Please Wait
الزيارة
5877
محدثة عن: 2009/04/09
کد سایت fa1232 کد بایگانی 4448
گروه الکلام القدیم
خلاصة السؤال
هل أننا سوف نعمل الصالحات إذا ما أعادنا الله إلى دار الدنیا بعد الموت؟
السؤال
هل أننا سوف نعمل الصالحات إذا ما أعادنا الله إلى دار الدنیا بعد الموت؟. فإذا ما منحنا الله هذه الفرصة فهل أننا سوف نتحلى بأخلاق أفضل و سیرة أحسن؟
الجواب الإجمالي

أولاً: إن عودة الإنسان إلى الدنیا ثانیة على أساس رغبة الناس و مشتهیاتهم موجب لعبثیة نظام الخلق و بعثة الأنبیاء.

ثانیاً: و على فرض تحقق المحال فلو أمکن عودة هؤلاء الراغبین بالعودة، فلیس من المعلوم أن یأتوا بالأعمال الصالحة، لأن الدنیا هی الدنیا و هم أیضاً هم بکل ما تنطوی علیه نفوسهم من أهواء و میول، کما کانوا فی الدنیا یقتنعون بتفاهة أعمالهم و ضرورة ترکها إلا أنهم یعاودون العمل بها إشباعاً لرغباتهم و إرضاءً لشهواتهم.

الجواب التفصيلي

إن السنة الإلهیة تقتضی أن کل شیء یسیر باتجاه الکمال، و أن الله خلق الإنسان فی هذه الدنیا و زوده بحجتین حجة باطنة «العقل» و حجة ظاهرة «الوحی» حتى یتمکن من الحرکة باتجاه التکامل، فإذا فرضنا إمکانیة عودة الإنسان بحسب رغبته إلى الدنیا بعد موته، فإن ذلک یوجب عبثیة الخلق و بعثة الأنبیاء من قبل الله تعالى، و هذا مخالف لسنة الله.

و إذا فرضنا تحقق المحال و أن هؤلاء الأفراد عادوا إلى الدنیا فلیس من المعلوم أن تکون أعمالهم صالحة، و سیرتهم حسنة، لأن الدنیا هی الدنیا، و أن الإنسان یتمتع فیها بالإرادة و الاختیار و تنطوی نفسه على نفس الأهواء و الرغبات إضافة إلى وساوس الشیطان و العناد و التکبر و الطغیان، و نتیجة القول أن نفس العوامل التی حملته فی المرة الأولى على ارتکاب المعاصی و الذنوب و عمل السوء موجودة بعینها و سوف تعمل عملها حینما نفترض العودة إلى الحیاة الدنیا مرة أخرى[1].

و على هذا الأساس نفهم ما ورد فی القرآن الکریم فی قوله تعالى: «حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّی أَعْمَلُ صَالِحًا فِیمَا تَرَکْتُ کَلاَّ إِنَّهَا کَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا»[2].

و من اللافت أن جواب الخالق لهؤلاء کان من خلال لفظة «کلا» و هذا اللفظ یدل على رفض الطلب إضافة إلى إبطال المدعى. و معنى ذلک أن طلب العودة مرفوض بالنسبة لهم، و کذلک لم یکن إدعائهم صادقاً و صحیحاً فی قولهم إننا سوف نعمل صالحاً و نتلافى ما فرط من أعمالنا، و إن الله سبحانه یؤکد أن اجعائهم فارغ، و أنهم إن قدر لهم العودة فسوف یستأنفون أعمالهم السیئة و ممارساتهم الشاذة[3].

کما أنه یفهم من قولهم «لعل» عدم الاطمئنان و الثقة بالنفس فی المستقبل. و یعلمون إن هذا الندم و الأسف ناتج للأوضاع و الظروف الحرجة التی یمرون بها. و علیه فإنهم سوف یعودون الى سیرتهم الأولى حال تحررهم من هذه الظروف فی حالة افتراض عودتهم إلى الدنیا[4] و المهم فی نهایة المطاف أن العودة لا فائدة فیها و أن الله سبحانه یصرح بذلک فی موضع آخر من القرآن الکریم فی قوله: «و َلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ»[5]. فیقظتهم مؤقتة و لیست ثابتة[6]. و مثل هؤلاء کمثل الکفار و العصاة الذین یتعرضون للعواصف فی أعماق البحر فیلجأون إلى الله عند ما تضغط علیهم الظروف السیئة و یحیط بهم خطر الموج و الموت و لکنهم بمجرد أن یعودوا إلى حیاتهم العادیة ینسون کل شیء و یعاودوا ممارساتهم و معاصیهم.



[1] المیزان، ج 7، ص 60.

[2] المؤمنون، 99 - 100.

[3] انظر: التفسیر الأمثل، ج 10، ص 505؛ المیزان، ج 5، ص 61.

[4] تفسیر التبیان، ج 7، ص 393؛ کنز العرفان، ج 9، ص 212.

[5] الأنعام، 28.

[6] التفسیر الأمثل، ج 4، ص 252.