یجدر بكل إنسان أن يكون في مجموعة مناسبة له وأن یجتمع مع أشخاص یکونون معه على رأی و سلوک واحد. وبما أن الإنسان كائن اجتماعي، فإن القیام والجلوس مع رفيق مناسب من أمنياته وآماله، كما يقول جلال الدین الرومي في المثنوي:
لو وجدت صدیقا حمیما لی لافشیت له بعض الاسرار.
ان الناس یبحثون في هذا العالم عن الأفراد والجماعات التي تناسبهم، وسوف يضعهم الله في الآخرة ضمن الفئات التي يستحقونها. وفي هذا الصدد، يقول القرآن الكريم في اوّلی آيات سورة التكوير حول مقدمات قیام القيامة: "اذا الشمس کورت، واذا النجوم انکدرت، واذا الجبال سیرت، واذا الوحوش حشرت، وإذا البحار سجرت، ثم يقول: «واِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَت».
هناک تفاسیر مختلفة لهذه الآیة ذکرها المفسرون نشیر الی بعضها فی ما یلی:
- لفظة "نفس" وهي مفردة كلمة "النفوس" تعني الروح. أي عندما تنفصل أرواح البشر عن أجسادهم بالموت، تعود إلى الجثث وتتزاوج معهم.[1] ووفقًا لهذه النظرية، إن "تزویج النفوس" يعني عودة الروح إلى الجسد.
- المراد هو الیوم الذی یُحشر الصالحون مع الصالحين، والمسيؤون مع المسيئين و.... فاذا ما جاور المؤمن مشركا، أو تزوّج الصالح من غير الصالحة في الحياة الدنيا، فان التصنيف يوم القيامة غير ذلك، فهو يوم الفصل، تنفصل هذه الصفوف عن بعضها تمامًا وتحشر کل فئة مع من تشاکلها وکل صنف مع من یماثله.[2]
- معنى التزویج المذكور في الآية المذكورة: زواج النفوس الطاهرة بنساء الجنة،[3] كما قال في موضع آخر: «لَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ».[4]
- «واِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَت»؛ أي أنهم يقرنون النفوس باعمالها من الخیر و الشر.[5]
- قال قتادة: المراد من «وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ»، اي أن الناس یحشرون على حسب دينهم، اليهودي مع اليهودي، والمسيحي مع المسيحي، وهكذا ... .[6]
- المقصود ضمّ آثار الاعمال الی الانسان؛ توضیح ذلک، أن الأنسب من أي شيء للنفس، التي هي مصدر الحركة والفعل، هي الآثار والأفعال التي تنبع من مصدر الفكر والغريزة. هذه الأثار والأفعال، التي هي أولاً وقبل كل شيء مكونات الخصائص وبالتالي الصورة الباقیة للنفس، تظل ثابتة وباقیة في أشكال مختلفة في البيئة الخارجية – ای النفوس الاخری والطبيعة المتأثر - بأشكال مختلفة.
مثلما تتحوّل القوى والأثار الطبيعية، بعد أن تصدر من مبدأ أصلها وتندمج مع عناصر أخرى، إلى أشكال مرکبة خاصة كاملة وأثار تتلائم معها، وتعود أخيرًا إلى مبدأ ومصدر القوة بشكل كامل ومحدّد. کذلک يتم أيضًا تسجيل تأثيرات الأشكال الفكرية والأفعال البشرية على صفحات المادة المستلمة، وأن اليد القوية للوقت، التي تفتح الصفحات وتطويها باستمرار، تلتقط صورة منها. بمجرد تفكك العناصر المكونة للطبيعة وعودتها إلى العنصر الرئيسي، وتحول العنصر الرئيسي واختفاء امتداد الزمان والمكان، تقترن هذه الآثار، التي ظلت كقوة وأصبحت نفسها مصدرًا للآثار، مرتبطة بسببها، أو مبدءها الذی هو روح الإنسان وتخلق شخصية الإنسان الباقی، ومن هذا المزيج النهائي، تظهر الآثار التي هي صورة للجنة أو الجحيم.[7]
- الغرض من تزویج النفوس هو لحوق اثر أعمال الإنسان به بشکل کامل. توضیح ذلک، أن الكثير من أفعال الإنسان على شكل ملکات، مرتبطة بالروح البشرية، ستكون معه في العالم وفي عالم البرزخ، لكن بعض الأعمال - الجيدة منها والسيئة - ستكتب بعد وفاته؛ فحینئذ یمکن ان یکون معنی الآیة، أن هذه الأعمال ستُعرض عليه كاملة في ذلك اليوم مع الأعمال السابقة، وهذا هو معنى "وَإِذَا النُّفُوسُ زوِّجَتْ".
[1]. الطبرسی، فضل بن حسن، مجمع البيان في تفسير القرآن، مقدمة، البلاغی، محمد جواد، ج 10، ص 674، طهران، ناصر خسرو، الطبعة الثالثة، 1372ش؛ مغنیة، محمد جواد، تفسير الكاشف، ج 7، ص 52، طهران، دار الکتب الإسلامیة، الطبعة الاولی، 1424ق.
[2]. المکارم الشیرازی، ناصر، تفسير نمونه، ج 26، ص 17، طهران، دار الکتب الإسلامیة، الطبعة الاولی، 1374ش.
[3]. الطباطبائی، سید محمد حسین، المیزان فی تفسیر القرآن، ج20، ص 21، قم، مکتب النشر الاسلامی، الطبعة الخامسة، 1417ق.
[4]. النساء، 57.
[5]. ابوالفتوح الرازى، حسين بن على، روض الجنان و روح الجنان في تفسيرالقرآن، تحقيق، الیاحقی، محمد جعفر، الناصح، محمد مهدى، ج20، ص 160، مشهد، مؤسسة القدس الرضوي للدراسات الاسلامیة، 1408ق.
[6]. الطبری، ابو جعفر محمد بن جریر، جامع البیان فی تفسیر القرآن، ج 30، ص 45، دار المعرفة، الطبعة الاولی، 1412ق.
[7]. الطالقانی، سید محمود، پرتوى از قرآن، ج 3، ص 176، طهران، الشرکة السهامیة للنشر، الطبعة الرابعة، 1362ش.