إن للإنسان مکانة ممتازة بین موجودات هذا العالم، و إنه یمتلک قوى و استعدادات هائلة فإذا ما أحسن تنمیة هذه القوى و إخراجها إلى عالم الفعلیة ـ و هذا ما یحصل بالتقرب إلى الله و عبادته و إطاعته ـ فإنه من الممکن أن یکون له قدر من الولایة و التصرف فی عالم الخلق بقدر سعیه وحجم عمله.
و على هذا الأساس یقول الإمام الحسن المجتبى (ع): «من عبد الله عبّد الله له کل شیء».
فی البدایة نقول: إن البحث فی التصرف فی عالم الخلق یندرج ضمن البحث عن الولایة التکوینیة، و معنى الولایة التکوینیة إدارة الموجودات فی العالم و التصرف العینی فیها، و هو أمر منحصر أولاً و بالذات فی ذات المولى المقدسة (الله) و ثانیاً و بالعرض بالنبی (ص) و الأئمة المعصومین (ع) و الإنسان الکامل. و هذه القاعدة یمکن ملاحظتها بصورة برنامج تنویری فی الکثیر من موضوعات القرآن الکریم من قبیل العزة و القوة و الشفاعة[1].
و ببیان آخر فإن الولایة التکوینیة تعنی القوة و الاقتدار على التصرف فی مادة الکائنات بإذن الله التکوینی. و على هذا الأساس فإن جمیع المعجزات و الکرامات التی یظهرها الأولیاء تکون بواسطة هذه الولایة التکوینیة.
و علیه یمکن القول أن معجزات مثل (شق القمر) و (انقلاع الشجرة من مکانها و تحرکها نحو الرسول) من قبل نبی الإسلام (ص) و (شق الأرض) و (شق البحر) من قبل موسى (ع) فی قصة قارون و فرعون. و إحیاء الموتى من قبل عیسى (ع) و قلع باب قلعة خیبر من قبل الإمام علی(ع) کل هذه الأمور لیست إلا من قبیل تصرف الإنسان الکامل فی الکائنات، بواسطة الولایة التکوینیة[2].
إذن فالأنبیاء و الأئمة المعصومون (ع) یمتلکون مثل هذه الولایة و القدرة على التصرف.
و الآن و قد اتضح معنى الولایة التکوینیة فمن اللازم معرفة مسألة مهمة و هی أن للإنسان مرتبة و موقعیة ممتازة و عالیة بین موجودات هذا العلم، فإذا استطاع أن یسیطر على نفسه و ینمی قدراته و استعداداته و تحویلها إلى عالم الفعل و هذا لا یتم إلا بالتقرب إلى الله و فی دائرة طاعته و عبادته، فإنه سوف یصل إلى مرتبة و مقام الولایة و التصرف فی عالم الخلق و ذلک بمقدار سعیه و عمله و جهاد نفسه.
و على هذا الأساس جاء قول الإمام الحسن المجتبى (ع): «من عبد الله عبّد الله له کل شیء»[3]. و عبارة الإمام هذه تعنی أن منشأ الولایة التکوینیة هو عبادة الله، و العبادة وحدها التی تجعل من الإنسان إنساناً إلهیاً و إن لم یکن إلهاً.
و قد جاء فی الأحادیث القدسیة أن الله قال: «عبدی أطعنی تکن مثلی»[4].
و کذلک قال: "ابن آدم أنا غنی لا أفتقر أطعنی فیما أمرتک أجعلک غنیاً لا تفتقر یا ابن آدم أنا حی لا أموت أطعنی فیما أمرتک أجعلک حیاً لا تموت، یا ابن آدم أنا أقول للشیء کن فیکون، أطعنی فیما أمرتک أجعلک تقول لشیء کن فیکون"[5].
لمزید الاطلاع تراجع المواضیع التالیة:
1ـ الإمام علی (ع) و علم الغیب و خالق الأرض و الرعد و البرق (السؤال 7474 الموقع: 8022).
2ـ وجه الله تعنی الإمام علی (ع) السؤال 8683 (الموقع: 10616).
3ـ (سعادة و کمال الإنسان) السؤال 704 (الموقع: 753).
4ـ (الإنسان و مقام خلیفة الله)، السؤال 2058 (الموقع: 2370).
[2]ترخان قاسم،.نگرشی عرفانی، فلسفی و کلامی به: شخصیت و قیام امام حسین (ع)= شخصیة الامام الحسین نظرة عرفانیة فلسفیة کلامیة، ص 109 – 110، نشر چلچراغ، قم، ، الطبعة الاولی، 1388ش.
[3]المجلسی، محمد باقر، بحار الأنوار، ج68، ص184، مؤسسة الوفاء بیروت ـ لبنان، 1404 ق.
[4]آملی، سید حیدر، جامع الأسرار و منبع الأنوار، ص 363.
[5] بحار الأنوار، ج90، ص376؛ الحلی، ابن فهد، عدة الداعی، ص310، دار الکتاب الإسلامی، 1407 ق.