الکتاب: إن الکتاب مستعمل فی کلمات العلماء بمعناه المتعارف و هو أعم من الاصل و التنصنیف؛[i] بمعنى أن المراد من الکتاب کل ما دوّنه اصحاب الائمة رحمهم الله، فالکتاب أعم من المصنفات و الأصول، و هما قسمان منه.
وقد اختلف کلمة الباحثین هنا و توزعوا الى عدة طوائف: ذهب طائفة منهم الى القول بدلالته على الوثاقة کالعلامة المجلسی و السید بحر العلوم و الشیخ الطوسی (ره). و ذهبت الطائفة الثانیة الى رفض هذا المبنى و ان مجرد کون الراوی صاحب أصل او کتاب او مصنف لا یدل على وثاقته، و من هؤلاء الاعلام الإمام الخمینی (ره) ، و السید الخوئی (ره) و الشیخ السبحانی، فان دلالة کون الرجل ذا تصنیف او ذا أصل على وثاقته و مدحه غیر معلوم؛ لان کثیراً من مصنفی الاصول مالوا الى المذاهب الفاسدة کالواقفیة و الفطحیة، و إن کانت کتبهم معتمدة. و ذلک لان مصطلح الصحیح عند القدماء غیره عند المتأخرین، و لا یستتبع صحة حدیث الرجل عند القدماء وثاقته عندهم.
[i] الامام الخمینی، کتاب الطهارة (الطبعة القدیمة)، ج 3، ص 265؛ السبحانی، جعفر، کلیات فی علم الرجال، ص 474، دفتر النشر الاسلامی، قم، الطبعة الخامسة، 1423ق.
أفردت الکتب الرجالیة فصلا لهذه القضیة متسائلین هل کون الروای صاحب مصنف او أصل من الاصول یدل على وثاقته او لا یدل على ذلک؟
و قبل الخوض فی الاجابة عن السؤال نرى من الضروری الاشارة الى تلک المفردات الرائجة فی علم الرجال:
1. الکتاب: إن الکتاب مستعمل فی کلمات العلماء بمعناه المتعارف و هو أعم من الاصل و التنصنیف؛[1] بمعنى أن المراد من الکتاب کل ما دوّنه اصحاب الائمة رحمهم الله.[2]
2. الاصل: عرف الاصل بانه الکتاب الذی جمع فیه مصنّفه الاحادیث التی رواها عن المعصوم (ع) او عن الروای عنه.[3] و تندرج الاصول الاربعمائة تحت هذا العنوان أیضا؛ کاصل زید الزرّاد الذی هو من اصحاب الامام الصادق. نعم، ذکر بعض العلماء معانی أخرى للاصل[4] تلاحظ فی محلها.
3. التصنیف (المصنّف): و المراد منه الکتاب المعمول من اصحاب الائمة المعصومین (ع) لأجل مقصد خاص، و إن أطلق أحیانا على مطلق الکتاب.[5]
فالکتاب أعم من المصنفات و الأصول، و هما قسمان منه، و کل قسیم الآخر.[6] و قیل الاصل قسم خاص من الکتاب أو المصنف.[7]
نعم، یوجد بین الکتاب فوارق کثیرة نشیر الى المهم منها:
الف: یدرج الروای فی الاصل، الاحادیث التی رواها عن المعصوم (ع) أو عن الروای عنه، و أما الاحادیث المعتبرة الموجودة فی الکتاب و المصنف فغالبا ما تکون مأخوذة عن الاصل.
ب: الاصل مجموعة من الاحادیث الموثوقة المأخوذة من کتاب آخر.[8]
و بعد أن اتضح لنا تعریف کل من الکتاب و الاصل و المصنف، یثار السؤال التالی: هل کون الروای صاحب کتاب او اصل او مصنف یعد دلیلا على وثاقته؟
اختلف کلمة الباحثین هنا و توزعوا الى عدة طوائف:
الطائفة الاولى: ان ذلک یدل على وثاقة الراوی و ممدوحیته؛ منهم:
1. العلامة المجلسی: حیث قال معلقا على بعض الرواة الذین لم یرد فیهم توثیق او مدح خاص، غایة ما فی الامر وصفوا بانهم اصحاب أصل: " لا یبعد دلالة الجملة على حسن الراوی و مدحه على أقل تقدیر".[9]
2. السید بحر العلوم: یدل الاصل على حسن حال الراوی و اعتبار کتابه.[10]
3. الشیخ الطوسی (ره)، حیث اعتمد على مرویات اصحاب الکتب.[11]
الطائفة الثانیة: و هذه الطائفة ذهبت الى رفض هذا المبنى و ان مجرد کون الراوی صاحب أصل او کتاب او مصنف لا یدل على وثاقته، و من هؤلاء الاعلام الإمام الخمینی (ره)[12]، و السید الخوئی (ره)[13] و الشیخ السبحانی [14]، قائلین: أما دلالة کون الرجل ذا تصنیف او ذا أصل على وثاقته و مدحه فغیر معلوم؛ لان کثیراً من مصنفی الاصول مالوا الى المذاهب الفاسدة کالواقفیة و الفطحیة، و إن کانت کتبهم معتمدة.و ذلک لان مصطلح الصحیح عند القدماء غیره عند المتأخرین، و لا یستتبع صحة حدیث الرجل عند القدماء وثاقته عندهم.[15]
و قال الامام الخمینی (ره) فی هذا المجال: قولهم إن له أصلا لا یدل على الاعتماد به أو بصاحبه فضلا عن قولهم: له کتاب.[16]
و لمزید الاطلاع انظر:
«الحدیث المرفوع، المرسل، المقطوع و الموقوف»، سؤال 16926 (الموقع: 16676).
«ملاک تواتر الحدیث اللفظی و المعنوی و الاجمالی»، سؤال 4282 (الموقع: 5388).
«اثر تدلیس الشیوخ فی حجیة الحدیث المعنعن»، سؤال 8083 (الموقع: 8166).
[1] الامام الخمینی، کتاب الطهارة (الطبعة القدیمة)، ج 3، ص 265؛ السبحانی، جعفر، کلیات فی علم الرجال، ص 474، دفتر النشر الاسلامی، قم، الطبعة الخامسة، 1423ق.
[2] کلیات فی علم الرجال، ص 477.
[3]نفس المصدر، ص475.
[4]کما جاء عن السید بحر العلوم فی کتاب الفوائد الرجالیة لاثبات وثاقة "زید النرسی" حیث تمسک باربعة أدلة، منها ان الشیخ الطوسی عد النرسی من أصحاب الأصول و تسمیة کتابه أصلا مما یشهد بحسن حاله و اعتبار کتابه. ثم شرع فی تعریف الاصل قائلا: إن الأصل فی اصطلاح المحدثین من أصحابنا بمعنى الکتاب المعتمد الذی لم ینتزع من کتاب آخر، و لیس بمعنى مطلق الکتاب.( البروجردی، سید مهدی بحرالعلوم، الفوائد الرجالیة، ج 2، ص 367، تحقیق و تصحیح: محمد صادق بحرالعلوم و حسین بحرالعلوم، نشر مکتبة الصادق، طهران، الطبعة الاولی، 1405ق). و لکن السید الامام الخمینی (ره) نقل کلام السید بحر العلوم بمناسبة الحدیث عن روایة زید النرسی الواردة فی " الزبیب یدق و یلقى فی القدر ثم یصب علیه الماء و یوقد تحته" و ذکر مجموعة من الاشکلات الواردة علیه ، و کذلک شرع فی بیان المراد من " الاصل و الکتاب و المصنف" بصورة مفصلة. (انظر: کتاب الطهارة، ج 3، ص 243 و 244 و 258- 262)
[5] کتاب الطهارة، ج 3، ص 266؛ و انظر: کلیات فی علم الرجال، ص 476 و 477.
[6] کتاب الطهارة، ج 3، ص 265.
[7] کلیات فی علم الرجال، ص 477.
[8] جمع من الباحثین تحت اشراف هاشمی شاهرودی، سید محمود، فرهنگ فقه مطابق مذهب اهل بیت (ع)، ج 1، ص 535، مؤسسه دائرة معارف الفقه الاسلامی علی مذهب اهل بیت (ع)، قم، الطبعة الاولی، 1426ق.
[9] المجلسی، محمد باقر، مرآة العقول فی شرح اخبار آل الرسول، ج 1، ص 108 و ج 10، ص 124، تحقیق و تصحیح: سید هاشم رسولی، دارالکتب الاسلامیة، طهران، الطبعة الثانیة، 1404ق.
[10] الفوائد الرجالیة، ج 2، ص 367.
[11]یقول على سبیل المثال فی حق عبد الله بن بکیر: " عبد الله بن بکیر: فطحی المذهب، إلا أنه ثقة له کتاب". (فهرستالطوسی ص : 304)
[12] کتاب الطهارة، ج 3، ص 268.
[13] الموسوی الخوئی، سید ابوالقاسم، معجم رجال الحدیث و تفصیل طبقات الرجال، ج 1، ص 76، و ج 8، ص 335ا.
[14] کلیات فی علم الرجال، ص 485 و 486.
[15] کلیات فی علم الرجال، ص 485 و 486.
[16] کتاب الطهارة، ج 3، ص 268.