Please Wait
الزيارة
6773
محدثة عن: 2008/01/31
کد سایت fa358 کد بایگانی 1418
گروه درایة الحدیث,الفلسفة الاسلامیة
خلاصة السؤال
کیف نرجع إلى العدم؟
السؤال
کیف نرجع إلى العدم؟
الجواب الإجمالي

ماذا تقصدون (بالرجوع إلى العدم)؟ هل المراد الرجوع إلى حالة ما قبل الولادة؟ کما یقول البعض: یا لیتنی لم أولد. من الطبیعی أنه لایوجد سبیل إلى الرجوع للماضی، لأن الزمان یمر و لا تخضع حرکته إلى میولنا و إرادتنا فلا یتوقف و لا یعود إلى الوراء. إذن فالرجوع إلى العدم بهذا المعنى غیر ممکن، و أما إذا کان المراد بالرجوع إلى العدم، الموت فلابد من الالتفات إلى أن الموت لیس عدماً، و إنما تحول من حالة إلى حالة أخرى، و انتقال من عالم إلى عالم آخر.

و حقیقة الأمر أن تبنی هذا الفکر یکشف أن الموت فی واقعه نحو من أنحاء الحرکة و التکامل، و معنى ذلک أن صیرورة الإنسان و بلوغه إلى حد الآدمیة یمر بعدة مراحل أولها مرحلة الجماد ثم النبات ثم الحیوان، و فی واقع الحال فإن کل انتقال من مرحلة إلى أخرى تصاحبه عملیة موت،[1] و بذلک نتوصل إلى نتیجة محصلها أن الموت الذی نواجهه الآن لا ینتهی بنا إلى الفناء و العدم، و إنما ینقلنا إلى مرحلة أعلى و یحلق بنا إلى عالم الملائکة.

و کذلک فإن الفلاسفة لا یرون الحیاة بعد الموت عودة من العدم و یعتقدون أن (إعادة المعدوم بعینه) محال و ممتنع.[2] و کل من یعتقد أن ما یحصل یوم القیامة و المعاد من قبیل إعادة المعدوم فإنه واقع فی الخطأ و الاشتباه، و ذلک لأن الشیء لا یعدم بالموت أولاً: و إنما یعتبر الموت نوع استکمال، أو انفصال للروح عن البدن، و أن الروح التی تشکل حقیقة الإنسان الواقعیة تستمر فی حیاتها، بل تزداد قدرتها و إمکاناتها بشکل أکبر مما کانت علیه فی تدبیر البدن، و ثانیاً: فإن القیامة و المعاد لا تعنی العودة من الفناء و العدم، بل تعنى العودة و الرجوع، و المراد بهذه العودة الرجوع إلى الله سبحانه، و لیس العودة من العدم إلى الوجود.

إذن لابد من القول على وجه الخلاصة: إن العودة إلى العدم لا معنى لها و لا یوجد أی سبیل إلیها.[3]



[1] ینبغی الالتفات الی ان هذا الموت وفقا لمدرسة صدرالمتالهین یعنی اللبس بعد اللبس لا الخلع بعد اللبس.

[2] من أجل الاطلاع على أدلة الفلاسفة ینظر: نهایة الحکمة، العلامة الطباطبائی، ص22-25.

[3] طرح هذا البحث فی الفلسفة، و هل أن الموجود یعدم؟ و إذا قلنا أنه لا یمکن أن یعدم أی موجود، فهل هذا یستلزم القول بالأزلیة و الأبدیة بالنسبة إلى الأشیاء أم لا؟ و قد استدل لهذا القول بطریقین: طریق تجریبی تبناه لافاوزیه، و طریق فلسفی. و للاطلاع بشکل أوسع أنظر: أصول الفلسفة، ج 3، العلامة الطباطبائی، تقدیم و تعلیق، الأستاذ المطهری، ص111-121؛ نهایة الحکمة، العلامة الطباطبائی، ص326.