1ـ ممّا لا نشك فيه أن غير الله غير قادر على أيّ عمل مهما كان مباشرة و بدون واسطة و إذا كانت له القدرة على العمل فهي بالإذن و الإرادة الإلهية.
2ـ يتحتم علينا اعتبار المعصومين (ع) واسطة في حوائجنا. لا أن نطلب حوائجنا منهم، نعم قد نرى من يطلب حاجته منهم (ع)، لكنه ليس مراده أن هذا الإمام (ع) يمكنه قضاء الحاجة بالاستقلال و من دون الإذن الإلهي، بل يعلم بأنه واسطة في انجاز الحاجة.
3ـ نظراً إلى أن بعض عباد الله يتمتعون بوجاهة خاصة عند الله سبحانه بإطاعتهم الخاصة له، فإذا لم ير شخص ما - لأي دليل كان- لنفسه حرمة، أو إنه يرى ان حرمته عند الله و وجاهته أقل من هذا الوجيه الفلاني، فلا بأس بإتخاذه واسطة في طلب حاجته من الله أو أن يتكل على وجاهته عند الله تعالى.
1ـ ممّا لا نشك فيه أن غير الله غير قادر على أيّ عمل مباشرة و بدون واسطة مهما كانت منزلته، و إذا كانت له القدرة على العمل فهي مستندة الى الإذن و الإرادة الإلهية.
2ـ يتحتم علينا اعتبار المعصومين (ع) واسطة في حوائجنا. لا أن نطلب حوائجنا منهم، نعم، قد نرى من يطلب حاجته منهم (ع)، لكن التأمل في توسله هذا يكشف انه لا يقصد كون هذا الإمام (ع) قادراً على قضاء الحاجة بدون الإذن الإلهي، بل يعلم بأنه واسطة في الحاجة.
و لإيضاح الموضوع نقرب الفكرة من خلال احد الامثلة القرآنية، ثم نتناوله بالبحث و التحليل: فقد قال الله سبحانه في القرآن: "وَ رَسُولاً إِلىَ بَنىِ إِسْرَ ءِيلَ أَنىِّ قَدْ جِئْتُكُم بِايَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أَنىِّ أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئةِ الطَّيرْ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيرْا بِإِذْنِ اللَّهِ وَ أُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَ الْأَبْرَصَ وَ أُحْىِ الْمَوْتىَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَ أُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكلُونَ وَ مَا تَدَّخِرُونَ فىِ بُيُوتِكُمْ إِنَّ فىِ ذَالِكَ لاَيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِين".[1]
فنظراً لكون النبي عيسى (ع) إنطلاقا من هذه الآية الشريفة كان يُشافي الأعمى و الأبرص بإذن الله تعالى، فلو قال له قائل: يا أيها النبي شافي مريضي، فهل هذا شرك؟ و نظراً إلى أن النبي عيسى (ع) يحيي الموتى بإذن الله فلو قال له قائل: يا نبي الله، أحيي ميّتي، فهل هذا شرك؟ فمما لا شك فيه ليس كذلك، بل عمله هذا لا ينافي التوحيد أبداً.
3ـ نظراً إلى أن بعض عباد الله يتمتعون بوجاهة خاصة عند الله سبحانه بإطاعتهم الخاصة له، فإذا لم ير شخصً ما- بأي دليل[2] كان- لنفسه حرمة، أو إنه يرى ان حرمته عند الله و وجاهته أقل من هذا الوجيه الفلاني، فلا بأس بإتخاذه واسطة في طلب حاجته من الله أو أن يتكل على وجاهته عند الله تعالى.
يقول الله سبحانه في القرآن على لسان اخوة يوسف (ع): "قَالُواْ يَأَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِينَ" قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبىِّ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيم".[3]
فنظراً إلى أن أبناء يعقوب كانوا مطمئنين برحمة الله تعالى، لكنهم مع هذا لم يطلبوا العفو و المغفرة من الله مباشرة، بل جعلوا أباهم واسطة في الطلب، أ فهل هذا شرك و هل ينافي التوحيد؟ و كذلك لو أخذنا قول الله تعالى عن لسان بني اسرائيل: "وَ إِذْ قُلْتُمْ يَمُوسىَ لَن نَّصْبرِ عَلىَ طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يخُرِجْ لَنَا ممِّا تُنبِتُ الْأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَ قِثَّائهَا وَ فُومِهَا وَ عَدَسِهَا وَ بَصَلِهَا قَالَ أَ تَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنىَ بِالَّذِى هُوَ خَيرْ اهْبِطُواْ مِصْرًا فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ وَ ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَ الْمَسْكَنَةُ وَ بَاءُو بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ ذَالِكَ بِأَنَّهُمْ كاَنُواْ يَكْفُرُونَ بِايَاتِ اللَّهِ وَ يَقْتُلُونَ النَّبِيِّنَ بِغَيرْ الْحَقِّ ذَالِكَ بمِا عَصَواْ وَّ كَانُواْ يَعْتَدُون".[4]
فلم يقرّع الله سبحانه بني اسرائيل و لم يلمهم أبداً على جعلهم نبيهم موسى (ع) واسطة بينهم و بين الله سبحانه في طلبهم و لم يطلبوا من الله مباشرة.
أما قوله تعالى "الحمد لله"، نعم، هو كذلك و لا شك في ذلك، لكن هذا الأمر لا ارتباط له بالموضوع، فإن الطلب و الدعاء و المغفرة غير الحمد و ليس بمعناه.
و كذلك لم يقل الله سبحانه في القرآن: اطلبوا حوائجكم مني مباشرة، بل إذا قال: "ادعوني" فأولاً: هذا لا ينا في أن ندعوه بواسطة شخص محترم وجيه عنده، و نجعل هذا الشخص وسيلة إلى الله في طلبنا، بل هذا نوع من التجليل و التكريم لهؤلاء الوجهاء. ثانياً: لو شعرتم بأن ارتباطكم بالله بدون واسطة يكون أفضل و أحسن، فلم يقل أحد عندها بضرورة اتخاذ الواسطة و الوسيلة.
[1] آل عمران، 49.
[2] إما بسبب الذنوب التي ارتكبها أو تواضعاً أو...
[3] يوسف، 97 و 98.
[4] بقره، 61.