تدل الآیة المذکورة في السؤال علی ان الولایة علی اموال و نفوس الناس هي من شؤون ربوبیة الله، و انها تکون مشروعة بنصب الله و إذنه فقط، و کما نعتقد فان هذه السلطة الشرعیة و القانونیة قد جعلت للنبي الاکرم (ص) و الائمة المعصومین (ع) واحداً بعد الآخر، و لکن في عصر غیبة الامام المهدي (عج) و انطلاقا من الادلة العقلیة الکثیرة و الروایات المستفيضة التي وردت عن الائمة المعصومین (ع) فان الفقیه الجامع للشروط یکون له منصب الولایة و قیادة المجتمع الاسلامی، و قد نصب في قبل الامام بالنصب العام.
و من هنا فان لقب (ولی أمر المسلمین) مأخوذ من أحد الالقاب الحقیقیة للمجتهد الجامع للشروط الذي نصب من قبل الائمة المعصومین (ع) في عصر غیبة الامام المعصوم (ع) لقیادة و ادارة الامور السیاسیة و الاقتصادیة و الاجتماعیة في المجتمع.
قبل التعرض للجواب من الضروري التعرف علی هذه الملاحظة و هي أنه في النظام السیاسي في الاسلام و العلاقة المتقابلة بین الامة و القیادة لم یرد نهي في الروایات عن استعمال مطلق العناوین و الالقاب، بل نجد نوعین من الالقاب والعناوین:
النوع الاول: العناوین و الالقاب المقبولة و المتخذة من التعالیم الدینیة و المتداولة في سیرة اعلام الدین ایضا.
و النوع الثانی هو العناوین التي ورد النهي الاکید عن استعمالها بسبب اثارها السلبیة علی الفرد و المجتمع اوبسبب اختصاصها بالمعصومین.[1]
ان بعض الالفاظ مثل (العظمی) تستعمل في مراجع التقلید فيقال: (آیة الله العظمی) و هي تشیر الی نوع من الاحترام المعنوی للعالم، و هو ما ورد التأکید علیه في السنة الاسلامیة[2]، فقد ورد في روایة عن أمیر المؤمنین علي (ع) قوله:( من وقر عالماً فقد وقر ربّه)[3].
وکذلک فان لقب (ولی أمر المسلمین) له مستند دیني وهو مأخوذ من القرآن الکریم و أحادیث الائمة المعصومین (ع)، و ذلک لان الولایة علی أموال الناس و نفوسهم من شؤون ربوبیة الله، و أنها تکون مشروعة بنصب الله و اذنه فقط، وکما نعتقد فان هذه السلطة الشرعیة و القانونیة قد جعلت للنبی الاکرم (ص) و الائمة المعصومین (ع) واحداً بعد الآخر[4]، حیث ورد في القرآن الکریم قوله تعالی: (يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا أَطيعُوا اللَّهَ وَ أَطيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأمر مِنْكُم[5]). و کلمة (أولی الأمر) تعني أصحاب الرأی و النظر في المجتمع البشری، و هم الذین نصبوا من قبل الله تعالی[6]. و المقصود من ذلک أفراد من الامة معصومون في أقوالهم و أفعالهم و تکون طاعتهم واجبة بنفس معنی وجوب اطاعة الله و رسوله[7]. و لکن في عصر غیبة الحجة بن الحسن العسکری(عج) و علی أساس أدلة عقلیة عدیدة و روایات کثیرة وردت عن الائمة المعصومین (ع)، فان الفقیه الجامع للشروط یکون له منصب الولایة و قیادة المجتمع الاسلامي، و قد نصب من قبل الامام المهدی(عج) بالنصب العام[8].
وحیث ان الولی الفقیه منصوب من قبل الامام المعصوم (ع) في عصر الغیبة، فتکون طاعته في الواقع طاعة لاولی الأمر ( الائمة المعصومین).
والنتیجة: ان لقب (ولی أمر المسلمین) هو من الالقاب الحقیقیة للمجتهد الجامع للشروط الذی نصب من قبل الائمة المعصومین (ع) في عصر غیبة الامام المعصوم (ع) لقیادة و ادارة الامور السیاسیة و الاقتصادیة و الاجتماعیة في المجتمع. و لیس الولی الفقیه هو الذي وضع لنفسه لقب الولایة و النیابة عن الائمة المعصومین(ع).
[1] وذلک مثل: کنیة أمیر المؤمنین وسید الوصیین، للامام علی(ع). ( ألقاب الامام علی(ع) وتعلیم النبی(ص) لها)، السؤال: 16667.
[2] لاحظ: (اطلاق آیة الله العظمی علی الائمة والمراجع) السؤال: 13653( الموقع:13427).
[3] التمیمی الآمدی، عبد الواحد بن محمد، غرر الحکم ودرر الکلم، ص47، منشورات مکتب الاعلام الاسلامی، قم، 1366ش.
[4] لاحظ: مواضیع: انحصار الامامة فی نسل النبی) السؤال 5168 (الموقع: 5828)، أدلة الاعتقاد بالامامة والائمة)، السؤال: 1362 (الموقع: 2709).
[5] النساء: 59.
[6] الحسینی الهمدانی، السید محمد حسین، تحقیق البهبودی، محمد باقر، الانوار اللامعة، ج4، ص93، منشورات لطفی، طهران، الطبعة الاولی، 1404ق.
[7] الطباطبائی، السید محمد حسین، المیزان فی تفسیر القرآن، ج4، ص398، مکتب النشر الاسلامی، قم، الطبعة الخامسة، 1417ق، ولاحظ: أدلة الاعتقاد بالامام والامامة، السؤال: 1362( الموقع: 2709).
[8] لاحظ: العلاقة بین ولایة الفقیه وولایة النبی والائمة)، السؤال: 15363 (15089).