Please Wait
الزيارة
5787
محدثة عن: 2009/01/28
کد سایت fa5257 کد بایگانی 1213
گروه الانظمة
خلاصة السؤال
هل الولی الفقیه افضل من الملائکة عند الامام الخمینی (ره)؟
السؤال
هل أن الإمام الخمینی یرى أفضلیة رئیس الحکومة الإسلامیة على الملائکة فی کتابه المسمى (الحکومة الإسلامیة)؟.
الجواب الإجمالي

تعتبر ولایة الفقیه فی عصر الغیبة امتداداً لولایة النبی الأکرم(ص) و الأئمة الأطهار (ع)، و الولی الفقیه باعتباره قائد و زعیم المجتمع الإسلامی و یملک تلک الصلاحیات فیمکنه انطلاقا من تلک الصلاحیات اقامة الحکومة الاسلامیة.

و بعبارة أخرى: إن ولایة الفقیه ناشئة من ولایة النبی(ص) و أئمة الهدى(ع)، و إن الفقیه مأمور بتشکیل الحکومة الإسلامیة و تولی إدارتها بهذه الصلاحیات.

و طبقاً لرأی الإمام الخمینی(ره) فإن الرسول الأکرم(ص) و الأئمة المعصومین (ع)، لهم ولایة تکوینیة لما یتمتعون به من مراتب معنویة سامیة و کمالات عالیة خاصة بهم، و لذلک فإن مراتبهم المعنویة أعلى و أفضل من جمیع موجودات عالم الوجود، و حتى الملائکة. و عند ما نقول أن ولایة الفقیه هی ولایة النبی(ص) و الأئمة المعصومین(ع) لا ینبغی أن نقع فی توهم أن مرتبة  الولی الفقیه ترقى إلى مرتبة النبی(ص) و الأئمة المعصومین (ع).

و أما إذا کان الولی الفقیه یتمتع بالکمالات المعنویة و الإنسانیة العالیة فسوف تکون له نوع ولایة تکوینیة إضافة لما له من ولایة تشریعیة و یکون مصداقاً للإنسان الکامل الذی یفضّل على الملائکة.

الجواب التفصيلي

قبل الشروع فی بیان مسألة التفاضل بین الولی الفقیه و الملائکة فلا بد من التوجه إلى بعض الأمور کتعریف ولایة الفقیه، و محلها، و صلاحیاتها و أدلة إثباتها.

فی الرؤیة الإسلامیة یکون حق الحاکمیة منحصراً بالله تعالى «إِنِ الْحُکْمُ إِلا لِلَّهِ»[1]. و یرد هذا المضمون فی آیات أخرى.

و الحکم هنا له معنى واسع یشمل الحکومة، و القضاء و الفصل بین الناس[2]. عند ما نذعن إن الله هو خالق هذا العالم دون شریک، فلا بد أن نقبل أنه مالکه الحقیقی دون منازع، و أن الحاکمیة فی هذا العالم ـ و قبل کل شیء ـ هی لله وحده.

و على هذا الأساس جمیع الحاکمیات یجب أن تنتهی إلیه و تستقى أحکامها منه، و کل من یجلس على سریر الحکم من دون إذنه یعد غاصباً متجاوزاً. و لهذا فإن أنبیاء الله و النبی الخاتم(ص) هم الحکام الأصلیون من جانب الله، و أما بعد الرسول الخاتم(ص) فحق الحکومة یکون لمن یعینه الرسول بواسطة أو من دون واسطة، و على أساس هذه الرؤیا فإن حق الحکومة فی عصر غیبة الإمام المهدی(عج) لمن ینصبه الإمام بشکل خاص أو بصورة عامة لتولی هذه المسؤولیة[3]. و بناءً على هذا فالشیعة یرون أن ولایة الفقیه فی عصر الغیبة هی امتداد لولایة الأئمة المعصومین (ع)، کما أن ولایة الأئمة هی امتداد لولایة النبی الأکرم(ص)).

و نتیجة ذلک الاعتقاد بأن من یترأس المجتمع الإسلامی و یتولى إدارة شؤونه لا بد و أن یکون خبیراً بالإسلام و أحکامه و تعالیمه، فإذا کان المعصوم موجوداً فالأمر إلیه، و إن لم یکن موجوداً یأتی دور الفقهاء فی تولی هذه المسؤولیة و النهوض بأعبائها[4].

و من أجل الوصول إلى نتیجة مهمة، من اللازم أن نعرف أن الولایة بمفهوم التصرف و الحاکمیة على الأشخاص أو أعمالهم تقسم إلى ولایة تکوینیة و ولایة تشریعیة.

الولایة التکوینیة: تعنی القدرة على التصرف فی عالم الکون و نظام الطبیعة، و الولایة التشریعیة تعنی القدرة على وضع القوانین و إصدار الأوامر، و تشریع الأحکام، و إضافة إلى بیان الأحکام الإلهیة و الإرشاد یترتب علیها وجوب الإطاعة للأوامر الحکومیة و الاجتماعیة.

و بالنسبة إلى الرسول الأکرم(ص) أو أکثر الأنبیاء و الرسل (ع) و الأئمة (ع) فإنهم یتمتعون بمرتبة من الولایة التکوینیة، حیث یطلق على أعمالهم اسم المعجزة، و تتناسب هذه الولایة مع مراتب وجودهم و تکاملهم. و الولایة التشریعیة لها مراتب مختلفة أیضاً، و أن المرتبة الکاملة منحصرة بالذات الإلهیة المقدسة، کما أن هذه الحالة مسلمة و ثابتة لله بالنسبة إلى الولایة التکوینیة.

و الولایة التشریعیة ثابتة و واضحة بالنسبة إلى بعض الأنبیاء (ع) و النبی الأکرم(ص) و أئمة الهدى (ع)، و فی زمان الغیبة للفقیه العادل العارف بالحوادث، البصیر بالمشکلات فی زمانه، القادر على حلها و البت فیها[5].

و رأی الإمام الخمینی(ره) بالنسبة لأفضلیة مرتبة ولی الأمر و الحاکم الإسلامی على الملائکة کالتالی: (.. إن الإمام المعصوم(ع) له مراتب و مقامات معنویة خارج إطار وظیفته کحاکم، و هذه المرتبة هی الخلافة الإلهیة الکلیة، و هذا ما یذکر فی بعض الأحیان على لسان الأئمة (ع) و هذه الخلافة تکوینیة تخضع بموجبها جمیع ذرات الکون مقابل ولی الأمر.

و من ضروریات مذهبنا القول بأن المراتب المعنویة للأئمة(ع) لا یرقى إلیها أحد، لا ملک مقرب و لا نبی مرسل..)[6].

و لکن محور بحثنا عن الولایة التشریعیة، و باعتقاد الشیعة فإن ولایة الفقیه من صنف ولایة النبی(ص) و الإمام(ع)، کما جاء فی القرآن الکریم: «النَّبِیُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِینَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ»[7].

أی أن إرادة النبی(ص) مقدمة على إرادة کل إنسان، و کذلک الأمر بالنسبة إلى الأئمة (ع). لأن رسول الله(ص) له ولایة مطلقة، و کذلک الولی الفقیه فی الأمور المتعلقة بالحکومة و السیاسة، فإنه یمتلک الصلاحیات الکاملة کالنبی(ص) و الإمام(ع). کما یقول الإمام(ره) بخصوص صلاحیات الولی الفقیه: إنّ توهم کون صلاحیات النبی(ص) فی دائرة الحکم أکثر من صلاحیات الإمام علی(ع) و أن صلاحیات الإمام(ع) فی دائرة الحکم أکثر من صلاحیات الولی الفقیه توهم باطل و خاطئ. و من الطبیعی أن فضائل الرسول(ص) تفوق الجمیع على الإطلاق، و أن فضائل الإمام علی(ع) من بعد تفوق الجمیع، و لکن المراتب المعنویة و الفضائل لا تزید فی الصلاحیات بالنسبة إلى الحکم و الإدارة...)[8].

و یستمر الإمام فی کلامه لیقطع الطریق على التوهم و الشبهة المبتنیة على تساوی شأن و مقام الولی الفقیه مع شأن المعصومین و مراتبهم فیقول: عند ما نقول ان الولایة التی یتمتع بها النبی الأکرم(ص) و أئمة الهدى(ع) تکون للولی الفقیه العادل بعد الغیبة فلا ینبغی لأحد أن یتوهم بأن مرتبة الفقهاء و مقامهم یرتقی إلى مقام الأئمة(ع) أو الرسول الأکرم(ص)، فالکلام هنا غیر ناظر إلى المرتبة و المنزلة، و إنما ینحصر فی دائرة الوظیفة. و الولایة تعنی الحکومة و إدارة البلاد، و إجراء قوانین الشرع المقدس، و هی وظیفة ثقیلة و مهمة، و لکنها لا تضفی على الشخص مقاماً و مرتبة غیر عادیة أو أنها ترفع مکانته عن مرتبة الإنسان العادی...)[9].

و من الممکن أن یکون للحاکم الإسلامی وجوب الطاعة على جمیع الناس و ذلک بدلیل امتلاکه لمزیتین أساسیتین هما العلم و العمل فینتخب للولایة على المؤمنین، و یتولى إدارة الحکومة الدینیة و من هنا فإن نظر الإمام(ره): بما أن ولایة الفقیه تشکل امتداداً لولایة الرسول الأکرم(ص) فیلزم على جمیع الناس أن یمتثلوا أمره و یذعنوا لطاعته[10].

و لکن هذا الأمر لا یدل على أن شأن الفقیه و منزلته کمنزلة الرسول(ص) و الأئمة (ع) الذی یفوق مرتبة الملائکة فی الفضل. إلا إذا کان الولی الفقیه و الحاکم الإسلامی یتصف بالعبودیة الخالصة، و اکتساب صفاء الباطن و نقاء الروح، و الارتقاء إلى الکمالات المعنویة و الإنسانیة لیکون مصداقاً للإنسان الکامل و فی هذه الحالة یکون مقامه بحسب ما ورد فی القرآن الکریم: "إن الإنسان له قیمة أعلى من کل موجودات عالم الخلق، و أنه خلیفة الله فی أرضه، و قد سجد له الملائکة فی السماء، و أن جمیع ما فی السموات و الأرض مسخر له، و قد اعترف الجمیع و طأطئوا الرؤوس و أذعنوا له[11]، هذا من جانب و من جانب آخر فإن الإنسان بما أعطی من إمکانات و استعدادات یستطیع أن یباری الملائکة فی مضمار السباق و یتفوق علیهم، و یرتقی بمنزلته إلى مراتب أفضل من خلال حسن العمل و الإخلاص و اختیار طریق الخیر و الترقی  حتى یصل إلى مکان عبر عنه الشاعر بقوله:

لم تتمکن السماء من حمل الأمانة

و لکن الفأل جعلها من نصیبی أنا المجنون[12].

بعبارة اخری ان الله تعالی اودع فی االانسان جوهرة بحیث اصیح یمثل رأس المخلوقات فکان مسجودا للملائکة،[13] و هذه الجوهرة هی جوهرة الخلافة، فإن الإنسان بإمکانه أن یتقدم على الملائکة و ذلک من خلال الاختیار الصحیح، و اتباع أحکام الإسلام و تعالیمه النورانیة و العمل بها.

کما أن الإنسان لیس بأدنى من الحیوانات ذاتاً، و لکنه عند ما یتبع أهواءه و میوله النفسیة ینحط إلى أدنى من رتبة الحیوانات، «أُولَئِکَ کَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِکَ هُمُ الْغَافِلُونَ»[14].

و نتیجة القول: إن الإنسان یمکنه أن یرتقی الی مرتبة یکون فیها افضل من الملائکة حتی المقربین منهم و هذه الأفضلیة اکتسابیة[15].

و إن الولی الفقیه و الحاکم الإسلامی غیر مستثنى من هذا الأمر.

تذکیر: للإطلاع الأکثر یمکن الرجوع إلى المصادر التالیة:

1. ولایة الفقیه (الحکومة الإسلامیة)، الإمام الخمینی، مؤسسة تنظیم و نشر آثار الإمام الخمینی.

2. الولایة و الدیانة، هادوی الطهرانی، مهدی، منشورات خانه خرد (دار العقل)، قم.

3. رسالة القرآن، مکارم الشیرازی، المجلد العاشر.

4. أجوبة على الشبهات حول ولایة الفقیه، الشیرازی ،علی.



[1]. الأنعام،57؛ یوسف، 40 و 67.

[2]. المعین، ص 400، مجلد واحد.

[3]. مکارم الشیرازی، رسالة القرآن، المجلد العاشر، ص 53 و 54.

[4]. هادوی الطهرانی، مهدی، الولایة و الدیانة، ص 64و 63.

[5]. الشیرازی، علی، أجوبة الشبهات على ولایة الفقیه،ص 9 و 10.

[6]. الإمام الخمینی، ولایة الفقیه (الحکومة الإسلامیة)، الطبعة التاسعة، ص 42 و 43.

[7]. الأحزاب، 6.

[8]. الإمام الخمینی، ولایة الفقیه (الحکومة الإسلامیة)، الطبعة التاسعة، ص 42 ـ 43.

[9]. المصدر نفسه، ص 40.

[10]. الإمام الخمینی، ولایة الفقیه، ص 40.

[11]. البقرة، 30 و 34؛ سورة، 20.

[12]. یراجع دیوان خواجة حافظ الشیرازی.

[13] انظر افضلیة الانسان علی سائر الموجودات رقم السؤال 711

[14]. الأعراف،179.

[15]. الاسکندری، حسین، آیات الحیاة، ج 4، ص 100.