توجد روایات کثیرة تدل على وجود ولد للامام الحسن العسکری (ع) نقلتها مصادر الفریقین المشهورة.
اما بالنسبة الى الشق الثانی فقد روی ان الامام امر شیعته بالرجوع إلى أمّه من بعده من دون تعرض لذکر الاموال؛ و من الواضح ان الهدف من ذلک- کما اشارت الى ذلک روایة اخرى- هو اخفاء الخلیفة الحقیقی (امام العصر(عج)) و هذا یشبه موقف الامام الحسین (ع) عند ما اوصى السیدة زینب (ع) مع وجود الامام السجاد (ع).
ذکرت المصادر الشیعیة الکثیر من الروایات التی تدل على وجود ولد للامام الحسن العسکری (ع) و ان هذه الروایات بحد من الکثرة حتى انها تصل الى حد التواتر یمکن مراجعتها فی بعض المصادر منها: اصول الکافی( کتاب الحجة، باب الاشارة و النص الى صاحب الدار(ع)، و باب فی تسمیة من رءاه و باب مولد الصاحب ) و کتاب بحار الانوار( کتاب الغیبة).
و کنموذج نذکر روایة واحدة وردت فی الکافی تامة سندا و واضحة دلالة و هی:" مُحَمَّدُ بْنُ یَحْیَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ أَبِی هَاشِمٍ الْجَعْفَرِیِّ قَالَ قُلْتُ لِأَبِی مُحَمَّدٍ (ع) جَلَالَتُکَ تَمْنَعُنِی مِنْ مَسْأَلَتِکَ فَتَأْذَنُ لِی أَنْ أَسْأَلَکَ فَقَالَ سَلْ قُلْتُ یَا سَیِّدِی هَلْ لَکَ وَلَدٌ فَقَالَ نَعَمْ ..."[1]
و رجال السند عبارة عن کل من:
1- محمد بن یحیى العطار.
وصفه النجاشی و العلامة الحلی بقولهما: شیخ اصحابنا فی زمانه ثقة عین کثیر الحدیث؛ و وصفه ابن داود بانه کثیر الروایة ثقة.[2]
2- احمد بن اسحاق بن عبد الله بن سعد الاشعری:
و هو الرجل الثانی من رجال السند یعد من کبار رجال الشیعة، وثّقه کل من الطوسی و العلامة و الحلی[3] وصفه الشیخ الطوسی بقوله: کبیر القدر، و کان من خواص ابی محمد العسکری(ع) و رأى صاحب الزمان(ع) و هو شیخ القمیین و وافدهم، ثقة.[4]
3- داود بن القاسم الجعفری
وصفه الرجالیون بالوثاقة و عظم المنزلة قال النجاشی بحقه: رحمه الله کان عظیم المنزلة عند الائمة (ع) شریف القدر، ثقة.
و قال الشیخ الطوسی: جلیل القدر عظیم المنزلة عند الائمة (ع). و کذلک قال عنه العلامة الحلی.[5]
اتضح ان الحدیث صحیح لوثاقة رجاله و اتصال السند فلا یوجد ادنى اشکال فیه اضف الى تمامیة دلالته.
اضف الى ذلک ان الکلینی الذی یعد من الرجال المعاصرین لمرحلة الغیبة الصغرى و من کبار رجال الشیعة الذین لا توجد ادنى خدشة فی عظم جلالة قدرهم؛ أشار الى ولادة الامام الحجة و انه ولد فی النصف من شعبان جاء ذلک فی اول کتاب مولد الصاحب (عج) من کتاب الکافی.[6]
فهذه الشهادة من الکلینی کافیة فی اثبات ولادة الامام حتى على فرض عدم وجود روایة فی هذا المجال و ذلک باعتبار ان الکلینی کان یعیش فی عصر الغیبة الصغرى و هل توجد شهادة افضل من تلک الشهادة؟
اضف الى روایات الشیعة هناک الکثیر من علماء اهل السنة ممن نقل ولادة الامام (ع) نشیر الى بعضها:
1- ذکر الذهبی فی تاریخه: الحسن بن علی بن محمد بن علی الرضا بن موسى بن جعفر الصادق.
وأما ابنه محمد بن الحسن الذی یدعوه الرافضة القائم الخلف الحجة، فولد سنة مائتین و ثمان و خمسین، و قیل: سنة مائتین و ست و خمسین. عاش بعد أبیه سنتین ثم عدم...[7]
وان کان الذهبی لم یقبل هذه الروایة و نظر الیه بعین الاستهزاء الا ان عدم قبوله بها لایکشف عن عدم صحتها خاصة انه لم یناقش فی سندها او دلالتها وانما نظر الیها من زاویة مذهبیة ونفسیة لما عرف عنه من تعصب فی هذا المجال.
2- ابن الاثیر فی الکامل قال فی وصف الامام الحسن العسکری(ع): و هو والد محمد الذی تعتقد الشیعة انه غاب فی سرداب سامراء و هم ینتظرونه.[8]
اما بالنسبة الى الشق الثانی من السؤال نقول:روی عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِیمَ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى حَکِیمَةَ بِنْتِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ الرِّضَا أُخْتِ أَبِی الْحَسَنِ صَاحِبِ الْعَسْکَرِ (ع) فِی سَنَةِ اثْنَتَیْنِ وَ سِتِّینَ وَ مِائَتَیْنِ فَکَلَّمْتُهَا مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ فَقُلْتُ إِلَى مَنْ تَفْزَعُ الشِّیعَةُ؟ فَقَالَتْ: إِلَى الْجَدَّةِ أُمِّ أَبِی مُحَمَّدٍ (ع). فَقُلْتُ لَهَا: أَقْتَدِی بِمَنْ [فِی] وَصِیَّتِهِ إِلَى امْرَأَةٍ! فَقَالَت: اقْتِدَاءً بِالْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ (ع) وَ الْحُسَیْنُ بْنُ عَلِیٍّ أَوْصَى إِلَى أُخْتِهِ زَیْنَبَ بِنْتِ عَلِیٍّ فِی الظَّاهِرِ وَ کَانَ مَا یَخْرُجُ عَنْ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ (ع) مِنْ عِلْمٍ یُنْسَبُ إِلَى زَیْنَبَ سَتْراً عَلَى عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ (ع).[9]
و هنا لابد من الاشارة الى بعض الامور:
1- ان الامام الحسن العسکری(ع) ارجع شیعته الى أمّه علیها السلام.
2- لعل الغایة من اخفاء امر القائم (ع) فی تلک الفترة هو ابعاد اذى السلطة و مزاحمتهم لعائلة الامام العسکری(ع) و الحفاظ على حرمة و قداسة تلک الاسرة امام مرتزقة العباسیین فی ذلک الوقت. و قد تکون هناک اسباب اخرى نحن لانعرفها لبعدنا عن تلک الاجواء التی کان یعیشها الامام الحسن العسکری(ع) مما دعته لاتخاذ قرار الاخفاء.
3-انه لم تذکر قضیة الاموال فی وصیة الامام لامه بل ان الروایة تشیر الى کون الوصیة مطلقة ای انه علیه السلام جعل امه وصیة عنه فی کل شیء.
[1] الکلینی، الکافی (کتاب الحجة، باب الاشارة و النص الی صاحب الدار(ع) ، حدیث2، ج 1 ، ص 328 ، الطبعة الرابعة ، نشر دار الکتب الإسلامیة ، طهران ، 1407 ق.
[2] رجال النجاشی، ص 353؛ رجال ابن داود، ص 340؛ الخلاصه للحلی ص 157.
[3] رجال الکشی ، ص 558؛ رجال الطوسی، ص 397.
[4] فهرست الطوسی، ص 63.
[5] رجال النجاشی ص 156؛ فهرست الطوسی ص 182؛ رجال الطوسی ص 375؛ خلاصة الحلی ص 68.
[6] الکافی ، ج 1، ص 514.
[7] شمس الدین محمد بن احمد الذهبی ، تاریخ الاسلام ، ج 19 ، ص 113 ، الطبعة الثانیة، نشر دار الکتاب العربی ، بیروت، 1413ق.
[8] عز الدین علی ابن الاثیر ، الکامل فی التاریخ (ترجمة الکامل) ، ترجمه عباس خلیلی و ابوالقاسم حالت،ج 18،ص 129 ، ناشر، موسسة مطبوعاتی علمی، طهران ، 1371ش.
[9] العلامة المجلسی، بحار الانوار، ج 46، ص 19 و ج 51 ، ص363 ، مؤسسة الوفاء بیروت، لبنان، 1404 ق؛ الشیخ الصدوق ، کمال الدین ،ج 2،ص 501 و 507،؛ الشیخ الطوسی، الغیبة ، ص 229.