسیر 2015/05/04
    1. من أشهر الإستخارات الرائجة في الوسط المتشرعي الإستخارة بالقرآن الكريم، و التي تتم بطرق مختلفة، منها: الطريقة الأولى: إِذا أَردت أَنْ تَتَفَأَّلَ بكتاب اللَّه عزَّ و جلَّ فاقرأْ سورةَ الإِخلاص ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ صلِّ على النَّبيِّ و آله ثلاثاً ثمَّ قل: "اللَّهُمَّ تفأَّلتُ بكتابكَ و توكّلتُ عليكَ ...
  • ماهي أسباب سوء الظن؟ و ما هي طرق علاجه؟
    130315 العملیة 2012/03/12
    يطلق في تعاليمنا الدينية علی الشخص الذي يظن بالآخرين سوءً، سيء الظن، و من هنا نحاول دراسة هذه الصفه بما جاء في النصوص الإسلامية. فسوء الظن و سوء التخيّل بمعنى الخيال و الفكر السيء نسبة لشخص ما. و بعبارة أخرى، سيء الظن، هو الإنسان الذي يتخيّل و ...
  • كم مرّة ورد إسم النبي (ص) في القرآن؟ و ما هو السبب؟
    118165 علوم القرآن 2012/03/12
    ورد إسم النبي محمد (ص) أربع مرّات في القرآن الکریم، و في السور الآتية: 1ـ آل عمران، الآية 144: "وَ مَا محُمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلىَ أَعْقَابِكُمْ وَ مَن يَنقَلِبْ عَلىَ‏ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضرُّ اللَّهَ ...
  • ما الحكمة من وجود العادة الشهرية عند النساء؟
    90136 التفسیر 2012/05/15
    إن منشأ دم الحيض مرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشّر مخاطه ما يؤدي إلى نزيف الدم. إن نزيف دم الحيض و العادة النسوية مقتضى عمل أجهزة المرأة السالمة، و إن خروجه بالرغم من الألم و الأذى و المعاناة التي تعاني منها المرأة يمثل أحد ألطاف الله الرحيم ...
  • هل يستر الله ذنوب عباده عن أبصار الآخرين يوم القيامة كما يستر عيوب و معاصي عباده في الدنيا، فيما لو ندم المرء عن ذنبه و تاب عنه؟
    61874 الکلام القدیم 2012/09/20
    ما تؤكده علينا التعاليم الدينية دائماً أن الله "ستار العيوب"، أي يستر العيب و يخفيه عن أنظار الآخرين. و المراد من العيوب هنا الذنوب و الخطايا التي تصدر من العباد. روي عن النبي محمد (ص) أنه قال: " سألت الله أن يجعل حساب أمتي إليّ لئلا تفتضح ...
  • ما هو النسناس و أي موجود هو؟
    61639 الکلام القدیم 2012/11/17
    لقد عرف "النسناس" بتعاريف مختلفة و نظراً إلى ما في بعض الروايات، فهي موجودات كانت قبل خلقة آدم (ع). نعم، بناء على مجموعة أخرى من الروايات، هم مجموعة من البشر عدّوا من مصاديق النسناس بسبب كثرة ذنوبهم و تقوية الجانب الحيواني فيهم و إبتعادهم عن ...
  • لماذا يستجاب الدعاء أكثر عند نزول المطر؟
    57854 الفلسفة الاخلاق 2012/05/17
    وقت نزول الأمطار من الأزمنة التي يوصى عندها بالدعاء، أما الدليل العام على ذلك فهو كما جاء في الآيات و الروايات، حيث يمكن اعتبار المطر مظهراً من مظاهر الرحمة الإلهية فوقت نزوله يُعتبر من أوقات فتح أبواب الرحمة، فلذلك يزداد الأمل باستجابة الدعاء حینئذ. ...
  • ما هو الذنب الذي ارتكبه النبي يونس؟ أ ليس الانبياء مصونين عن الخطأ و المعصية؟
    53295 التفسیر 2012/11/17
    عاش يونس (ع) بين قومه سنين طويلة في منطقة يقال لها الموصل من ارض العراق، و لبث في قومه داعيا لهم الى الايمان بالله، الا أن مساعيه التبليغية و الارشادة واجهت عناداً و ردت فعل عنيفة من قبل قومه فلم يؤمن بدعوته الا رجلان من قومه طوال ...
  • هل أن أكل سرطان البحر هو حرام؟
    49657 الحقوق والاحکام 2019/06/10
    لقد ورد معيار في أقوال و عبارات الفقهاء بخصوص حلية لحوم الحيوانات المائية حيث قالوا: بالاستناد إلى الروايات فان لحوم الحيوانات البحرية لا تؤكل و هذا يعني إن أكلها حرام[1]. إلا إذا كانت من نوع الأسماك التي لها فلس[2]، و ...