تعرض القرآن الکریم لحیاة الیهود و صفاتهم بشکل موسع و تابع تاریخهم بصورة لم یتابع فیها سائر الادیان الاخرى، و من هنا جاءت آیات کثیرة فی هذا المجال و فی کل آیة من تلک الآیات اشارة الى صفة او ظاهرة من ظواهر الیهود و بنی اسرائیل و عاداتهم و معتقداتهم، و من ضمن تلک الآیات قوله تعالى: «وَ قَضَیْنا إِلى بَنی إِسْرائیلَ فِی الْکِتابِ لَتُفْسِدُنَّ فِی الْأَرْضِ مَرَّتَیْنِ وَ لَتَعْلُنَّ عُلُوًّا کَبیرا». الاسراء 4 و قوله تعالى: «وَ قالَتِ الْیَهُودُ یَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَیْدیهِمْ وَ لُعِنُوا بِما قالُوا بَلْ یَداهُ مَبْسُوطَتانِ یُنْفِقُ کَیْفَ یَشاءُ ..... وَ یَسْعَوْنَ فِی الْأَرْضِ فَساداً وَ اللَّهُ لا یُحِبُّ الْمُفْسِدین». المائدة،64.
نشیر هنا الى عناوین تلک الصفات و الخصال و العقائد و نترک التوسع الى الجواب التفصیلی، فمن خصالهم:
تحریف الکتب السماویة" التوراة"،و نقض المواثیق و جحود الآیات و قتل الانبیاء و البهتان،و ایمانهم بحسب اهوائهم، و انکارهم ما عند خصومهم من الحق، و حسدهم للمسلمین، و تمنیهم ارتداد المسلمین عن الاسلام، و اصرارهم على انکار نبوة النبی الاکرم (ص)، و صفة المداهنة، اضافة الى اتصافهم بالنفاق، و القول بکون علم الله ناقصا، و الغرور، و نسبة السحر الى سلیمان النبی (ع) و عدم تمنیهم الموت الدال على ظلمهم، و طبیعة الاستکبار و العناد عندهم، و اهانة بنی اسرائیل لمقام الربوبیة و نسبة الاستهزاء الى نبیهم و قساوة قلوبهم و اهتمامهم بالمادة و فسقه.
و اما عقائدهم المنحرفة فهی: اعتقادهم ببنوة عزیر لله تعالى، و قولهم ان النار لن تسمهم الاّ ایاما معدودة، و انهم ابناء الله، و قولهم ان ید الله مغلولة و انه سبحانه و تعالى فقیر.
لقد أولى القرآن الکریم بنی اسرائیل و الیهود اهمیة کبیرة، حیث تعرض لحیاتهم و صفاتهم فیه بشکل موسع و تابع تاریخهم بصورة لم یتابع فیها سائر الادیان الاخرى، و من هنا جاءت الآیات کثیرة فی هذا المجال و فی کل آیة من تلک الآیات اشارة الى صفة او ظاهرة من ظواهر بنی اسرائیل و عاداتهم و معتقداتهم، و من ضمن تلک الآیات قوله تعالى: «وَ قَضَیْنا إِلى بَنی إِسْرائیلَ فِی الْکِتابِ لَتُفْسِدُنَّ فِی الْأَرْضِ مَرَّتَیْنِ وَ لَتَعْلُنَّ عُلُوًّا کَبیرا».[1] و قوله تعالى: «وَ قالَتِ الْیَهُودُ یَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَیْدیهِمْ وَ لُعِنُوا بِما قالُوا بَلْ یَداهُ مَبْسُوطَتانِ یُنْفِقُ کَیْفَ یَشاءُ ..... وَ یَسْعَوْنَ فِی الْأَرْضِ فَساداً وَ اللَّهُ لا یُحِبُّ الْمُفْسِدین».[2]
الاّ ان هاتین الآیتین لم تبینا جمیع صفات الیهود او بنی اسرائل من هنا نشیر الى الآیات الاخرى التی توضح صفاتهم ضمن طائفتین او بحثین:
اوّلاً: صفات الیهود و عاداتهم الذمیمة.
الثانی: بیان بعض عقائدهم الفاسدة.
البحث الاوّل : صفات الیهود و عاداتهم الذمیمة.
اشار القرآن الکریم الی مجموعة من الصفات الذمیمة و العادات القبیحة التی یتحلى بها الیهود کافة او بعضهم منها:
1- تحریف الکتب السماویة "التوراة"
قال تعالى مشیرا الى تلک الصفة: «مِنَ الَّذِینَ هادُوا یُحَرِّفُونَ الْکَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ وَ یَقُولُونَ سَمِعْنا وَ عَصَیْنا وَ اسْمَعْ غَیْرَ مُسْمَعٍ وَ راعِنا لَیًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَ طَعْناً فِی الدِّینِ وَ لَوْ أَنَّهُمْ قالُوا سَمِعْنا وَ أَطَعْنا وَ اسْمَعْ وَ انْظُرْنا لَکانَ خَیْراً لَهُمْ وَ أَقْوَمَ وَ لکِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِکُفْرِهِمْ فَلا یُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِیلا».[3]
إنّ أحد أعمال هذه الجماعة هو تحریف الحقائق، و تغییر حقیقة الأوامر الإلهیة: «مِنَ الَّذِینَ هادُوا یُحَرِّفُونَ الْکَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ». أی أنّ جماعة من الیهود یحرفون الکلمات عن مواضعها. و هذا التحریف قد یکون له جانب لفظی، و قد یکون له جانب معنوی و عملی.
أمّا العبارات اللاحقة فتفید أن المراد من التحریف فی المقام هو التحریف اللفظی و تغییر العبارة، لأنّه تعالى یقول بعد هذه الجملة: «وَ یَقُولُونَ سَمِعْنا وَ عَصَیْنا». یعنی بدل أن یقولوا «سمعنا و أطعنا» یقولون «سمعنا و عصینا» و هذا یشبه تماما کلام من یقول مستهزء: «منک الأمر و منّا عدم السماع»، هذا و العبارات الاخرى فی هذه الآیة خیر شاهد على هذا القول.
ثمّ یشیر إلى قسم آخر من أحادیثهم العدائیة المزیجة بروح التحدی و الصلافة حیث یقول: إنّهم یقولون: «وَ اسْمَعْ غَیْرَ مُسْمَعٍ». و بهذا الطریق یتوسل هذا الفریق للحفاظ على جماعة من المغفلین،- مضافا إلى سلاح تحریف الحقائق و الخیانة فی إبلاغ الکتب السماویة التی کانت تشکل الوسیلة الحقیقیة لنجاة ذلک الفریق و شعبهم من مخالب الطغاة الظلمة مثل فرعون- یتوسلون بسلاح الاستهزاء و السخریة الذی هو سلاح الأنانیین و المغرورین و وسیلة العتاة و المعاندین.[4]
و ما عرف التاریخ قوما أشد عنادا للحق، و عداء للخیر من الیهود[5] و کل کلام لا یتفق مع مقاصدهم الشریرة یحرفونه عن مواضعه، حتى و لو عقلوا و علموا أنه من عند اللّه، فلقد حرفوا التوراة من قبل، و وضعوا مکان آیات العدل و الرحمة الأمر بالسلب و النهب.[6]
2- نقض المواثیق و جحود الآیات و قتل الانبیاء و البهتان
لقد اشارت الآیتان التالیتان الى هذه الصفات الثلاث لدى الیهود حیث قال تعالى: «فَبِما نَقْضِهِمْ میثاقَهُمْ وَ کُفْرِهِمْ بِآیاتِ اللَّهِ وَ قَتْلِهِمُ الْأَنْبِیاءَ بِغَیْرِ حَقٍّ وَ قَوْلِهِمْ قُلُوبُنا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَیْها بِکُفْرِهِمْ فَلا یُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلیلاً». «وَ بِکُفْرِهِمْ وَ قَوْلِهِمْ عَلى مَرْیَمَ بُهْتاناً عَظیما».[7]
کرر سبحانه نسبة الکفر الى الیهود ثلاث مرات: الأولى، بمناسبة ذکره لجحودهم آیات اللّه و قتلهم الأنبیاء. الثانیة، بمناسبة قولهم: قلوبنا غلف. الثالثة، عند ذکره لقولهم على مریم المنکر الذی لا یقوله الاّ الیهود[8]
عند ما حرّم اللَّه علیهم الصید فی السبت- و أخذ منهم میثاقا غلیظا مؤکدا، و لکنهم لم یلتزموا بالتعالیم، و لم یفوا بالمیثاق بل نقضوه بالتمرّد على کل ما فیه من التزامات. و امتد بهم الطغیان فکفروا بآیات اللَّه الواضحة التی أظهرها على أیدی أنبیائه، و قتلوا الأنبیاء بغیر حق، و أیّ حق یمکن أن یتصوره الإنسان فی قتل الأنبیاء الذین أرسلهم اللَّه رحمة للعالمین؟ و سخروا من کل الدعوات الخیّرة الموجّهة إلیهم، و قالوا للدعاة إلى اللَّه: إن قُلُوبنا غُلْفٌ، لا تدخل إلیها الکلمات و لا تعی ما یلقى إلیها من وحی، و لکن اللَّه سبحانه یرفض هذا الادّعاء، بل إن قلوبهم کقلوب بقیة البشر مفتوحة، لکل أسالیب الهدایة، و لکنهم أغلقوها و غلّفوها بالأفکار السوداء، فطبع اللَّه علیها بسبب ذلک، فلا یؤمنون إلاّ قلیلا، لأنهم لا ینفتحون على معانی الإیمان و إیحاءاته.[9]
3- ایمانهم بحسب اهوائهم
من اخلاق الیهود و صفاتهم انهم لایؤمنون الاّ بما تهواه انفسهم، و لهذا تمردوا على انبیائهم فاستکبروا على بعضهم و على ما جاؤا به من ربهم، و قتلوا البعض الاخر[10]، قال تعالى: «وَ لَقَدْ آتَیْنا مُوسَى الْکِتابَ وَ قَفَّیْنا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَ آتَیْنا عیسَى ابْنَ مَرْیَمَ الْبَیِّناتِ وَ أَیَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ أَ فَکُلَّما جاءَکُمْ رَسُولٌ بِما لا تَهْوى أَنْفُسُکُمُ اسْتَکْبَرْتُمْ فَفَریقاً کَذَّبْتُمْ وَ فَریقاً تَقْتُلُونَ *وَ قالُوا قُلُوبُنا غُلْفٌ بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِکُفْرِهِمْ فَقَلیلاً ما یُؤْمِنُونَ *وَ لَمَّا جاءَهُمْ کِتابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ وَ کانُوا مِنْ قَبْلُ یَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذینَ کَفَرُوا فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا کَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْکافِرینَ».[11]
4- انکارهم ما عند خصومهم من الحق
من صفات الیهود و النصارى ان کل واحدة من هاتین الطائفتین تنکر ما عند الاخرى من حق و صواب، و هذا خلق ذمیم،[12] قال تعالى: وَ قالَتِ الْیَهُودُ لَیْسَتِ النَّصارى عَلى شَیْءٍ وَ قالَتِ النَّصارى لَیْسَتِ الْیَهُودُ عَلى شَیْءٍ وَ هُمْ یَتْلُونَ الْکِتابَ کَذلِکَ قالَ الَّذینَ لا یَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ یَحْکُمُ بَیْنَهُمْ یَوْمَ الْقِیامَةِ فیما کانُوا فیهِ یَخْتَلِفُون».[13]
عبارة «لیست على شیء» تعنی أن أفراد هذا الدین لا مکانة لهم و لا منزلة لدى اللّه سبحانه، أو تعنی أن هذا الدین لا وزن له و لا قیمة.
ثم تضیف الآیة: «وَ هُمْ یَتْلُونَ الْکِتابَ». أی إنّ هؤلاء لدیهم الکتاب الذی یستطیع أن ینیر لهم الطریق فی هذه المسائل، و مع ذلک ینطلقون فی أحکامهم من التعصب و اللجاج و العناد! ثم تقول الآیة: «کَذلِکَ قالَ الَّذِینَ لا یَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ». و هذه الآیة الکریمة تجعل أقوال هذه المجموعة من أهل الکتاب المتعصبین شبیهة بأقوال الجهلة من الوثنیین.[14]
5- حسدهم للمسلمین
قال تعالى مشیرا الى تلک الصفة فیهم : «ما یَوَدُّ الَّذینَ کَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْکِتابِ وَ لاَ الْمُشْرِکینَ أَنْ یُنَزَّلَ عَلَیْکُمْ مِنْ خَیْرٍ مِنْ رَبِّکُمْ وَ اللَّهُ یَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ یَشاءُ وَ اللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظیمِ».[15]
لیس غریبا و لا عجیبا ان یکره المشرکون و الیهود و النصارى، و معهم المنافقون- أن یکرهوا جمیعا نزول القرآن على محمد (ص)، و أن یخصه اللّه و الذین معه بالفضل و الهدایة، و الصلاح و الإصلاح، و انما العجیب ان لا یکرهوا ذلک.
«وَ اللَّهُ یَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ یَشاءُ». قال أمیر المؤمنین (ع): المراد بالرحمة هنا النبوة.[16]
و محال أن یتوب الحاسد من حسده، لأن الحسد تماما کالجبن و البخل، فکیف یتوب البخیل. و الجبان؟ و من أجل هذا أمر اللّه نبیه الکریم أن یقول للحساد[17]: «قُلْ مُوتُوا بِغَیْظِکُمْ».
فهم یعتبرون الرسالة خیرا. فضلّ غیرهم به، لذلک یتمیّزون غضبا و قال اللّه لهم ببساطة: «اللَّهُ أَعْلَمُ حَیْثُ یَجْعَلُ رِسالَتَهُ». «وَ اللَّهُ یَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ یَشاءُ»، و الرسالة کأیة رحمة اخرى ینزّلها اللّه حسب ما یشاء لا حسب ما یشاء الناس.
وَ اللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِیمِ، یمکنه ان یعم الناس کلهم بفضله لو لم یتحاسدوا، و إذا أخلصوا للّه عملهم فبامکان المشرک أو الیهودی ان یصبح مسلما صادقا یتقدم على کثیر من المؤمنین السابقین ذلک ان المجال مفتوح امام الجمیع، و رحمة اللّه واسعة تشمل الجمیع.[18]
6- تمنیهم ارتداد المسلمین عن الاسلام
قال تعالى: «وَدَّ کَثیرٌ مِنْ أَهْلِ الْکِتابِ لَوْ یَرُدُّونَکُمْ مِنْ بَعْدِ إیمانِکُمْ کُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما تَبَیَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَ اصْفَحُوا حَتَّى یَأْتِیَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلى کُلِّ شَیْءٍ قَدیر».[19]
کل انسان یود أن یکون الناس - کل الناس- على دینه، قال أحد الفلاسفة: ان أسعد یوم عندی أن أرى من یوافقنی على رأیی .. و لکن جماعة من الیهود کانوا یبذلون جهودا کبیرة لفتنة المسلمین، و ارتدادهم عن دینهم الى الجاهلیة الأولى، لا لشیء إلاّ بغیا و حسدا، مع العلم انهم یستطیعون الإسلام کما فعل غیرهم، و لکنهم خافوا على أسواقهم و أرباحهم من الخمر و المیسر و الدعارة.
و قد استغل الیهود انکسار المسلمین یوم أحد للدس على النبی، فقد جاء فی الأخبار انهم بعد واقعة أحد کانوا یدعون شباب المسلمین الى بیوتهم، و یقدمون لهم الخمر، و یغرونهم ببناتهم، کما یفعلون الیوم، و فی کل یوم، ثم یشککون المسلمین بالقرآن و نبوة الرسول الأعظم (ص). و أحس النبی بهذا التدبیر الرهیب، فنهى عن مجالس اللهو، و شدد النکیر على من یتعاطى الزنا و الخمر و المیسر و لحم الخنزیر، فامتنع المسلمون عن الذهاب الى بیوت الیهود التی فتحوها لهذه الغایة .
(مِنْ بَعْدِ ما تَبَیَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ). أی ان الیهود قد حاولوا إرجاع المسلمین الى الکفر و الضلال على علم منهم ان الإسلام هو الحق، و ان الشرک و انکار نبوة محمد (ص) هو الباطل، و لا یختص هذا بالیهود، فان أکثر الناس تجحد الحق و تعانده، لا لشیء الاّ لأنه لا یتفق مع مطامعهم، فان الإنسان مسیر بوحی من عاطفته و منافعه، لا بوحی من دینه و عقله[20]، قال أمیر المؤمنین (ع): «أکثر مصارع العقول تحت بروق المطامع».[21]
7- اصرارهم على انکار نبوة النبی الاکرم (ص)
و من عنادهم اصرارهم على انکار نبوة النبی الاکرم (ص) مع انه مکتوب عندهم صفة و نعتا قال تعالى : «الَّذینَ یَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِیَّ الْأُمِّیَّ الَّذی یَجِدُونَهُ مَکْتُوباً عِنْدَهُمْ فِی التَّوْراةِ وَ الْإِنْجیلِ...».[22]
8- صفة المداهنة
قال تعالى: «أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِینَ أُوتُوا نَصِیباً مِنَ الْکِتابِ یُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَ الطَّاغُوتِ وَ یَقُولُونَ لِلَّذِینَ کَفَرُوا هؤُلاءِ أَهْدى مِنَ الَّذِینَ آمَنُوا سَبِیلاً* أُولئِکَ الَّذِینَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَ مَنْ یَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِیراً».[23]
إن الآیة الأولى من الآیتین الحاضرتین تعکس- بملاحظة- ما ذکر فی سبب النزول قریبا- صفة أخرى من صفات الیهود الذمیمة، و هی أنّهم لأجل الوصول إلى أهدافهم کانوا یداهنون کل جماعة من الجماعات، حتى أنّهم لکی یستقطبوا المشرکین سجدوا لأصنامهم، و تجاهلوا کل ما قرءوه فی کتبهم، أو علموا به حول صفات رسول اللّه (ص) و عظمة الإسلام، بل و ذهبوا- بغیة إرضاء المشرکین- إلى ترجیح عقیدة الوثنیین بما فیها من خرافات و تفاهات و فضائح على الإسلام الحنیف، مع أنّ الیهود کانوا من أهل الکتاب، و کانت المشترکات بینهم و بین الإسلام تفوق بدرجات کبیرة ما یجمعهم مع الوثنیین.[24]
هذه بعض الصفات ذکرناها من باب المثال و هناک صفات اخرى ذکرها القرآن الکریم مثل النفاق، و القول بکون علم الله ناقصا، و الغرور، و نسبة السحر الى سلیمان النبی (ع) و عدم تمنیهم الموت الدال على ظلمهم، و طبیعة الاستکبار و العناد عندهم، و اهانة بنی اسرائیل لمقام الربوبیة و نسبة الاستهزاء الى نبیهم و قساوة قلوبهم و اهتمامهم بالمادة و فسقهم.[25]
البحث الثانی: بیان بعض عقائدهم الفاسدة.
هناک الکثیر من الآیات تشیر الى بعض ما یعتقد به الیهود من العقائد الفاسدة منها:
1- اعتقادهم ببنوة عزیر لله تعالى
قال تعالى: «وَ قالَتِ الْیَهُودُ عُزَیْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَ قالَتِ النَّصارى الْمَسیحُ ابْنُ اللَّهِ ذلِکَ قَوْلُهُمْ بِأَفْواهِهِمْ یُضاهِؤُنَ قَوْلَ الَّذینَ کَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى یُؤْفَکُون».[26]
2- قولهم ان النار لن تسمهم الاّ ایاما معدودة
قال تعالى مشیرا الى هذا المعتقد: «وَ قالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَیَّاماً مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْداً فَلَنْ یُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُون».[27]
3- یدعون انهم ابناء الله
قال تعالى: «وَ قالَتِ الْیَهُودُ وَ النَّصارى نَحْنُ أَبْناءُ اللَّهِ وَ أَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ یُعَذِّبُکُمْ بِذُنُوبِکُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَق...».[28]
4- قالوا ان ید الله مغلولة
قال تعالى: «وَ قالَتِ الْیَهُودُ یَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَیْدیهِمْ وَ لُعِنُوا بِما قالُوا بَلْ یَداهُ مَبْسُوطَتانِ یُنْفِقُ کَیْفَ یَشاءُ وَ لَیَزیدَنَّ کَثیراً مِنْهُمْ ما أُنْزِلَ إِلَیْکَ مِنْ رَبِّکَ طُغْیاناً وَ کُفْرا...».[29]
5- قالوا ان الله فقیر
قال تعالى: «لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذینَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقیرٌ وَ نَحْنُ أَغْنِیاءُ سَنَکْتُبُ ما قالُوا وَ قَتْلَهُمُ الْأَنْبِیاءَ بِغَیْرِ حَقٍّ وَ نَقُولُ ذُوقُوا عَذابَ الْحَریق».[30]
هذه اطلالة سریعة على صفات الیهود و معتقداتهم فی القرآن الکریم، و لمزید الاطلاع و معرفة تفاصیل ذلک یمکنکم الرجوع الى کتب التفسیر و ما کتب حول الیهود من المصنفات.
[1] الاسراء، 4.
[2] المائدة، 64.
[3] النساء، 46.
[4] الأمثل فی تفسیر کتاب الله المنزل، ج3، ص، 254.
[5] تفسیر الکاشف، ج2، ص، 338.
[6] نفس المصدر.
[7] النساء، 155- 156.
[8] تفسیر الکاشف، ج2، ص، 485.
[9] تفسیر من وحی القرآن، ج7، ص، 533.
[10] موجز الادیان فی القرآن الکریم،52.
[11] البقرة، 87-89.
[12] موجز الادیان فی القرآن الکریم، ص53.
[13] البقرة،113.
[14] الأمثل فی تفسیر کتاب الله المنزل، ج1، ص، 343.
[15] البقرة، 105
[16] تفسیر الکاشف، ج1، ص، 168.
[17] المصدر السبابق.
[18] من هدى القرآن، ج1، ص، 230.
[19] البقرة، 109.
[20] تفسیر الکاشف، ج1، ص، 174.
[21] غررالحکم، 298.
[22] الاعراف، 157.
[23] النساء، 51-52.
[24] الأمثل فی تفسیر کتاب الله المنزل، ج3، ص، 268.
[25] لمزید الاطلاع انظر: دلیل المیزان، فی تفسیر القران، ص 98 و ص 365-367.
[26] التوبة، 30.
[27] البقرة، 80، و آل عمران،24 .
[28] المائدة، 18.
[29] المائدة، 64.
[30] آل عمران، 181.