أولا هناک فرق بین القیوم و القائم بالذات. کلمة القیوم بما أنها بصیغة المبالغة فتتضمن معنى أعلى درجة من القائم، کما أن لفظ القائم ناظر إلى وجود الشیء بغض النظر عن علاقته بالغیر، أما فی القیوم فقد أخذ فیه معنى مقومته للغیر مضافا إلى قیامه بالذات. إذن القیوم بالإضافة إلى کونه قائما بالذات، قیام الغیر به أیضا. و لکن القاسم المشترک بین المعنیین (القیوم و القائم بالذات) هو معنى القیام بالذات فی مقابل القیام بالغیر و نحن نتکلم عن هذا المعنى المشترک.
ثانیا یجب أن نعرف ما الفرق بین القائم بالذات و الجوهر، حیث یمکن أن نطلق الأول على الله بخلاف الثانی. فیرجع هذا البحث إلى أبحاث ابن سینا و بحثه المهم فی نظامه الفلسفی، أی "تمایز الوجود عن الماهیة" (الآن لا ندخل فی موضوع أن هل هذا التمایز مفهومی أم مصداقی).
قبل ابن سینا کان یعرف الجوهر بالموجود القائم بالذات الذی لا یوجد فی موضوع. و فی مقابله العرض الذی لا یقوم بذاته و یوجد فی الموضوع. المقسم فی هذا التعریف غیر السینوی هو "الموجود" و هو تعریف قریب إلى المدرسة الأرسطیة. و لکن جاء ابن سینا و نقل هذا التقسیم من "الموجود" إلى "الماهیة". یعنی یرى أن المقسم الحقیقی فی التقسیم إلى الجوهر و العرض هو الماهیة لا الوجود. و قد أشار ابن سینا إلى هذه المسألة فی إلهیات الشفاء. إذن کلما تکلمنا عن الجوهر فی الواقع نحکی عن الماهیة التی "إذا وجدت لا توجد فی موضوع".
و لکن هناک بحث مهم فی الإلهیات یقول: "الواجب لا ماهیة له" و بتعبیر آخر "الواجب تعالى ماهیته إنیته" و هذا یدل على سلب الماهیة عن الله. فإذا أرفقنا القضیتین معا یعنی "الجوهر ماهیة" و "إن الله لیس بماهیة" نخرج بنتیجة "أن الله لیس بجوهر". و بعبارة أخرى، إطلاق الجوهر على الواجب فی الواقع إطلاق مفهوم لا یتحد مع مصداقه و لا یحکی عن مصداقه و لهذا لیس صالحا.
أما بالنسبة إلى مفهوم "القائم بالذات" فلا یوجد هذا المحظور. أی لم یقیّد هذا المفهوم بالماهیات. بل هو من المعقولات الفلسفیة الثانیة التی سعتها أوسع من الماهیات و تطلق على کل الموجودات. و علیه فیمکن إطلاقها على الله سبحانه.