للجهاد جوانب مختلفة يستطيع كل فرد - ذكر وأنثى، متزوج وعزب - القيام بجزء منها على الأقل؛ مثل الجهاد الاکبر الذي یقصد منه في الروايات محاربة أهواء النفس الامارة وشهواتها.[1] تشیر بعض الروایات الی ان بعض اعمال المراة افعالها له أجر الجهاد، منها:
- خدمة الزوجة للزوج: جاء فی روايات مختلفة، عن النبي(ص)[2] والأئمة(ع)[3] باسانید مختلفة ان: "جهادُ المرأة حُسن التّبعُّل".
المرأة الواعیة والمسؤلة، إذا استطاعت توفير بيئة مواتية في المنزل من أجل نمو وكمال نفسها وزوجها، وخاصة أطفالها، سيكون لها تأثير إيجابي وفعال للغاية على إصلاح المجتمع وتربیة آحاده. في الواقع، للمرأة دور مباشر تلعبه في تفعيل القوى الأخرى لاصلاح المجتمع. وهذا الحديث يدل على أهمية واجب التدبير المنزلي لأنه يعتبره جهادا.
ف"حسن التبعل" الوارد في الحديث، جملة قصيرة، لكن لها معنى واسع، وتشمل كل الخيرات. ويمكننا وصف المرأة بحسن التبعل، اذا قبلت قیمومة زوجها وحمته وحافظت على مكانته في الأسرة وبين الأطفال واستشارته في الأمور المهمة واطاعت أوامره. وإذا لم ير من المناسب خروجها المنزل ولم يسمح بذلك، اطاعته ولم تخرج. وتشجع زوجها وتحول المنزل إلى مركز للنقاء والحب بسلوكها الحسن وأخلاقها الحميدة ومشاعرها. وتندفع لمساعدة زوجها في الصعوبات والمتاعب وتطلب مواساته. وتکون امینة بالنسبة الي أموال زوجها، وتتجنب الإسراف والتبذیر. ترتدي أفضل ملابسها في المنزل وتتتزین لزوجها. وتسعی في التدبير المنزلي وتربية الأطفال.
۲. الصبر على الشدائد: قال الإمام الباقر(ع): "إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ كَتَبَ عَلَى الرِّجَالِ الْجِهَادَ وَ عَلَى النِّسَاءِ الْجِهَادَ فَجِهَادُ الرَّجُلِ أَنْ يَبْذُلَ مَالَهُ وَ دَمَهُ حَتَّى يُقْتَلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ جِهَادُ الْمَرْأَةِ أَنْ تَصْبِرَ عَلَى مَا تَرَى مِنْ أَذَى زَوْجِهَا وَ غَيْرَتِه".[4]
- القيام بأعمال البيت: "رُوِيَ أَنَّ النِّسَاءَ قُلْنَ لِرَسُولِ اللَّهِ ص يَا رَسُولَ اللَّهِ ذَهَبَ الرِّجَالُ بِالْفَضْلِ بِالْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمَا لَنَا عَمَلٌ نُدْرِكُ بِهِ عَمَلَ الْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ مِهْنَةُ إِحْدَاكُنَّ فِي بَيْتِهَا تُدْرِكَ عَمَلَ الْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ".[5]
- حمل المرأة: عن الامام الصادق(ع) انه قال: "سَأَلْتُ أُمَّ سَلَمَةَ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) عَنْ فَضْلِ النِّسَاءِ فِي خِدْمَةِ أَزْوَاجِهِنَّ، فَقَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): مَا مِنِ امْرَأَةٍ رَفَعَتْ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا شَيْئاً مِنْ مَوْضِعٍ إِلَى مَوْضِعٍ تُرِيدُ بِهِ صَلَاحاً إِلَّا نَظَرَ اللَّهُ إِلَيْهَا، وَ مَنْ نَظَرَ اللَّهُ إِلَيْهِ لَمْ يُعَذِّبْهُ. فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا): زِدْنِي فِي النِّسَاءِ الْمَسَاكِينِ مِنَ الثَّوَابِ بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي. فَقَالَ: يَا أُمَّ سَلَمَةَ، إِنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا حَمَلَتْ كَانَ لَهَا مِنَ الْأَجْرِ كَمَنْ جَاهَدَ بِنَفْسِهِ وَ مَالِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ (عَزَّ وَ جَلَّ)، فَإِذَا وَضَعَتْ قِيلَ لَهَا: قَدْ غُفِرَ لَكِ ذَنْبُكِ فَاسْتَأْنِفِي الْعَمَلَ، فَإِذَا أَرْضَعَتْ فَلَهَا بِكُلِّ رَضْعَةٍ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ وُلْدِ ِسْمَاعِيلَ».[6]
من الواضح أن الحالات المذكورة أعلاه - التي لا معنى لها إلا للنساء المتزوجات - تم تقديمها كأمثلة على الأنشطة المفيدة للمرأة المسلمة التي يمكن أن تحل محل الجهاد. لذلك، في هذا الصدد، يمكن القول إن أي نشاط قيم ومشروع تؤديه المرأة المتزوجة والعازبة في المجتمع الإسلامي، يمكن أن یعتبر بديلا للجهاد بالنسبة لهن، كما انه يمكن للمرأة في بعض الحالات أن تدخل المعركة مباشرة.
[1]. راجع: «الجهاد مع النفس الاماره(الجهاد الاکبر)»، السؤال 45631؛ «الجهاد و المجاهدة في القرآن و الروایات»، السؤال ۲۳۷۱۴.
[2]. ابن شعبه الحرانی، الحسن بن علی، تحف العقول عن آل الرسول(ص)، المحقق، الغفاری، علی اکبر، ص 60، قم، مکتب النشر الاسلامی، الطبعة الثانیة، 1404ق.
[3]. الکلینی، محمد بن یعقوب، الکافی، المحقق والمصحح: الغفاری، علی اکبر، الآخوندی، محمد، ج 5، ص 9 و 507، طهران، دار الکتب الإسلامیة، الطبعة الرابعة، 1407ق؛ الکوفی، محمد بن محمد اشعث، الجعفریات(الأشعثیات)، ص 67، طهران، مکتبة نینوی الحدیثة، الطبعة الاولی، بدون التاریخ؛ شیخ الصدوق، الخصال، المحقق، الغفاری، علی اکبر، ج 2، ص 620، قم، مکتب النشر اسلامی، الطبعة الاولی، 1362ش.
[4]. الصدوق، محمد بن على، من لا یحضره الفقیه، المحقق، الغفاری، علی اکبر، ج 3، ص 439، قم، مکتب النشر الاسلامی، الطبعة الثانیة، 1413ق.
[5]. فتال النیشابوری، محمد بن احمد، روضة الواعظین و بصیرة المتعظین، ج 2، ص 376، قم، نشر رضی، الطبعة الاولی، 1375ش.
[6]. الطوسی، محمد بن الحسن، الأمالی، ص 618، قم، دار الثقافة، الطبعة الاولی، 1414ق.