بلا ریب إن حیاة کل إنسان لا تخلو عن إحباطات و إخفاقات تسلب عنه الأمل و تجعل الحیاة فی عینه ظلمة و غبرة. و تکون الناس فی مواجهة هذه الحالات على نوعین: نوع یخرج من دوّامة المشاکل منتصراً و متوکلاً على الله تعالى و ینهض لانطلاقة جدیدة، و یقابله نوع آخر الذی ینحنی ظهره تحت ثقل المشاکل فإما أن یتقوقع وینزوی أو أسوأ من ذلک یقدم على الانتحار. و لکن لو تمعّن الانسان فی منطق الاسلام لوجد أن الموت لا یعنی نهایة المطاف و إنما هو شوط جدید لا ینتهی أبداً. إذا الانتحار لا یجدی للإنسان أی نفعاً. بالإضافة إلى ذلک لا توجد مطلقاً مشکلة فی حیاة الدنیا تستحق أن الانسان یفنی من أجلها نفسه الکریمة.
إن المالک الحقیقی للأشیاء و منها الانسان فی الاسلام هو الله، و هو الذی له حق التصرّف فی الکون و الانسان. فإذا رخّص عزوجل فیجوز التصرّف، و إذا لم یرخّص عز و جل فلا یجوز ذلک. و من هذه التصرفات، هو قتل الإنسان. و لا فرق فی أصل الموضوع بین الانتحار و قتل الغیر، إذ أن هذا العمل هو فی الحقیقة سلب لحق الحیاة من النفس و من الغیر، وقد حذر الله سبحانه الانسان من ذلک بقوله تعالى: (من قتل نفساً بغیر نفسٍ أو فسادٍ فی الأرض فکأنما قتل الناس جمیعا)[1].
حیاة الإنسان الواحد أو موته و إن لم یکن مساویاً لحیاة المجتمع و موته، و لکنه یشبه ذلک، و علیه فإن عند عدم ترخیص الله تعالى سوف یکون ارتکابه حراماً و معصیة کبیرة. و لا تختلف هذه النفس عن کونها نفس الغیر أو أن ینتحر الانسان.
و لقد اشار الإمام الباقر(ع) الى هذه الحقیقة بقوله: إن المؤمن یبتلى بکل بلیة و یموت بکل میتة الا أنه لا یقتل نفسه.[2]
کذلک اشار الاما الإمام الصادق (ع) الى عاقبة المنتحر بقوله: "مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ مُتَعَمِّداً فَهُوَ فِی نَارِ جَهَنَّمَ خَالِداً فِیهَا ".[3]
و تدل هاتین الروایتین و غیرهما على شدة توبیخ الإسلام لهذه الظاهرة. إذن أبداً لا ننظر إلى الانتحار کخیارٍ لحل المشاکل، حتى و لو لم یلتفت الآخرون إلیه و یصوّر لهم کأنه مشهد طبیعی، و لکن فی الواقع لا یخفى على الله شیٌ. اطمئنوا بأنکم إذا سرتم على الدرب الصحیح، سوف تجلبون بعد مدة قلیلة انتباه الجمیع إلى أنفسکم و تصبحون فخراً و عزة لأسرتکم.
و إلیکم الوصایا التالیة:
- اسعوا و بشتى الطرق على تعزیز الإیمان و تثبیته فی القلب.
- عاشروا من یتسم بالسرور، و الأمل، و التفاؤل، و استوحوا منهم الامل فی الحیاة.
- احذروا تماماً من التشاؤم و ابعدوا الأفکار السلبیة عن نفسکم.
- ارتبطوا بمراکز الاستشارة فی هذا المجال.
- و أیضاً راجعوا السؤال 5714 (الموقع: 5976) و السؤال 1417 (الموقع:2412).