المراد بالاستمتاع فی الآیة الکریمة (فما استمتعتم به منهن فآتوهن اجورهن فریضة) هو المقاربة و کسب اللذّة، و بناء علیه فمعنی هذه الجملة: إذا تلذّذتم بالنساء فادفعوا الیهن مهرهن. و أصحابنا من الإمامیة و جماعة من الصحابة و التابعین یقولون ان المقصود هو الزواج الموقت. و أورد مسلم بن الحجاج فی روایة صحیحة عن عطاء انه قال:"قدم جابر بن عبد الله معتمراً فجئناه فی منزله فسأله القوم عن أشیاء ثم ذکروا المتعة فقال: استمتعنا علی عهد رسول الله(ص) و أبی بکر و عمر.
و لهذا نری ان کبار الصحابة و التابعین و فریق کبیر من المفسّرین من أهل السنة و جمیع مفسّری مدرسة أهل البیت(ع) فهموا جمیعاً حکم الزواج الموقت من الآیة المذکورة. و الآیة هی بصدد ذکر النساء التی یجوز الزواج بهن و لیست فی مقام الأمر بالزواج الموقت أو الدائم، و الزواج أساساً سواء الموقت أو الدائم هو أمر مستحب فی نفسه و لیس واجباً.[i] و علیه فلا موجب لاستعمال فعل الأمر فی هذه المسألة.
إذن نقول فی جواب القسم الثانی من السؤال ان الدلالة الأولیة للأمر هی الوجوب و لکن لم یدّع أحد ان المتعة واجبة لکی یحتاج الی ایراد فعل الأمر.
[i] الفاضل اللنکرانی، محمد، تفصیل الشریعة فی شرح تحریر الوسیلة، تحقیق و نشر مرکز فقة الأئمة الأطهار(,9، کتاب النکاح، ص7.
یقول علماء اللغة ان المقصود بالاستمتاع هو المقاربة و کسب اللّذة و علیه فمعنی الآیة: إذا تلذّذتم بالنساء فادفعوا الیهن مهرهن.
یقول ابن عباس و السدّی و ابن سعید و جماعة من التابعین و أصحابنا الإمامیة: ان المراد هو الزواج الموقت. و هذا الأمر واضح لان الاستمتاع و التمتع و ان کان بالأصل هو بمعنی الانتفاع و کسب اللذّة و لکنه فی عرف الشرع یختص بهذا العقد و خصوصاً إذا اُضیف الی (النساء).
و علیه فمعنی هذه الجملة هو (إذا عقدتم علیهن بعقد المتعة فادفعوا الیهن اجورهن) و قد نقل عن جماعة من الصحابة و منهم ابی بن کعب و عبد الله بن عباس و عبد الله بن مسعود بأنهم قرأوا "فما استمتعتم به منهن الی أجل مسمی فآتوهن اجورهن" أی إذا اردتم ان تتمتّعوا بهن الی مدة معیّنة فادفعوا الیهن اجورهن. و هذا صریح فی الزواج الموقت.
و من هنا نری ان کبار الصحابة و التابعین مثل ابن عباس و هو العالم و المفسّر الإسلامی المعروف و أبی بن کعب و جابر بن عبد الله و عمران بن حصین و سعید بن جبیر و مجاهد و قتادة و السدّی و فریق کبیر من مفسری أهل السنة و جمیع مفسری مدرسة أهل البیت(ع) فهموا جمیعهم حکم الزواج الموقت من الآیة المذکورة. حتی ان الفخر الرازی مع اشتهاره فی الاشکال علی القضایا المتعلّقة بالشیعة، یقول بعد بحث مفصّل حول الآیة:" لا کلام لنا فی دلالة هذه الآیة علی حکم جواز المتعة، و لکننا نقول بأن هذا الحکم قد نسخ بعد فترة".[1]
و اما القسم الثانی من السؤال و هو انه لماذا لم یأمر الله نبیّه فی قضیة الزواج الموقت بهذا الأمر و لم یستعمل فی تلک الآیة من سورة النساء فعل الأمر عند بیان حکم الاستمتاع؟ فینبغی ان نقول: ان الدلالة الأوّلیة للأمر هی علی الوجوب لکن و لم یدّع أحد ان المتعة واجبة.[2]
و بناء علی هذا فان الآیة کانت بصدد ذکر النساء التی یجوز الزواج بهن و لیست فی بیان ایجاب الزواج علی أحد سواء الزواج الموقت أم الدائم، و الزواج أساساً سواء الموقت أم الدائم هو أمر مستحب فی نفسه و لیس واجباً.[3] و علیه فلا موجب لاستعمال فعل الأمر فی هذه المسألة. و من جانب آخر فان الأحکام هی لجمیع الناس و لیست للنبی(ص) فقط، إذن فحیث ان الآیة بصدد بیان حکم الهی فحتی لو کان الخطاب موجّهاً الی النبی(ص) فهی تشمل أیضاً عموم الناس أیضاً و لیست مختصّة به.
[1] مکارم الشیرازی، ناصر، تفسیر الأمثل، ج3، ص336، دار الکتب الإسلامیة، طهران1374، الطبعة الاولی.
[2] ینبغی التذکیر بأن کثیراً من الأحکام التی لا یشک أحد بوجوبها، الا إنها لم ترد بصیغة الأمر، مثل وجوب الصوم حیث یقول تعالی"یا أیها الذین آمنوا کتب علیکم الصیام کما کتب علی الذین من قبلکم لعلّکم تتّقون" و وجوب الحج حیث یقول الله تعالی "فیه آیات بیّنات مقام إبراهیم و من دخله کان آمنا و لله علی الناس حج البیت من استطاع الیه سبیلا".
[3] الفاضل اللنکرانی، محمد، تفصیل الشریعة فی شرح تحریر الوسیلة، تحقیق و نشر مرکز فقة الأئمة الأطهار,9، کتاب النکاح، ص7.