Please Wait
الزيارة
6763
محدثة عن: 2009/06/15
کد سایت fa2696 کد بایگانی 4664
گروه الکلام الجدید,تاريخ کلام
خلاصة السؤال
لماذا لا توجد فی کل البلاد الإسلامیة دولة بالمستوی المطلوب و لم تطبّق القیم الإنسانیة فی أی منها؟
السؤال
لماذا لا توجد فی کل البلاد الإسلامیة دولة بالمستوی المطلوب؟ بل تمتدح دول مثل السوید و سویسرا و کندا دائماً، حتی ان الدول الإسلامیة القریبة من اوروبا مثل ترکیا، و مثل مالیزیا القریبة من الیابان و کوریا تکون القیم الإنسانیة فیها مراعاة أکثر من غیرها و هی أکثر دیمقراطیة و یتوفّر فیها مجال وافر لتطوّر الناس و نموّهم. یقال دائماً ان العیب هو فی کوننا مسلمین. لماذا لا توجد دولة إسلامیة واحدة قویة و جیّدة. لماذا تقع أکثر الحروب و الفتن و حتی الفقر الإقتصادی و الفکری بین البلاد الإسلامیة؟"لا اکراه فی الدین قد تبیّن الرشد من الغی". فلماذا لم نتطوّر بالدین؟
الجواب الإجمالي

للإنسان قیمة رفیعة فی نظر الإسلام، فهو خلیفة الله فی الارض. و الإسلام قد جعل للإنسان حرمة لم یجعل له مثلها فی أی مکان فی العالم، إذ ان احترام الإنسان لا ینسجم مع اشعال کل هذه الحروب و المذابح.

أ فهل حین یقع کل هذا الظلم علی الشعب الفلسطینی و ما شهدناه فی السنین الأخیرة من قتل آلاف المسلمین من قبل الصرب و ما نشهده فی افغانستان و العراق من قتل الناس(الرجال و النساء و الأطفال و الشیوخ و...) الأبریاء من قبل امریکا و ما نشهده فی دول امریکا و اوروبا من تضییق و اهانة للمسلمین... فهل هذا احترام للإنسان؟

و للأسف فإن التطوّر العلمی و الإقتصادی و العسکری و الطبّی لبعض البلدان الغربیة قد بهت أنظارنا و شغلها بالنظر الیه و الانشغال عن ملاحظة ابتعادها عن الإنسانیة و عن القیم النبیلة و صار ذلک ستاراً علی أخطائهم و جرائمهم.

لقد کانت الحضارة الإسلامیة هی القدوة لحضارات البشریة و اما لماذا تخلّفت البلاد الإسلامیة حالیاً عن ذلک الموقع؟ فینبغی القول: ان هناک عوامل کثیرة دخیلة فی هذا الأمر یمکن الإشارة منها الی عدم العمل بالتعالیم الإلهیة و عدم وحدة المسلمین و .. و هو مما ابتلیت به و للأسف البلاد الإسلامیة.

و مع انتصار الثورة الإسلامیة فی ایران توقّفت مسیرة التخلف الإیرانی و نهض الشباب الإیرانی بهمّة منقطعة النظیر و برغم جهود الأعداء التخریبیة، و هم یتحرّکون قدماً لتلافی عصور التخلّف الماضیة.

و علی هذا الأساس نشاهد یومیاً نجاحات الشباب الإیرانی فی المجالات المتنوّعة، و بالرغم من وجود نواقص فی هذا الطریق و لکن إیران تتحرّک الی الأمام بثبات و عزم و بهمّة العلماء و مفکّری بلدنا.

و الرشد فی الآیة الکریمة یعنی التوصّل الی الواقع و لیس بمعنی التطوّر و الرقی.

الجواب التفصيلي

قبل التعرض للبحث الأساسی نری من الضروری التعرّض لعدّة امور مهمّة لغرض اتضاح البحث:

1. حیث إن الدین الإسلامی من بین جمیع الأدیان الإلهیة هو دین لکل الناس و لجمیع الأمکنة و جمیع الأزمنة و له عمومیة و شمول الی یوم القیامة، و بناء علی هذا فإن للإسلام فی زمن غیبة الإمام المعصوم(ع) أیضاً حکومة.[1]

یقول المرحوم العلّامة الطباطبائی" لم یدع القرآن الناس الی الإجتماع علی تأسیس الملک و تشیید بنیان القیصریة و الکسرویة و انما تلقّی الملک شأناً من الشؤون اللازمة المراعاة فی المجتمع الإنسانی نظیر التعلیم أو اعداد القوة لإرهاب الکفّار. بل انما دعا الناس الی الإجتماع و الإتحاد و الإتّفاق علی الدین و نهاهم عن التفرّق و الشقاق فیه.[2]

فإبعاد الإسلام من الساحة الإجتماعیة و السیاسیّة و تحویله الی دین فردی و انعزالی یؤدی الی تحریفه و فصله عن حقیقته.

و الدول الإسلامیة الموجودة فی العالم لکل منها حکومتها الخاصة فبعضها جمهوری و بعضها ملکی و ...[3]

و هذا التنوع فی الحکومة یدلّ علی عدم کون بعضها دینیّة. لأن الإسلام لم یطرح حکومات متنوعة بل الحکومة المشروعة الوحیدة هی الحکومة الدینیة و الإلهیة.

2. إن الحکومة الدینیة هی الحکومة التی تتبنّی المرجعیّة الشاملة لدین خاص فی مجال السیاسة و ادارة المجتمع، أی ان الحکومة و مؤسّساتها المختلفة تری نفسها ملزمة أمام أحکام الدین و تعالیمه و تسعی لمراعاة الجانب الدینی فی ما تقوم به من وضع القوانین و تنظیم أشکال العلاقات الإجتماعیة و تستلهم من التعالیم الدینیة فی جمیع هذه الشؤون الحکومیة.[4] و ان تراعی الاطار الفقهی و المعاییر و القیم الدینیة فی التخطیط و الإدارة و وضع الحلول للمشاکل.[5]

3. فی الحکومة الدینیة تکون القیادة و ادارة المجتمع آلة و وسیلة للدین، فلیس هدفها مستقلاً عن أهداف الدین.أی انه لیس للحکومة قیمة مستقلة، بل الملاک فی قیمتها هو مقدار تأثیرها فی تنفیذ الأهداف الدینیة.[6]

4. إن الدیمقراطیة هی عبارة عن حکومة الشعب علی الشعب. و تطبق عادةً عن طریق تحکیم رأی أکثریة الشعب بإنتخاب الممثّلین و تشکیل المجلس الوطنی فتکون ادارة امور الحکومة بید الأکثریة التی لها الإنتخاب طبقاً للقانون.[7]

و الدیمقراطیة هی أفضل أنواع الحکومات البشریّة، و توجد فی مقابل الحکومات البشریة الحکومة الإلهیة و الدینیة. ففی النظام الإلهی یکون انتصاب القیادة و عزلها من قبل الله. و یجب علی الناس اطاعته. و قد کان الأنبیاء حکّاما منتخبین من قبل الله فی عصرهم. و فی المرحلة ما بعد النبوة یقوم بهذه المسؤلیة أئمة الشیعة الإثنی عشر. و فی عصر غیبة الإمام الثانی عشر(عج) أوکلت هذه المسؤلیة علی عهدة المجتهدین العدول أصحاب الکفاءة و القدوة علی الإدارة السیاسیة للمجتمع.[8]

5. إن الإسلام-و خلافاً للمدارس المادیة- یری للإنسان حرمة متمیّزة، فهو یری أن دم الإنسان محترم و عرضه محترم حیّاً و میّتاً. [9]

و للإنسان شخصیة مستقلة و حرمة و لکن لها رسالة و مسؤلیة و هو أمین الله.[10]

و هذا الذی ذکرناه هو نماذج من القیم التی اعتبرها الإسلام و القرآن بالنسبة للإنسان.فلنر الآن فی أی مکان من هذا العالم یوجد مثل هذا الإحترام للانسان. ففی الحرب العالمیة الأولی قتل عشرة ملایین إنسان و فی الحرب الثانیة قتل أو تشوه مائة ملیون إنسان، دون أن تذرف دمعه علیهم من قبل حکّام العالم فی هذه الفاجعة العظیمة، بل اعتبرها الجمیع نتیجة لجبر الزمان و مقتضی طبیعة الخلقة الإنسانیة.

و قد أعطی الإسلام قیمة رفیعة للإنسان بحیث اعتبر أن جمیع أفراد المجتمع الإنسانی هم أعضاء لجسد واحد و أن قتل انسان واحد هو بمنزلة قتل جمیع الناس.[11]،[12]

فهل یوجد مثل هذا فی العالم و فی الدول التی تنادی بحقوق البشر و الصداقة الإنسانیة؟ فکم من حروب أشعلتها الدول الإستعماریة فی مختلف مناطق العالم من أجل مصالحها و کم قد تسبّبت من خراب و مجازر وحشیة؟

لماذا تقوم بعض الدول الغربیة کفرنسا التی تدّعی الحضارة و الدیمقراطیة و الحرّیة و حقوق البشر بمنع الحجاب الإسلامی فی بلادها علی النساء المسلمات.

و لماذا لا تعترض أی من الدول الغربیة علی کل هذا الظلم الذی یقع علی الشعب الفلسطینی حیث شرّدوا عن وطنهم و یقتل یومیاً عدد کبیر منهم و یُعتقل أعداد کبیرة فی الزنزانات، بل إن کل ما یقع من ظلم و جور فإنما هو یتّم بدعم من هؤلاء، فهل هذا حقاً هو مراعاة للقیم الإنسانیة؟

أ لم نشهد فی السنوات الأخیرة قتل آلاف المسلمین من قبل الصرب!، أ لم یکن هؤلاء اوروبیّون؟ أ لسنا نشهد فی أفغانستان و العراق قتل الناس(رجالاً و نساءً و أطفالاً و شیوخاً و..) الأبریاء من قبل أمریکا، أ لیس هؤلاء بشراً حتی تراعی فیهم القیم الإنسانیة؟

أ لم نشهد الی عدة سنوات خلت استعباد الأفارقة من قبل الدول الغربیة و التی تسمّی أنفسها بالدول المتحضّرة؟ أ لسنا نشهد فی کل یوم فی دول أمریکا و اوروبا تقیید المسلمین و إهانتهم؟ و... .

ان انبهار البعض و اندهاشهم و عدم رؤیتهم للفاصلة التی تفصل هؤلاء عن الإنسانیة کان ستاراً یخفی ذنوبهم و أخطاءهم.

و یحسن هنا الإشارة الی الحضارة الإسلامیة.

ظهر الإسلام فی أرض الحجاز التی تعتبر من الناحیة الحضاریة و الثقافیة من أکثر مناطق العالم تخلّفاً و فی وقت کان یسمی بعصر الجاهلیة.

و بعد فترة وجیزة من بعثة النبی(ص) ابتدأت مرحلة الخلافة التی استمرّت الی القرن الثانی عشر، و خلال هذه السنین کانت حضارة العالم الإسلامی من أرقی الحضارات، و خصوصاً فی القرن الثالث و الرابع و الخامس حیث ظهر علماء اجتهدوا فی إنتاج العلوم و المهارات و قدّموا خدمات جلیلة للبشریة و یمکننا الإشارة من باب المثال الی الفارابی و أبی ریحان و ابن سینا و الخواجة نصیر الدین الطوسی حیث کانت کتبهم تدرّس فی الجامعات الغربیة الی عدة قرون و تعتبر من المراجع العلمیّة. و کما ورد فی المصادر التاریخیة فإنه لم یکن لاوروبا و الغرب فی تلک المرحلة سبق علمی و تطوّر فی الإنتاج و التنمیة.بل کان جوّ الإستبداد و الإستثمار حاکماً علی کل اوروبا.

و کانت الفترة من القرن الثامن الی الحادی عشر المیلادی تسمّی بالعصر الذهبی الإسلامی. و یعترف علماء الغرب للعالم الإسلامی ببلوغه قمّة أوج الحضارة و الثقافة، و یرون أن الغرب و اوروبا کانوا یعیشون أفکار القرون الوسطی و کان للعالم الإسلامی و إیران أرقی الحضارات.[13]

إن التمدّن المذهل الکبیر فی اوروبا و الذی یسیطر حالیاً علی العالم کله، و باعتراف و إقرار المحقّقین الغربییّن المحایدین- قد نشأ معتمداً قبل کل شیء علی التمدن الإسلامی العظیم. فیقول غوستاف لوبون مثلاً"یخجل البعض من الإقرار بأن امة کافرة و ملحدة (المسلمون) قد تسبّب فی خروج اوروبا المسیحیة من حال التوحّش و الجهل،و لهذا فهم یصرّون علی کتمان ذلک... إن النفوذ الأخلاقی لهؤلاء المسلمین قد أدخل تلک الاُمم الاوروبیة الوحشیة التی قلبت سلطنة الروم، فی طریق البشریة، و کذلک فإن النفوذ العقلانی لهؤلاء قد فتح علیهم باب العلوم و الفنون و الفلسفة التی کانوا یجهلونها کلیاً فکانوا اساتذتنا- نحن الاوروبیّین- لمدة ستمائة سنة.[14]،[15]

و لکن ما هو سبب تخلّف المجتمعات الإسلامیة؟

و فی الجواب عن هذا السؤال نشیر باختصار الی بعض أهم العلل فی ذلک.

1. عدم العمل بتعالیم الدین الإسلامی بعد النبی الأکرم(ص) الّا فی فترة قصیرة.

2. وجود الحروب الداخلیة و الإشتباکات العسکریة فی الحدود الجغرافیة للعالم الإسلامی و إیران و الهجمات العسکریة المدمّرة للحضارة الإسلامیة و الدول الإسلامیة؛ مثل حملات المغول و حروب الاموییّن و العباسییّن. و من البدیهی أن یکون الإنتاج العلمی الذی حصل فی مناطق من العالم الإسلامی قد کان فی ظل الصلح و الهدوء و ذلک کالمحاولات العلمیة لإبن سینا و الفارابی.

3. انعدام الوحدة و المساحات الفکریة المشترکة فی المساحات الجغرافیة للعالم الإسلامی.[16]

4. نشوء ظاهرة الإستعمار بأشکاله المختلفة حیث عمل علی نهب ثروات البلاد الإسلامیة و إفساد الثقافة المحلیّة فی الدول الإسلامیة و فرض ثقافته الإستهلاکیة علی هذه الدول و تجنید القوی الإنسانیة لهذه الدول- تبعاً لذلک- من أجل خدمة أهدافه.

5. إنزواء الرسالة الثوریة و الإصلاحیة للإسلام و التی نشأت فی عصر النبی(ص) و التی من مفرداتها الوحدة و العدالة و الثقافة و طلب العلم. فطیلة هذه القرون الأربع عشر لم تکن الحکومات القائمة فعلاً مدافعة عن الإسلام و لا عن الرسالة و الثقافة الإسلامیة.[17]

6. إستبداد و عدم أهلیّة بعض حکّام الدول الإسلامیة.

لکن فی بلاد إیران و بعد إنتصار الثورة الإسلامیة الإیرانیة، توقّفت مسیرة التخلّف الإیرانی فالشباب الإیرانی یتقدّم بهمّة عالیة- علی رغم المحاولات التخریبیة للأعداء- نحو ترمیم مخلّفات التخلّف، حیث نشهد فی کل یوم نجاح الشعب الإیرانی فی مختلف المجالات، بالرغم من وجود المشاکل فی هذا الطریق، و لکن إیران تتحرّک بثبات الی الأمام بعزم علمائها و مفکّریها.

المراد بکلمة(الرشد) فی الآیة(قد تبیّن الرشد من الغی):

"الرشد"فی اللغة هو عبارة عن "الإهتداء و الوصول الی الواقع" فهو فی قبال "الغیّ" الذی هو بمعنی "الإنحراف عن الحقیقة و الابتعاد عن الواقع".[18]

إذن فالرشد فی هذه الآیة الشریفة لیس بمعنی التقدّم، و لا علاقة لها بتقدّم المسلمین أو تخلفهم.



[1] المظاهری، ملاحظات حول ولایة الفقیة و الحکومة الدینیة، ص 20-22، انتشارات بصائر، طبع رضوی، الطبعة الثالثة، 1387 ش.

[2] الطباطبائی، السید محمد حسین،المیزان فی تفسیر القرآن، ج 3، ص 144، دار الکتب الاسلامیة، طهران، 1393 هـ.

[3] انظر: جوادی الآملی، عبد الله، علاقة الدین بالدنیا، ص 20، مرکز نشر اسراء، الطبعة الاولى، 1381 ش.

[4] الواعظی،أحمد، الحکومة الإسلامیة، ص30 – 31، دفتر تالیف ونشر متون درسی حوزه، نشرـ سامیر، الطبیعة الاولى، 138ش، قم.

[5] جوادی الآملی، عبد الله، علاقة الدین بالدنیا، ص 22.

[6] جوادی الآملی، عبد الله، علاقة الدین بالدنیا، ص 25.

[7] الربّانی الگلپایگانی، علی، الدین و الدولة، ص 25.

[8] الربّانی الگلپایگانی، علی، الدین و الدولة، ص 27.

[9] . نساء ، 93. (استفاده از این آیه برای حرمت خون و آبرو و مرده انسان درست نیست)

[10] الأحزاب، 72.

[11] المائدة، 32.

[12] السبحانی، جعفر، صورة الإنسان الکامل فی القرآن، ص300-307.

[13] تاریخ العلم، کمبریج کالین رینان، ص 281-350.

[14] المطهّری، مرتضی، الإنسان و المصیر، ص 6-9.

[15] ول دیورانت، قصّة الحضارة، ج 4، ص 815.

[16] سمیح عاطف الزین، علل ضعف و تخلّف المسلمین، ص 41-68.

[17] العلمداری، کاظم، لماذا تخلفت إیران و تقدم الغرب؟ ج 1، ص293-363.

[18] مکارم الشیرازی، ناصر، تفسیر الأمثل، ج 2، ص 204.