نقدم لك بعض النقاط حول هذه الرواية:
1. لا أشكال لأي إمام معصوم أن ينقل رواية عن إمام معصوم آخر حتى و إن كان بينهما فاصل زمني، إذ سلسلة السند في أمثال هذه الروايات هي نفس الأئمة أبا عن أب.
توضيح ذلك هو أن الأئمة الأطهار كانوا يروون الأحاديث بذكر سلسلة السند عن آبائهم و أحيانا كانوا ينسبون الأحاديث إلى النبي الأعظم (ص) ليؤسسوا هذا الأصل و هو أن جميع أحاديثنا منقولة عن آبائهم عن النبي (ص)، مع أن أتباعهم كانوا يعتقدون بعصمتهم و لم يخف على أحد و رعهم و تقواهم و علمهم بصفتهم رواة على الأقل. و كان هدفهم من هذا العمل هو إمكان استناد باقي أتباع المذاهب الفقهية إلى هذه الروايات بصفتها روايات منقولة عن النبي (ص).[1]
إذن لا بأس أن ينقل الإمام الحسن العسكري (ع) عن الإمام الصادق (ع) هذا الحديث. و هذا أمر قد ثبت في علم الحديث و أمر واضح لدى علماء الحديث الشيعة.
2. لقد روي هذا الحديث عن الإمام الحسن العسكري في تفسير الآيتين الكريمتين 78 و 79 من سورة البقرة،[2] و هو في مقام ذم بعض عوام اليهود الذين اتبعوا علماءهم عن جهل و سذاجة. فهم لم يكونوا يعلمون عن كتابهم السماوي سوى بعض الخيالات و الأماني و لم يعوا شيئا من الحقائق.[3]
3. إن الكلمات التي جاءت في حديث الإمام الحسن العسكري (ع) نقلا عن الإمام الصادق (ع) و التي ذكرتها في السؤال ناظرة ـ باعتبار موضوع الآية الشريفة ـ إلى تقليد و تبعية غير الصالحين من العلماء، فقد تطرق الإمام الصادق (ع) في تكملة الحديث إلى خصائص هؤلاء العلماء الدجالين، و من جانب آخر أشار إلى صفات العلماء الصالحين و الواجدين لشرائط التقليد.
4. على أساس هذه الرواية، إن شاهد الناس من فقهائهم سلوكا مخالفا للتعاليم الدينية أو مواقف سيئة من قبيل الاختلاف على الدنيا أو تحيزا لأتباعهم و إن كانوا غير صالحين أو تهاجمَ على مخالفيهم و إن كانوا مستحقي الإحسان، فإن شاهدوا شيئا من هذه الأعمال بشكل واضح و صريح و مع هذا غضوا الطرف و قلدوهم، فهم مثل عوام اليهود مذمومون و هذا النوع من التقليد محظور.
أما إن كان فقيه مراقيا لنفسه محافظا لدينه مخالفا لهواه مطيعا لأمر مولاه فيجب على عوام الناس و غير أهل العلم بالمسائل الشرعية أن يقلدوه.
[1]. جمع من المؤلفين، مجلة فقه أهل البيت عليهم السلام، ج 32، ص 14 و 15، مؤسسة موسوعة الفقه الإسلامي على أساس مدرسة أهل البيت عليهم السلام، قم، الطبعة الأولى، بی تا.
[2]. راجع: الشيخ الحر العاملي، و سائل الشيعة، ج 27، ص 131، مؤسسة آل البيت عليهم السلام، قم، الطبعة الأولى، 1409ق.
[3]. راجع: المكارم الشيرازي، ناصر، الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، ج 1، ص 276 – 277، مدرسة الإمام علي بن أبي طالب (ع)، الطبعة الأولى، 1421 ق.