الفمینیسم لفظة فرنسیة، و هی من أصل لاتینی Femind و کذلک وردت بفارق طفیف فی بعض اللغات کالإنکلیزیة و الألمانیة، و استعمل بدلالة معینة Feminine، بمعنى المرأة (الجنس المؤنث)، و الفمینیسم کمصطلح یمکن أن یستعمل فی معنیین: المعنى الأوّل یستعمل بشکل عمومی و معروف؛ یعنی الفکر و النهضة التی یقال أنها تدافع عن حقوق المرأة مقابل الرجل على الساحات السیاسیة و الاجتماعیة و الاقتصادیة، و کنتیجة لتقدم هذه الفکرة و تطورها تم تشکیل العدید من المنظمات و الاتحادات التی ترعى النشاط النسوی و بعناوین مختلفة و متنوعة منها " التجمع النسوی" و "منظمة المرأة" و النهضة النسویة" و غیرها. و المعنى الآخر الذی یستعمل فیه هذا المصطلح هو ظهور صفات المرأة و مشخصاتها فی الرجال و هذا المعنى لیس مورداً لاهتمامنا.
الفمینیسم کعنوان للدفاع عن حقوق المرأة و مساواتها بحقوق الرجل له تاریخ یمتد إلى عدة قرون، و لکن من الممکن القول أن هذه المصطلح أخذ طریقه إلى الاستعمال بهذا المعنى أواسط القرن التاسع عشر المیلادی. و لأجل تحقیق هذا الفکر (فمینیسم) تشکلت عدة حرکات و منظمات مختلفة سلکت طرقاً متعددةً لبلوغ أهدافها. و من الناحیة التاریخیة یمکن تقسیم مراحل تکامل هذا الفکر إلى مرحلتین، المرحلة الأولى منذ أوائل القرن التاسع عشر و حتى العام 1920 م، (بعد الحرب العالمیة الأولى)، و المرحلة الثانیة تمتد منذ عقد الستینات فما بعدها. و قد عرف (الفمینیسم) فی مراحله الأولى على أنه نهضة تطالب بحقوق المرأة، و کانت بدایاتها فی الولایات المتحدة الأمریکیة، أی أن النساء هناک قمن بحرکة و نهضة ضد التفرقة العنصریة التی کانت تقوم على أساس (الجنس) و هدف هذا التحرک هو المطالبة بالحقوق، و کانت تقوم هذه الحرکة على أساس بعض المتبنیات الاجتماعیة و بعضها على أساس دینی.
و کانت هذه النهضة تنطوی على بعض نقاط الضعف، و لکن منذ العام 1970-1980 م، ظهرت العدید من الاتجاهات و المیول فی إطار (الفمینیسم) ابتداءً من المجامیع الإفراطیة المتطرفة مروراً بطیف المحافظین وصولاً إلى الاتجاهات الدینیة و المذهبیة.
و فی المحصلة ظهرت العدید من الأفکار و الرؤى و النظریات فی الدائرة الفکریة (للفمینیسم) و لکن الجمیع تشترک فی شعار واحد و هو الدفاع عن حقوق المرأة و القضاء على کل مظاهر التمییز بینها و بین الرجل. و من الطبیعی أن توجد محاور توجب الاختلاف و التعدد فی داخل دائرة هذا الفکر العامة.
و من الممکن الإشارة إلى الاتجاهات التی وجدت فی ضمن الدائرة الواسعة لفکر (الفمینیسم) کالآتی: الاتجاه اللیبرالی، و الاتجاه المارکسی، الاتجاه الرادیکالی، الاتجاه الاشتراکی "سوسیال" ، اتجاه ما بعد الحداثة.. و الاتجاه الإسلامی. فالفمینیسم بالرغم من انه یتمتع بقدم تاریخی طویل نسبیاً، و لکنه دخل إلى الأقطار الإسلامیة فی أواخر القرن التاسع عشر بطرق متعددة.
و تمکنت هذه النهضة و الحرکة الاجتماعیة خلال عدة عقود من تنظیم آرائها و تهذیب أفکارها و تجعلها على مستوى العلوم الجامعیة بعنوان Women's Studies (دراسات المرأة) إضافة إلى ذلک، فإنها عملت على تهیئة الظروف و الأجواء المناسبة لظهور حرکة جدیدة أسفرت هذه الحرکة عن وجود الخبراء فی مسألة شؤون المرأة و ما یتعلق بعالمها.
و من الضروری الالتفات إلى مسألة هامة و هی: إن وجود (الفمینیسم) الغربی باعتبارها حرکة اجتماعیة ثقافیة و تشکلها فی ظروف و أجواء خاصة جعل من الأسس التی تقوم علیها جمیع اتجاهات هذا الفکر مورداً للنقد الجدی و هذا ما یحتاج إلى دراسة و فرصة أخرى.