هناك آيات كثيرة في القرآن الكريم تبيّن أن الجن مكلّفون كالإنسان و مسؤولون عن أعمالهم و يحاسبون عليها.[1] فالله سبحانه و تعالى يصرّح في سورة الرحمن التي يخاطب بها الجنّ و الإنس "وَ لِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَان"[2] و لم يخّص الجنة بالإنسان فقط.
عن الإمام الباقر (ع): "قال الله عزّو جلّ يا آدم ... إنّما خلقت الجنّ و الإنس ليعبدون و خلقت الجنة لمن أطاعني و عبدني منهم و اتبع رسلي و لا أبالي و خلقت النار لمن كفر بي و عصاني و لم يتبع رسلي و لا أبالي...".[3]
فنظراً إلى ما قيل، يمكن الإستنتاج إلى أن مكان صالحي الجنّ هو الجنّة أيضاً، أما الرواية المنقولة في تفسير القميّ[4] و على إثره ذكرت في كتب أخرى و التي تنصّ على إن الجن يدخلون حظائر معينة تقع بين الجنة و النار مع فساق الشيعة فهي غير صالحة للقبول من عدة جوانب منها:
1ـ لأنها تنافي عدد كبير من الآيات و الروايات الأخرى.
2ـ هذه الرواية مروية عن "العالم" و إنه قال كذا و كذا و ليس من هو العالم، فلذلك نحن نشك في نسبتها للمعصوم، إلا اذا قلنا ان المراد من العالم هو الإمام موسى بن جعفر الكاظم (ع) المعروف بين علماء الرجال و الدراية، و لكن مع ذلك يبقى الاشكال الثالث وارد على الرواية (كونها مرسلة).
3ـ إن هذه الرواية مرسلة السند فلا تصح لمعارضة الآيات و الروايات الصحيحة الاخرى.
[1] الانعام، 130، الاعراف، 38 و 179،الاحقاف، 31ـ 29، الجن، 16ـ 14، الذاريات، 56.
[2] الرحمن، 46.
[3] الكليني، محمد بن يعقوب، كافي، ج 2 ، ص 8، دار الكتب الإسلامية، طهران، 1365 ش.
[4] علي بن ابراهيم، التفسير القمي، ج 2، ص 300، مؤسسة دار الكتب، قم، 1404 ق.