Please Wait
7706
یستفاد من الآیات القرآنیة إن السبب الرئیسی الذی کان وراء قتل قابیل لأخیه هابیل هو وجود رذیلة الحسد التی کانت تتأجج فی أعماق قابیل و التی أدت فی النهایة الى دفعه لقتل أخیه هابیل بشکل مأساوی.
إن القرآن الکریم قد شرح قصة أبناء آدم و قتل أحدهم للآخر بالشکل التالی: "إذ قربا قربانا ًفتقبل من أحدهما و لم یتقبل من الآخر"،[1] و قد أدى هذا الموضوع الى تهدید قابیل - الذی لم یتقبل عمله ـ لأخیه هابیل بالقتل، و "قال لأقتلنک"،[2] و لکن کان رد هابیل على ذلک التهدید الشدید و القاسی بتقدیم النصیحة لأخیه قابیل حیث قال له: إن ما حدث لیست انا السبب فیه بل کان بسببک أنت، حیث لم یکن عملک عمل متق و لم یکن خالصاً لله و قال "إنما یتقبل الله من المتقین".[3] و من ثم حدد هابیل موقفه فی تلک الازمة مع اخیه قائلا: " لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَیَّ یَدَکَ لِتَقْتُلَنی ما أَنَا بِباسِطٍ یَدِیَ إِلَیْکَ لِأَقْتُلَکَ إِنِّی أَخافُ اللَّهَ رَبَّ الْعالَمین".[4]
اضافة الى، اننی لا أرید أن أتحمل إثم غیری "إنی أرید أن تبوأ بإثمی و إثمک".[5]
و إذا کنت ترید حقاً أن تقتلنی سوف تتحمل أنت ذنوبی و آثامی السابقة لأنک ستسلب حیاتی منی و یجب ان تجزى بعملک هذا، و لأنه لیس لدیک أی عمل صالح فسوف تتحمل أنت ذنوبی و آثامی!، و من المؤکد أنه اذا قبلت هذه المسؤولیة الکبرى" فتکون من أصحاب النار و ذلک جزاء الظالمین".[6]
یتبین من الآیات الشریفة المذکورة أعلاه و بشکل و اضح إن السبب الأول و المصدر الرئیسی للإختلافات و القتل و البغی و التعدی فی تاریخ البشریة هو مسألة الحسد، حیث یشیر هذا الموضوع الى مدى الأثر البالغ لهذه الرذیلة الأخلاقیة فی الأحداث و فی الواقع الإجتماعی للإنسان.[7]
[1] . المائدة، 27.
[2] . المائدة، 27.
[3] . المائدة، 27.
[4] . المائدة، 28.
[5] . المائدة، 29.
[6] . المائدة، 29.
[7] . تفسیر الأمثل، ج4، ص 346؛ ترجمة تفسیر المیزان، ج 5، ص 491؛ من هدى القرآن، ج 2، ص 353.
نقرأ فی تفسیر من هدى القرآن تألیف السید محمد تقی المدرسی: ان قابیل لم یقتل أخاه من أجل الصراع على البقاء کما یزعم المذهب الداروینی، و لا من أجل الحصول على بنت أجمل کما یزعم المذهب الفرویدی، و لا من أجل سوء التربیة و ضغوط الاجتماع، أو الصراع الطبقی أو غیرها مما تزعمها المذاهب الاجتماعیة المختلفة، کلا، و لکنه قتله لحب الاستعلاء و الحسد، و إذا سیطرت البشریة على غریزة الاستعلاء فی ذاتها فقد وفقت للعیش بسلام مع بعضها و انتزعت من نفسها فتیل الحروب.