توجد هنا طائفتان من الروایات تتحدد الجزء المبهم فی الوصیة،و لما کانت کلا الطائفتین من الروایات معتبرة سنداً و لا یمکن ترجیح بعضها على البعض من هذه الناحیة، من هنا حاول بعض الاعلام الجمعَ بینها، بالطریقة التالیة:
1. کان أَصحاب الأَموال فیما مضى یجزِّءُونَ أَموالهمْ فمنهُمْ من یجعلُ أَجزاء ماله عشرةً و منهم منْ یجعلها سبعةً فعلَى حسب رسمِ الرَّجل فی ماله تمضى وصیَتُهُ و مثلُ هذَا لا یوصی به إِلا مَنْ یعلَمُ اللُّغَةَ و یفهمُ عنه.
2. الأقوى العمل على الطائفة الأوّلى من الروایات لأن الأصل بقاء الملک على الوارث خولف فی العشر لأنّه أقل ما قیل، و لولاه لحمل على أقلّ ما یتملّک.
3. حمل روایات الطائفة الاولى على الوجوب و الثانیة على الاستحباب. أی نحمل الجزء على أنّه یجب أن ینفذ فی واحد من العشرة، و یستحبّ للورثة إنفاذه فی واحد من السبعة لتلائم الأخبار و لا تتضادّ.
و قد اجاب سماحة آیة الله الشیخ هادوی الطهرانی (دامت برکاته) عن السؤال: بان الوصیة نافذة فی ثلث ما ترکه المیت و لا تتوقف على إذن الورثة، و لتعیین مقدارها المبهم لابد من الاکتفاء بالقدر المتیقن، و الاحوط استحبابا صرف اقصى حد محتمل، فی ما اوصی به.
اذا کانت الوصیة مبهمة بسبب اجمال اللفظ کما اذا اوصى "بجزء ماله" و قال: اوصی بجزء مالی للاعمال الخیریة، و لم یذکر قرینة تعین لنا المراد من هذا الجزء، فمقتضى القاعدة اعتبار الوصیة کأنها لم تکن، و التعامل معها و کأنها لم تصدر من الاساس.
إذن لابد من الرجوع الى عمومات و قوانین باب الارث؛ و ذلک لانه لیس للکلام (کلام الموصی) لدى العرف حینئذ أی ظهور أو أی مفهوم حتى یتبع.
و لکن من حسن الحظ توجد فی هذا الباب مجموعة من الروایات و الادلة الشرعیة المعتبرة تفسر لنا الالفاظ المجملة و المفاهیم المبهمة، و من هنا لابد من التعبد بها و التمسک بها، قال المحقق البجنوردی: و التحقیق فی باب الوصایا المبهمة التی هی محلّ بحثنا هو أنّه لو کان الإبهام من ناحیة اللفظ و إجماله، فإن کان تفسیر من قبل الشارع فی کلام ثبتت حجّیته من حیث الصدور و دلالته من حیث الظهور، فیجب الأخذ به تعبّدا لا من باب دلالة ذلک الکلام المجمل و کشفه عن مراد المتکلّم[1]. و هنا لو صدرت مثل هکذا وصیة، فما هو المقدار الذی یستقطع من مال الموصی لیعطى للموصى له؟
توجد هنا طائفتان من الروایات:
الطائفة الاولى: حددت هذه الطائفة الجزء بالعشر، بمعنى أنه یجب اقتطاع العشر و یعطى للموصى له، کما روی عن الامام الصادق (ع) بانه حدد الجزء المبهم بالعشر. و قد عمل الکثیر من العلماء بتلک الروایات و افتوا بوجوب اعطاء العشر.[2]
الطائفة الثانیة: هذه الطائفة من الروایات فسرت "الجزء" بالسُبع، منها:
ما وراه محمَّد بن علی بن محبوب، عن أَحمد بن محمد، عنِ ابن أَبی نصر قال: سأَلت أَبا الحسن (ع): عن رجل أَوصى بجزء من ماله؟ فقال واحدٌ من سَبْعَةٍ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى یَقُولُ- لَها سَبْعَةُ أَبْوابٍ لِکُلِّ بابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُوم-[3] و[4] و قد افتى بعض الفقهاء بذلک و قالوا: بان الجزء هو السبع.[5]
و لما کانت کلا الطائفتین من الروایات معتبرة سنداً و لا یمکن ترجیح بعضها على البعض من هذه الناحیة فلابد من معالجة ما یبدو من التعارض بینها، و من هنا حاول بعض الاعلام الجمعَ بینها، نشیر الى بعضها:
1. کان أَصحاب الأَموال فیما مضى یجزِّءُونَ أَموالهمْ فمنهُمْ من یجعلُ أَجزاء ماله عشرةً و منهم منْ یجعلها سبعةً فعلَى حسب رسمِ الرَّجل فی ماله تمضى وصیَتُهُ و مثلُ هذَا لا یوصی به إِلا مَنْ یعلَمُ اللُّغَةَ و یفهمُ عنه.[6]
2. الأقوى العمل على الطائفة الأوّلى من الروایات لأن الأصل بقاء الملک على الوارث خولف فی العشر لأنّه أقل ما قیل، و لولاه لحمل على أقلّ ما یتملّک.[7]
3. حمل روایات الطائفة الاولى على الوجوب و الثانیة على الاستحباب، قال صاحب النجعة: و جمع التّهذیب فقال: «نحمل الجزء على أنّه یجب أن ینفذ فی واحد من العشرة، و یستحبّ للورثة إنفاذه فی واحد من السبعة لتلائم الأخبار و لا تتضادّ».[8]
و ذهب صاحب الشوشتری الى ترجیح الطائفة الاولى لأکثیرتها.[9]
و على کل حال لابد من الالتفات الى مسألة و هی: أنه یشترط فی نفوذ الوصیة فی الجملة أن لا تکون فی الزائد على الثلث، و فی الزائد عن الثلث صحت إن أجاز الورثة، و إلا بطلت.[10]
و الجدیر بالذکر أن سماحة آیة الله الشیخ هادوی الطهرانی (دامت برکاته) أجاب عن السؤال بالنحو التالی:
الوصیة نافذة فی ثلث ما ترکه المیت و لا تتوقف على إذن الورثة، و لتعیین مقدارها المبهم لابد من الاکتفاء بالقدر المتیقن، و الاحوط استحبابا صرف اقصى حد محتمل، فی ما اوصی به.
[1] انظر: موسوی بجنوردی، سید حسن، القواعد الفقهیة، ج 6، ص 291، نشر الهادی، قم - ایران، الطبعة الاولی، 1419 ق.
[2] انظر: الشوشتری، محمد تقی، النجعة فی شرح اللمعة، ج 8، ص 230، مکتبة الصدوق، طهران، الطبعة الاولی، 1406 ق.
[3] الحجر، 44.
[4] الطوسی، ابو جعفر، محمد بن الحسن، تهذیب الأحکام، ج 9، ص 209، ح 828، دار الکتب الإسلامیة، طهران - ایران، الطبعة الرابعة، 1407ق.
[5] الشوشتری، محمد تقی، النجعة فی شرح اللمعة، ج 8، ص 233، مکتبة الصدوق، طهران، الطبعة الاولی، 1406 ق.
[6] القمی، صدوق، محمّد بن علی بن بابویه ، من لا یحضره الفقیه، ج4، ص: 205، ناشر: مکتب النشر الاسلامی التابع لجماعة المدرسین، قم، الطبعة الثانیة، 1413 ه ق.
[7] فاضل مقداد، جمال الدین مقداد بن عبد اللَّه ، کنز العرفان فی فقه القرآن، ج2، ص: 95، الطبعة الاولى، قم. و انظر: العاملی، سید محمد حسین الترحینی، الزبدة الفقهیة فی شرح الروضة البهیة، ج 6، ص 38، دار الفقه للطباعة و النشر، قم - ایران، الطبعة الرابعة، 1427 ق.
[8] الشوشتری، محمد تقی، النجعة فی شرح اللمعة، ج 8، ص 233، مکتبة الصدوق، طهران، الطبعة الاولی، 1406 ق.
[9] نفس المصدر.
[10] الامام الخمینی، تحریر الوسیلة، ج2، ص: 97، کتاب الوصیة، المسالة رقم 23.