اسواق الفارکس اسواق یتم التعامل فیها من خلال العملات المتعددة (الریال، الدولار، الیورو، الباوند، الین، الدینار و...) و یتم خلالها شراء العملات بعضها بالبعض الآخر فمن توقع بان قیمة العملة الفلانیة فی طریقها الى الصعود یشتری تلک العملة لیبیعها عند تحقق ارتفاع القیمة، او یبیع العملة التی یمتلکها لارتفاع قیمتها فعلاً على أمل هبوط السعر فی المستقبل.
و هذه المعاملة لیست من المعاملات او الامور المستحدثة بل کانت موجودة من قدیم الایام حیث کان اصحاب رؤوس الاموال یقومون بهذه المعاملة بصورة مباشرة او یوکلون من یقوم بذلک نیابة عنهم او یستأجرون من یقوم بالمعاملة.
و لا اشکال فی هذه المعاملة شرعاً، لانها تتوفر على جمیع شروط المعاملة الصحیحة و فی نفس الوقت تخلو عن کل ما یخالف الشرع. فهی جائزة شرعاً.
اما مصطلح الفارکس بمعناه الحدیث "سوق الفارکس عبر الانترنیت" ففیه عدة اشکالات تؤدی الى حرمة المعاملة و عدم جواز تعاطیها. و من هذه الاشکالات:
1. الکثیر ممن یدخلون هذا المضمار عبر الانترنیت باعتبارهم عمالة و اصحاب رؤوس اموال فی سوق الفارکس و یعلمون لانفسهم مواقع او وبلاک لا یمتلکون شخصیة و هویة ممیزة و لا یهدفون الا الى الاحتیال و نهب اموال الناس، و بما انهم مجهولوا المکان و الهویة من هنا لا یتمکن المغبون و المخدوع من استیفاء حقه فیذهب رأس ماله هدراً.
2. هناک طائفة أخرى منهم تمتلک هویة ممیزة و معروفة و یعرضون معاملتهم بشکل یومی على صفحات مواقعهم فی الانترنیت و من هنا یطمئن الزبون الى صحة تعاملهم و ان معاملاتهم تجری بصورة شرعیة و قانونیة و لذلک یتعامل معهم استناداً الى هذا الاطمئنان، الا ان حقیقة الامر غیر ذلک و ما یعرضون مجرد صورة وهمیة و ان حقیقة عملهم فی الواقع غیر مشروعة لانهم یستثمرون الاموال فی طرق غیر شرعیة کالتهریب و... من هنا یکون الفارکس ممنوعا شرعا، اضافة الى عدم الالتزام بالشرط الذی حدده صاحب المال بان تکون المعاملة فی بیع و شراء العملات خاصة و هذا ما یعبّر عنه فی الفقه الشرعی بتخلف الشرط.
3. هناک طائفة ممن تتعامل فی اسواق الفارکس یحملون هویة ممیزة و یتعاملون فی بیع و شراء العملات خاصة، لکنهم اثناء التعاقد مع صاحب المال یضعون بعض الشروط المخالفة للشرع (من قبیل اعطاء الربح الربوی لصاحب المال فی حال لم یتمکن العامل من تحریک المال بیعا و شراء. و بعبارة اخرى یعطون للصاحب المال مقدارا من المال عند توقف المال عن الحرکة بیعا و شراءً بسبب تقلبات السوق) و هذا ما یؤدی الى بطلان أصل العقد لانه قد اشتمل على شرط محرم. من هنا یحرم التعامل هنا ایضاً.
تحصل: انه یجوز التعامل فی اسواق الفارکس التی یتم التعامل بها عبر الانترنیت، إذا کانت متوفرة على الشروط اللازمة لصحة المعاملة الشرعیة من قبیل (الهویة الشخصیة الممیزة للعامل و الالتزام بشرط صاحب المال فی کون التعامل فی بیع و شراء العملة خاصة بالاضافة الى عدم الشرط المخالف للشرع و القانون و ....
الجدیر بالذکر أن البنک المرکزی فی الجمهوری الاسلامیة الایرانیة یتعامل عن طریق الفارکس و لکن مع توفر جمیع الشروط و الضوابط الشرعیة و القانوینة، و من هنا یمکن التعامل معه فی هذا المجال و لا اشکال فی ذلک شرعاً.[1]
[1]حوار هاتفی مع حجة الاسلام و المسلمین الدکتور عباس موسویان الخبیر فی البنک المرکزی فی الجمهوریة الاسلامیة فی ایران.