Please Wait
الزيارة
10095
محدثة عن: 2007/11/14
کد سایت fa1767 کد بایگانی 1108
گروه الکلام القدیم
خلاصة السؤال
لماذا خلق الله الإنسان، و ما هو الهدف من ذلک؟
السؤال
لماذا خلق الله الإنسان، و ما هو الهدف من ذلک؟
الجواب الإجمالي

أ- خالقیة الله تعالى تقتضی أن یخلق.

ب- إن نظام الخلق یقوم على أساس الحکمة و الهدفیة.

ج- إن العلة الغائیة و الهدف النهائی لخلق الکائنات و إیجاد الموجودات هو الإنسان، و ذلک لأن جمیع المخلوقات خلقت من أجله، و إنه أحسن المخلوقین کما أن إلهه أحسن الخالقین.

هـ- و مهما کان الهدف من خلق الإنسان، فإن نتیجة ذلک تعود إلى الإنسان نفسه لا إلى الله سبحانه لأنه هو الغنی المطلق.

د- إن غایة الغایات و الهدف الأساسی من خلق الإنسان هو بلوغ الکمال و نیل السعادة الواقعیة، و الوصول إلى مقام الإنسانیة الشامخ، و سلوک الطریق إلى عالم الملکوت، و جمیع هذه الأهداف تتحقق فی إطار المعرفة و العبودیة الواعیة لذات الحق الأحدیة و لا تتیسر إلاّ عن هذا الطریق.

الجواب التفصيلي

من المسائل الثابتة أن الله سبحانه یتصف بصفات و أسماء سواء کانت تلک المتعلقة بالذات، و التی تکون عین ذات الواجب بمقتضى بساطته تعالى کالعلم و القدرة، القیومیة، المالکیة و الحاکمیة. أو کانت متعلقة بفعله و هی ما یصطلح علیها صفات الفعل کالربوبیة و الرازقیة و الخالقیة، و الإرادة و الرحمة. و هی جملة صفاته الثبوتیة التی یصدر من خلالها الفیض الإلهی على الدوام و دون انقطاع و من بینها صفة الخالقیة التی تقتضی أن یکون الله خالقاً بشکل مستمر و دائم دون توقف، فهو دائماً فی حالة خلق و مخلوقاته متجددة باستمرار. «کُلَّ یَوْمٍ هُوَ فِی شَأْنٍ».[1]

و المسألة الأخرى التی یمکن أن تذکر فی هذا الباب هی أن الله سبحانه حکیم، و لا یصدر عن الحکیم عمل عبثی لا هدف له، فنظام الخلق نظام هادف مبنی على أساس الأهداف العالیة السامیة للخالق (جل و علا) و لذلک فلا یوجد فیها أثر للاعوجاج أو الخلل، و لسان حال ذرات العالم یقول:

لا توجد فی هذا المحیط نقطة خلاف واحدة

و هذا أمر مفروغ منه من دون سؤال و جواب

و بحسب ما جاء فی آیات القرآن الکریم فإن الخالق سبحانه لم یخلق الموجودات باطلاً و لا عبثاً و لا لهواً و لا لعباً، و إن المحور الأساس الذی یرتکز علیه نظام الخلق هو الحق، فهو النظام الأحسن.

و حتى أدق الأجزاء فی هذا الکون فإنه یندرج ضمن سیاق هذه الهدفیة الدقیقة ذات القیمة العالیة، و لا وجود لجزء معطل لا عمل له و لا هدف.

لا وجود لشیء عاطل فی هذا الوجود

و لکنه قد یکون خافیاً على إدراکنا

و لا بد أن لا یغیب عن الأذهان أن العلة الغائیة و الهدف النهائی لخلق الکائنات و إیجادها هو الإنسان، و بعبارة أکثر شفافیة: إن الله خلق العالم لیخلق آدم، لأن الإنسان أحسن المخلوقین، کما أن إلهه أحسن الخالقین، و لم یخرج لهذا العالم مخلوق کابن آدم، و لذلک قال الله فی الحدیث القدسی: «یا ابن آدم خلقت الأشیاء لأجلک و خلقتک لنفسی».[2]

و بعد کل الذی تقدم ندخل فی صلب الموضوع فنقول: مهما یکون الهدف من خلق الإنسان فإن نتیجة الأمر تعود علیه و لیس على الله سبحانه لأنه غنی مطلق، و إن جمیع الممکنات محتاجة إلیه، و الإنسان من جملتها:

«یَا أَیُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَ اللَّهُ هُوَ الْغَنِیُّ الْحَمِیدُ».[3]

کان موسى (ع) یخاطب بنی إسرائیل: «وَ قَالَ مُوسَى إِنْ تَکْفُرُوا أَنْتُمْ وَ مَنْ فِی الأَرْضِ جَمِیعاً فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِیٌّ حَمِیدٌ».[4]

و یقول الإمام علی (ع) فی خطبته (المعروفة بخطبة المتقین) لهمام: «أما بعد، فإن الله سبحانه و تعالی خلق الخلق حین خلقهم غنیاً عن طاعتهم، آمناً من معصیتهم، لأنه لاتضره معصیة من عصاه، و لا تنفعه طاعة من أطاعه».[5]

و إن الغرض فی الأمر بالطاعة و النهی عن المعصیة لأجل نفع العباد.

و قد وردت آیات قرآنیة متعددة تبین الهدف من خلق الإنسان، و کل واحدة منها تشیر إلى بعد من أبعاد هذا الهدف، و من جملتها قوله تعالى: «وَ مَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الإِنْسَ إِلاَّ لِیَعْبُدُونِ».[6] و نقرأ فی موضع آخر: «الَّذِی خَلَقَ الْمَوْتَ وَ الْحَیَاةَ لِیَبْلُوَکُمْ أَیُّکُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً».[7]

و جاء فی مورد آخر: «وَ لا یَزَالُونَ مُخْتَلِفِینَ * إِلاَّ مَنْ رَحِمَ رَبُّکَ وَ لِذَلِکَ خَلَقَهُمْ».[8]

و کما نلاحظ، فإن جمیع هذه الخطوط تلتقی فی نقطة واحدة متمثلة بهدایة الإنسان و تربیته و تکامله و سعادته، و رفعه إلى أعلى مراتب الکرامة و القیم الإنسانیة، و لا یتحقق هذا الهدف إلا من خلال المعرفة و العبودیة الواعیة لحقیقة الذات الإلهیة الأحدیة: «العبودیة جوهرة کنهها الربوبیة».[9] و کل من یبلغ هذا المقام یکون سلطاناً على کل ما سوى الله.

و نقرأ فی روایة عن الإمام الصادق (ع): «إن الله عز و جل ما خلق العباد إلاّ لیعرفوه، فإذا عرفوه عبدوه، فإذا عبدوه استغنوا بعبادته عن عبادة من سواه».[10]



[1] «کُلَّ یَوْمٍ هُوَ فِی شَأْنٍ»، الرحمن، 29.

[2] المنهج القوی، ج5، ص516؛ علم الیقین، ج1، ص 381.

[3] «یَا أَیُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَ اللَّهُ هُوَ الْغَنِیُّ الْحَمِیدُ»، فاطر، 15.

[4]  إبراهیم ، 8.

[5] نهج البلاغة فیض، ص11، خطبة همام.

[6] الذاریات، 56.

[7] الملک، 2.

[8] هود، 118 و 119.

[9] مصباح الشریعة فی حقیقة العبودیة.

[10] علل الشرائع، الصدوق، طبق لما نقل فی المیزان، ج 18، ص 423.