فی أثناء معرکة أحد اشاع بعض المشرکین و المنافقین فی أوساط المسلمین فکرة خطیرة للحد من مشارکة المسلمین فی الجهاد، مفادها أن المسلمین و المؤمنین بذهابهم للمعرکة یعرضون أنفسهم للهکلة و القتل، و ان الخلاص من هذا المصیر ینحصر فی البقاء فی المدینة و عدم الالتحاق بالجیش الاسلامی، فجاء الآیة تکذیبا للکفّار فی زعمهم هذا.
و فی خصوص التقدیم و التأخیر یشیر العلامة الطباطبائی الى نکتة دقیقة فیه قائلاً: قوله تعالى: "وَ لَئِنْ قُتِلْتُمْ فِی سَبِیلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَ رَحْمَةٌ خَیْرٌ مِمَّا یَجْمَعُونَ" الظاهر أن المراد مما یجمعون هو المال و ما یلحق به الذی هو عمدة البغیة فی الحیاة الدنیا.
و قد قدم القتل ها هنا على الموت لأن القتل فی سبیل الله أقرب من المغفرة بالنسبة إلى الموت فهذه النکتة هی الموجبة لتقدیم القتل على الموت، و لذلک عاد فی الآیة التالیة: " وَ لَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ" إلى الترتیب الطبیعی بتقدیم الموت على القتل لفقد هذه النکتة الزائدة.
أما الطاهر بن عاشور فقد نظر الى القضیة من زاویة أخرى حیث قال: و قدّم القتل فی الأولى و الموت فی الثانیة اعتبارا بعطف ما یظنّ أنّه أبعد عن الحکم فإنّ کون القتل فی سبیل اللّه سببا للمغفرة أمر قریب، و لکن کون الموت فی غیر السبیل مثل ذلک أمر خفی مستبعد، و کذلک تقدیم الموت فی الثّانیة لأنّ القتل فی سبیل اللّه قد یظنّ أنّه بعید عن أن یعقبه الحشر، مع ما فیه من التفنّن، و من ردّ العجز على الصدر و جعل القتل مبدأ الکلام و عوده.
فی السنة الثالثة للهجرة و بالتحدید فی معرکة أحد اشاع بعض المشرکین و المنافقین فی أوساط المسلمین فکرة خطیرة للحد من مشارکة المسلمین فی المعرکة، مفادها أن المسلمین و المؤمنین بذهابهم للمعرکة یعرضون أنفسهم للهکلة و القتل " یا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا لا تَکُونُوا کَالَّذینَ کَفَرُوا وَ قالُوا لِإِخْوانِهِمْ إِذا ضَرَبُوا فِی الْأَرْضِ أَوْ کانُوا غُزًّى لَوْ کانُوا عِنْدَنا ما ماتُوا وَ ما قُتِلُوا لِیَجْعَلَ اللَّهُ ذلِکَ حَسْرَةً فی قُلُوبِهِمْ وَ اللَّهُ یُحْیی وَ یُمیتُ وَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصیرٌ"[1] و ان الخلاص من هذه النتیجة ینحصر فی البقاء فی المدینة و عدم الالتحاق بالجیش الاسلامی[2]، فجاء قوله تعالى «.....لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ» تکذیبا للکفّار فی زعمهم أنّ من ضرب فى الأرض أو غزا لو کان عندهم فی المصر لم یمت، و نهى المسلمین عن ذلک الاعتقاد لأنّه سبب التّخلّف عن الجهاد ثمّ قال: و لو کان الأمر کما تزعمون و تمّ علیکم ما تخافون من الهلاک بالموت أو القتل فی سبیل اللّه فإنّ ما تنالونه من المغفرة و الرّحمة بالموت فی سبیل اللّه خیر ممّا تجمعونه من منافع الدّنیا لو لم تموتوا، أو ممّا یجمعه الکفّار.[3]
و فی خصوص التقدیم و التأخیر یشیر العلامة الطباطبائی الى نکتة دقیقة فیه قائلا: قوله تعالى: وَ لَئِنْ قُتِلْتُمْ فِی سَبِیلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَ رَحْمَةٌ خَیْرٌ مِمَّا یَجْمَعُونَ الظاهر أن المراد مما یجمعون هو المال و ما یلحق به الذی هو عمدة البغیة فی الحیاة الدنیا.
و قد قدم القتل هاهنا على الموت لأن القتل فی سبیل الله أقرب من المغفرة بالنسبة إلى الموت فهذه النکتة هی الموجبة لتقدیم القتل على الموت، و لذلک عاد فی الآیة التالیة: " وَ لَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ" إلى الترتیب الطبیعی بتقدیم الموت على القتل لفقد هذه النکتة الزائدة.[4]
و قد تعرض المحقق مصطفوی لتفسیر الآیة المبارکة قائلاً: اما الآیة 158 ففیها عودة الى الاجابة عن الشبهة المذکورة ثم التعرض للموت الذی یعد أمراً طبیعیاً، فتؤکد لهم أن الانسان سواء قطن المدینة أم القریة أم البادیة و سواء تحرک نحو الجهاد أم سکن و تخلف عنه، فان الموت سیدرکه و سیحشر الى الله تعالى؛ فلا مبرر لترک الجهاد و لا طائل من ورائه، و ان من یشترک فی الحرب لا یفقد شیئاً ما أبداً، من هنا اقتضت الحالة أن یبدأ الکلام بکلمة "متم"؛ و ذلک لان الانتقال من هذه الدنیا الى الآخرة إنما یتم فی الأعم الأغلب عن طریق الموت الطبیعی، ثم أردف ذلک بقوله "قتلتم" الذی یعنی الشهادة، و ذلک لقلة الراحلین من خلال هذا الطریق.[5]
أما الطاهر بن عاشور فقد نظر الى القضیة من زاویة أخرى حیث قال: و قدّم القتل فی الأولى و الموت فی الثانیة اعتبارا بعطف ما یظنّ أنّه أبعد عن الحکم فإنّ کون القتل فی سبیل اللّه سببا للمغفرة أمر قریب، و لکن کون الموت فی غیر السبیل مثل ذلک أمر خفی مستبعد، و کذلک تقدیم الموت فی الثّانیة لأنّ القتل فی سبیل اللّه قد یظنّ أنّه بعید عن أن یعقبه الحشر، مع ما فیه من التفنّن، و من ردّ العجز على الصدر و جعل القتل مبدأ الکلام و عوده.[6]
و الجدیر بالذکر ان الاختلاف فی التعبیر و التبدیل فی الکلمات تقدیماً أو تأخیراً و ما شابه ذلک، یعد نوعا من التفنن و المحسنات البدیعیة.
[1] ال عمران، 156.
[2] الطبرسی، فضل بن حسن، جوامع الجامع، ج 1، ص 216، جامعة طهران، طهران، الطبعة الاولی، 1377 ش.
[3] نفس المصدر.
[4] الطباطبائی، محمد حسین، المیزان فی تفسیر القران،ج 4، ص 86 ، مکتب الاعلام الاسلامی، قم، الطبعة الخامسة، 1417 ق.
[5] مصطفوی، حسن، تفسیر روشن، ج 5، ص 112، مرکز نشر کتاب، طهران، 1380 ش، الطبعة الاولی.
[6] ابن عاشور، محمد بن طاهر، التحریر و التنویر، ج 3، ص 264-265 .