طبقاً للموازین الإسلامیة فإن کل رجل مکلّف -بحسب الإمکان- أن یشبع الحاجة الجنسیّة لزوجته حتی انه لا ینبغی له أن ینشغل بالامور المباحة التی تعیقه عن هذه الوظیفة. و من المسلّم ان تلبیة الغریزة ذاتیاً من الطریق المحرم و عدم الاهتمام بالزوجة نتیجة لذلک هو من الذنوب الکبیرة التی یکون الرجل مسؤولاً عنها أمام الله.
فطبقاً للمرازین الإسلامیة یکون مثل هذا الرجل مذنباً، و طبقاً للقانون أیضاً إذا سبّب هذا التصرّف من قبل الرجل إیجاد العسر و الحرج للمرأة فیکون لها حق الرجوع للمحکمة من أجل الطلاق.
لتوضیح رأی الإسلام فیما یرتبط بمثل هذه الامور یجب أوّلاً أن نطرح عدة ملاحظات مأخوذة من آیات القرآن و روایات المعصومین(ع)، ثم نتعرض الی الاستنتاج منها:
1. ان الله أمر الرجال أن یراعوا الامور العرفیة فی علاقاتهم العائلیة.[1] و علی هذا الأساس فیجب أن تکون جمیع العلاقات العائلیّة و منها العلاقات الجنسیة فی المستوی العرفی العادی و هو العرف الذی لا یخالف الشرع طبعاً. و قد ذکر مفهوم هذه الآیة فی المادة 1103 من القانون المدنی لبلدنا (ایران) أیضاً حیث ورد: "أن الزوج و الزوجة مکلّفان بحسن المعاشرة مع بعضهما".
2. و مع أن الله أجاز للرجال تعدّد الزوجات لأسباب مذکورة فی محلّها[2]، و لکنه أکّد علیهم أن لا یتصرّفوا مع إحدی زوجاتهم بحیث لا تکون ذات زوج یلبّی رغباتها الجنسیة و لا تکون مثل النساء المطلّقات فیمکنها أن تتصرف بحریّة.[3] و علی أساس الروایات فإن تعدّد الزوجات إذا استلزم عدم تلبیة الرغبة الجنسیة لبعض الزوجات و میلهن نحو الانحراف فإن الخطیئة تقع علی عهدة الزوج الذی أقدم علی الزواج بعدة زوجات مع علمه بالموضوع.[4]
3. رغم ان النکاح الموقت أو المتعة جائز فی مذهبنا و قد أوصی به فی بعض الموارد أیضاً، و لکن إذا أوجب مثل هذا الزواج الموقت أن لا یتمکن الرجل من تلبیة الرغبات الجنسیة لزوجته الدائمة فإنه قد منع من ذلک من قبل الأئمة(ع) و أوصی بزیادة الاهتمام بحاجة الزوجة الدائمیّة،[5] و ان تشبع الحاجة الجنسیة مهما أمکن عن طریق الزوجة الدائمیة، و ان یلجأ الی الزواج الموقت فی حالة العزوبة أو عدم الوصول الی الزوجة فقط.[6]
4.طبقاً للقواعد الشرعیّة فإنه یمکن لأصحاب النساء الاماء[7] أن یلبّوا حاجتهن الجنسیة فقد ورد فی روایة عن أمیر المؤمنین (ع): "من اتّخذ من الاماء أکثر مما ینکح أو یُنکح فالاثم علیه إن بغین".[8]
5. طبقاً للموازین الإسلامیة فانه یجب أن تکون العلاقات الجنسیة بشکل تصل فیه المرأة أیضاً الی الاشباع الکامل و کما قال أمیر المؤمنین(ع): "إذا أراد أحدکم أن یأتی زوجته فلا یعجّلها، فإن للنساء حوائج".[9]
6. علی کل رجل أن ینام الی جنب زوجته مرة واحدة علی الأقل فی کل اربع لیلاً، حتی و ان لم یکن راغباً فی المقاربة الجنسیة.[10]
7. نقل الحسن بن الجهم قال "رأیت أبا الحسن (الإمام الرضا(ع)) اختضب. فقلت جعلت فداک اختضبت؟ فقال نعم، ان التهیئة ممّا یزید فی عفّة النساء، و لقد ترک النساء العفة بترک أزواجهن التهیئة ثم قال: أیسرّک أن تراها علی ما تراک علیه إذا کنت علی غیر تهیئة؟ قلت: لا، قال فهو ذاک. ثم قال: من أخلاق الأنبیاء التنظّف و التطیب و حلق الشعر و کثرة الطروقة".[11]
ان التأمل فی الموارد المتقدمة یکشف عن انه و بالرغم من کون إدارة الاسرة و کذلک موضوع الطلاق هو بعهدة الرجل و لکن لیس معنی ذلک أن یکون مطلق العنان فی أن یتصرّف کیفما یشاء فیما یتعلّق بالامور الجنسیة سواء کان التصرف حلالاً أم حراماً، یضیّق علی زوجته من هذه الناحیة!
و نحن الآن نسأل: هل یمکن بعد قراءة ما تقدّم و بعد مراعاة الانصاف، أن یعتقد بأن التصرّفات التی هی حلال بحدّ نفسها مثل تعدّد الزوجات و الزواج الموقت أو امتلاک الاماء (فی تلک العصور) فی حالة عدم القیام بتلبیة الرغبة الجنسیة للزوجة الدائمیة قد انتقدت من جانب الإسلام ، و من جانب آخر أکّد الإسلام علی بعض الامور مثل الاهتمام بالمظهر الخارجی للزوج من أجل جذب رضا زوجته و ... أ فهل یمکن لنفس هذا الدین أن یجیز للزوج إهمال حاجة الزوجة و الالتذاذ الذاتی من الطرق المحرمة کالافلام اللااخلاقیة التی تبثّ عبر أجهزة الستلایت و الانترنیت و ... أو عن أی طریق محرم آخر، و لا یعتبر الرجل مقصّراً فی هذا المجال؟!
من المتیقّن ألا یکون هذا هو جوابکم و جوابنا، بل ان مثل هذا الرجل یعتبر طبقاً للموازین الإسلامیة مجرماً، و إذا أوجب هذا التصرف منه العسر و الحرج للمرأة فإنه طبقاً للقانون أیضاً یجوز لها الرجوع الی المحکمة لطلب الطلاق.[12]
و بالطبع فإنه ینبغی أن تذکر هذه الملاحظة و هی انه ینبغی علی الطرف المقابل أن لا یجعل التصرّفات المنحرفة للزوج مبرّراً للإنجرار نحو الانحراف و المسیر فی الطرق اللااخلاقیة لأن القرآن أمر الذین لا یتمکّنون من ایجاد علاقة جنسیة سلیمة أن یتعفّفوا الی أن تتوفّر الظروف المناسبة لذلک.[13]
و من جانب آخر فإننا نری هذا الکتاب السماوی یضع امرأتین عفیفتین و مؤمنتین کنموذج لجمیع المسلمین رجالاً و نساءً أحدهما آسیة زوجة فرعون ملک مصر الکافر و الظالم، حیث استشهدت بعد تحمّلها لمختلف المصائب.[14] و الاخری السیدة مریم و هی امرأة آنسة وصلت بسبب مراعاتها للعفة و الطهارة الی مرحلة رفیعة بحیث اعتبرت هی و ابنها آیة من آیات الله للبشر.[15]
و علی نفس هذا الأساس و بالنظر الی الشخصیة المستقلة للمرأة یمکننا أن نستنتج أن التجرّد و البقاء فی حالة العزوبة أو العیش مع رجال مذنبین و فاقدی الایمان، لا ینبغی أن یؤثّر علی طهارة النساء و یمنعهن من الارتباط بالله. و من المسلّم أن هؤلاء سیحصلن علی آجرهن من الله الحاکم بالعدل، و ان الرجال الذین تسبّبوا فی إیقاعهن فی مثل هذا العسر و الحرج سینالون جزاء أعمالهم.
[1] الطلاق، 6 (و ائتمروا بینکم بالمعروف).
[2] النساء، 3.
[3] النساء، 129، و راجع فی التفسیر الفقهی لهذه الآیة: الشیخ المفید، المقنعة، ص516، مؤتمر الشیخ المفید، قم 1413 هـ.ق.
[4] الحر العاملی، محمد بن الحسن، وسائل الشیعة، ج20، ص 243، حدیث 25544، مؤسسة آل البیت ، قم 1409 هـ.ق.
[5] نفس المصدر، ج 21، ص 23، حدیث 26423.
[6] نفس المصدر، ج 21، ص 22، حدیث 26421.
[7] هذا الفرض غیر موجود فی العصر الراهن لانتهاء قضیة العبید و الاماء.
[8] نفس المصدر، ج 21، ص 178، حدیث 26836.
[9] نفس المصدر، ج 20، ص 118، حدیث 25184.
[10] نفس المصدر، ج 21، ص 342-343، حدیث 27249.
[11] نفس المصدر، ج 20، ص 246، حدیث 25549.
[12] القانون المدنی، المادة 1130.
[13] النور، 33.
[14] التحریم، 11 (و ضرب الله مثلاً للذین آمنوا امرأة فرعون ...).
[15] التحریم، 12؛ الانبیاء 91.