تعد السیاحة من المصادر المهمة فی ثروة البلد التی قد تضاهی العائدات النفطیة و الموارد التجاریة الاخرى، و لکن الاسلام قد وضع مجموعة من الحدود و المقررات فی کسب الثروة و تحصل المال فما قد یباح لدى الآخرین یکون محرماً فی الشریعة الاسلامیة، و ذلک لما یترتب علیه من مفاسد فردیة و اجتماعیة. و تلک المحرمات تعد خطوطا حمراء لا یمکن بحال من الاحول التقرب منها؛ لان فی ارتکابها بالاضافة الى الحرمة التکلیفیة آثاراً کارثیة کبیرة جداً و مردودات مخربة على المستویین الفردی و الجماعی.
و مع أن عائدات الکسب المحرم تختلف من مورد الى آخر فی القبح و المفسدة و فی انعکاسها على الاخلاق شدّة و ضعفاً؛ لکنها تشترک فی القضاء على القیم و الفضائل الانسانیة. و من الآثار الفردیة المترتبة علیها، تعکیر القلوب و الرین علیها، وانتشار حالة اللاأبالیة و الخلاعة، بالاضافة الى ضعف الهمم و دناءة الاهداف المتوخاة من الحیاة و انحطاط النسل و تسافله.
و أما الآثار على المستوى الاجتماعی فتتمثل فی انحراف المجتمع عن مسیره الاسلامی و شیوع الانحلال و انعدام القیم و الفضائل العامة مما یؤدی فی نهایة المطاف الى تفکک عرى المجتمع و شیوع الهرج و المرجع فی اوساط المسلمین.
و الجدیر بالذکر بان الاسلام سمح لاتباع الدیانات الاخرى بان یعیشوا فی البلاد الاسلامیة معززین لا یتعرض أحد لمقدساتهم التی یمارسونها و بکل حریة، شریطة الالتزام بعدم التظاهر فی الاعمال التی تخالف الشریعة الاسلامیة، و السماح لهم بممارستها فی دوائرهم و أماکنهم الخاصة بهم.
تعد السیاحة من المصادر المهمة فی ثروة البلد الأمر الذی حول التنافس على السوّاح و جذبهم الى البلدان یعد صناعة مستقلة تدیرها مؤسسات بل وزارات خاصة، لکن هناک محذورات شرعیة فی اطلاق العنان للسوّاح لیفعلوا ما شاءوا. و یمکن تصنیف تلک الموانع الى صنفین مادیّ و معنوی.
الصنف الاول: الموانع المادیة
من الأمور المهمة التی أکد علیها الشرع الاسلامی و التی ینبغی الالتزام بها هی قضیة الکسب الحلال و سلوک الطریق المشروع لجمع الثروة، و الا سیکون لها - بالاضافة الى الحرمة التکلیفیة- آثار کارثیة کبیرة جداً و مردودات مخربة على المستویین الفردی و الجماعی، من قبیل تعکیر القلوب و الرین علیها، انتشار حالة اللاأبالیة و الخلاعة، ضعف الهمم و دناءة الاهداف المتوخاة من الحیاة، انحطاط النسل و تسافله.
و من موارد الکسب الحرام التی نصت علیها الشریعة الاسلامیة: أجرة الباغیة (الزانیة)، و جمیع الاموال الحاصلة نتیجة التعامل بالخمرة بشتّى انواع التعامل، القمار و....[1]
و الجدیر بالذکر أن تلک المحرمات و إن کانت خاصة بالمسلمین، لکن السماح بها لغیر المسلمین و تحت أی مسمّى کان، سیؤدی على مرور الزمان رویداً رویداً بانتقال تلک الظاهرة الى اوساط المسلمین؛ و ذلک لان حالة النفرة منها و الاحتقار لها سوف تتحول الى حالة من الالفة و الانس بها و عدم الاستغراب منها حتى تصل الحالة الى أن یتلقى العرف ذلک أمراً مباحاً و مسموحاً به من قبل الحکومة الاسلامیة فیرتکبه الناس من دون احساس بالحرج.
الصنف الثانی: الموانع المعنویة
و یمکن الاشارة الى هذا الصنف من الموانع ضمن مجموعة من العناوین الخطیرة:
الف) ترویج الباطل
من الآثار الهدامة التی تنتج عن السیاحة غیر الاسلامیة، انحراف المجتمع عن مسیره الاسلامی، حیث هناک الکثیر ممن یأتون تحت مظلة السیاحة و لکنهم یضمرون أهدافاً أخرى من أهمها اشاعة و نشر الثقافة غیر الاسلامیة و الترویج للمعتقدات المخالفة؛ و قد أشار القرآن الى ما یکمن فی نفسیة خصوم الاسلام فی قوله تعالى: "وَ لَنْ تَرْضى عَنْکَ الْیَهُودُ وَ لاَ النَّصارى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدى وَ لَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ بَعْدَ الَّذی جاءَکَ مِنَ الْعِلْمِ ما لَکَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِیٍّ وَ لا نَصیر".[2] و الآیة واضحة الدلالة فی کون العدو لا یرضى الا بالسقوط الکامل و التسلیم التام له و التجرد عن کل المعتقدات الاسلامیة و اعتناق النصرانیة أو ا لیهودیة!! و من الواضح أنه لا یدع وسیلة توصله الى أهدافه الا استعملها و منها التحرک فی الساحة الاسلامیة تحت مظلة السیاحة.
ب) خلق الازدواجیة فی المجتمع الاسلامی
لقد أولى الدین الاسلامی عنایة و إحتراماً خاصین لقضیة النوامییس و الاعراض؛ حتى أنه وضع الکثیر من المقررات و القوانین و المحدودیات لصون الاعراض و الحفاظ على العفة الفردیة و الاجتماعیة فمنع من التبرج[3]، و أوجب على الرجال غض الطرف و عدم النظر الى النساء،[4] و... و ذمّ هتک حرمات. و مع ذلک، کیف نجیز للحکومة الاسلامیة الملزمة بتحقیق أحکام الله فی الارض، القیام بما یخالف ذلک و یوفر الارضیة المناسبة لاشاعة التهتک و التجاوز على الحرمات و... من خلال اطلاق العنان لغیر المسلمین باقتراف ما شاءوا؟ أ لیس هذا عین الازدواجیة و الانفصام؟!
ج) حریة الاقلیات الدینیة فی البلاد الاسلامیة ضمن الالتزام بالاصول العامة
من المهام الملقاة على عاتق الحکومة الاسلامیة التصدی لکل مظاهر الشرک و عبادة الاوثان، و من هنا تصدى النبی الاکرم (ص) فی الیوم الاوّل لتحریر مکة المکرمة لتطهیر البیت من جمیع علامات الشرک و الاوثان؛ و رسم برنامجاً للتعایش مع اتباع الادیان الالهیة الاخرى تحت عنوان الذمّی و المُعاهد، بان یعیشوا فی البلاد الاسلامیة معززین لا یتعرض أحد لمقدساتهم التی یمارسونها بحریة تامّة لکن شریطة الالتزام بعدم التظاهر فی الاعمال التی تخالف الشریعة الاسلامیة کالتظاهر بتناول الطعام فی الاسواق و الازقة فی نهار شهر رمضان، و استعمال المشروبات الکحولیة، و تناول لحم الخنزیر و ضرب الناقوس و غیر ذلک، و لکنه فی الوقت نفسه أجاز لهم ذلک فی دوائرهم و أماکنهم الخاصة بهم.
و فی الختام نقول: لمّا کانت قوانین الجمهوریة الاسلامیة منبثقة من الشریعة الاسلامیة فلا یحق لها بحال من الاحوال أن تشرع ما هو مخالف لها.
انظر فی هذا المجال السؤال رقم 13489 (الرقم فی الموقع: 13225).
لینک موقع الاستفتاءات (کد 861).