Please Wait
الزيارة
6957
محدثة عن: 2010/08/07
کد سایت fa5411 کد بایگانی 9197
گروه الکلام القدیم
خلاصة السؤال
هل یوجد دلیل قاطع لإثبات وجود الله فی القرآن الکریم؟
السؤال
هل ورد دلیل قاطع فی القرآن الکریم لإثبات وجود الله تعالى؟ علماً إنا نعلم أن برهان النظم و الأخلاق و الجمال و .... أدلة غیر قطعیة.
الجواب الإجمالي

من المسائل المهمة لدى الإنسان و التی أثارت انتباهه منذ أن وطأت قدماه الارض، و الموضوعات الأساسیة المحوریة فی حوزة الأدیان مسألة وجود الله، و قد ساق القرآن أدلة و براهین قطعیة کثیرة على وجود الله تعالى منها: برهان الإمکان و الوجوب، برهان التمانع، برهان الصدیقین، و برهان الحرکة. و سوف یأتی برهان الصدیقین و برهان الحرکة فی الجواب التفصیلی، و أما فیما یخص برهان النظم و بعض الإشکالات الظاهریة علیه فبالإمکان الرجوع إلى السؤال 910 (الموقع: 995).

الجواب التفصيلي

مسألة وجود الله من المسائل الهامة بالنسبة إلى الإنسان و من الموضوعات الأساسیة و المحوریة بالنسبة إلى الأدیان، و هناک نظریات متعددة و مختلفة فیما یخص إثبات وجود الله و عدمه، نشیر إلیها بحدود الممکن.

یرى بعض الفلاسفة و المتکلمین أن وجود الله أمرٌ بدیهی و لا یحتاج إلى دلیل، و إنما یرونه أمراً فطریاً، و قد تمسک الفلاسفة و المتکلمون المسلمون بما جاء فی القرآن و الروایات الصادرة عن المعصومین فی إثبات عقیدتهم.

یقول تعالى فی القرآن الکریم: «أَفِی اللَّهِ شَکٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ یَدْعُوکُمْ لِیَغْفِرَ لَکُمْ مِنْ ذُنُوبِکُمْ وَ یُؤَخِّرَکُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى»[1]؟ و یقول أمیر المؤمنین علی(ع): «للَّهُمَّ خَلَقْتَ الْقُلُوبَ عَلَى إِرَادَتِکَ وَ فَطَرْتَ الْعُقُولَ عَلَى مَعْرِفَتِکَ »[2]، و هناک آیات و روایات أخرى فی هذا الإطار، و على هذا الأساس یستنتج المفکرون المسلمون من هذه الآیات و الروایات أن وجود الله أمرٌ بدیهی، بل و أکثر بداهة من کل وجود.

و کذلک یوجد فی الغرب من المفکرین من یعتقد ببداهة وجود الله نظیر «بلانتینکا» و أن بداهة وجوده تعالى کبداهة الأمور الأخرى[3].

تعریف البرهان:

البرهان: کل ما یثبت حقانیة الأمور بشکل قطعی و یقینی، و قد اختلف اللغویون فی أصل هذه الصیغة العربیة، و لکن لیس ببعید أن یکون أصلها من الفعل «بَرِهَ یبرَه» بمعنى صار أبیضاً، و بعد ذلک استعمل فی الکلام الواضح الصریح الخالی من أی إبهام و غموض، و کذلک أطلقت على الشیء الذی لا خفاء فیه، و بمعنى الحجة و الدلیل الواضح القاطع[4].

و البرهان فی منطق القرآن مطلق الأشیاء الواضحة التی تثبت حقانیة أمرٍ ما بشکلٍ ثابت و یقینی بحیث لا یبقى أی إمکان للشک و التردد[5]. و بالنظر إلى هذا التعریف یمکن القول:

طرق إثبات وجود الله:

ذکرت ثلاثة طرق کلیة و براهین مختلفة فی باب إثبات وجود الله:

1ـ الطریق النفسی أو الفطری، أو القلبی «الوجدانی».

2ـ الطریق العلمی، شبه الفلسفی.

3ـ الطریق الفلسفی[6].

طریق النفس و القلب و الفطرة: و هو الطریق الذی یثبت فیه وجود الله من داخل نفس الإنسان، بمعنى أن فی خلقة أی إنسان و فطرته یوجد میل و إحساس بوجود الله تعالى یجذب الإنسان باتجاه الخالق سبحانه. و قد جاء التصریح بهذا الدلیل کما فی بعض الآیات و الروایات التی مرت[7].

الطریق العلمی، شبه الفلسفی:

و هو طریق معرفة الله من خلال معرفة نظام المخلوقات و هدایتها، و هذا الطریق یمکن تقسیمه إلى عدة طرق جزئیة منها طریق النظم الذی یحکم الموجودات، و المسمى برهان النظم[8]. و برهان النظم من أکثر البراهین شیوعاً فی مسألة إثبات وجود الله، و قد أکد القرآن الکریم تأکیداً شدیداً على برهان النظم[9].

و قد وردت فی القرآن الکریم أدلة و براهین کثیرة على إثبات وجود الله على مستوى الجزم و القطع منها: برهان الإمکان و الوجوب، برهان التمانع، برهان الصدیقین و برهان الحرکة، و نشیر هنا إلى برهان الصدیقین و برهان الحرکة، کما نحیل القارئ إلى الکتب المفصلة فی هذا الموضوع.

برهان الصدیقین:

قیل فی سبب تسمیة هذا البرهان ببرهان الصدیقین: لان طریقة الحکماء هی الاصدق و فی عرف الحکماء «الأصدق» الأشد إحکاماً. و فی اللغة یعنون بالاصدق الشخص الذی یکثر الصدق فی کلامه و آراؤه صادقة و یطابق فعله قوله[10].

و برهان الصدیقین من البراهین التی أشار إلیها القرآن الکریم، کما فی الآیة الشریفة: «شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَ الْمَلَائِکَةُ وَ أُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِیزُ الْحَکِیمُ»[11]، و أساس هذا الدلیل کما توحی الآیات القرآنیة و الروایات هو التفکر فی ذات الله الطاهرة بدلاً من التفکر فی المخلوقات، حتى نصل إلى وجوده عن هذا الطریق «یا من دل على ذاته بذاته»[12].

و دلیل الصدیقین فیه شیء من التعقید، و لکنه طریف و یغذی الروح و برهان الصدیقین برهان یثبت وجود الحق تعالى انطلاقا من نفس ذاته المقدسة[13]. لأن الله تعالى أطهر و أجل من أن تکون مخلوقاته مظهرة له. بل هو مفیض الوجود و مخرج الأشیاء من القوة إلى الفعل و من ظلمات العدم إلى نور الوجود فهو مقدم على أی شیء فی الوجود و الظهور، و هو برهان ذاته و برهان کل شیء[14]. و قد قرر هذا البرهان بطرق مختلفة من قبل عدد من العلماء و الفلاسفة أمثال «ابن سینا»، «شیخ الإشراق»، «ملا صدرا»، و «العلامة الطباطبائی».

و هنا نشیر إلى تقریرین:

اعتمد صدر المتألهین على بعض المقدمات مثل أصالة الوجود بساطته و وحدته التشکیکیة، و کذلک قسم الوجود إلى مستغنٍ بذاته و معتمد على غیره و من خلال ذلک أثبت أن مرتبة الوجود الإلهی هی الأکمل و الأتم فی مراتب الوجود التشکیکیة و لا توجد مرتبة تشاکلها، و هذه المرتبة الوجودیة مستغنیة بذاتها و لا وجود للحاجة و النقص فی ساحتها، فهو قائم بذاته[15]، و قد اشیر الى هذا التقدیر فی ذیل الآیة المتقدمة[16].

و أما تقریر العلامة الطباطبائی لهذا الدلیل فقد تعرض له عند تفسیره للآیة 53 من سورة فصلت حیث قال: «و المعنى أولم یکف فی تبین الحق کون ربک مشهوداً على کل شیء إذ ما من شیء إلا و هو فقیر من جمیع جهاته إلیه متعلق به و هو تعالى قائم به قاهر فوقه فهو تعالى معلوم لکل شیء و إن لم یعرفه بعض الأشیاء.»[17]، و قد أشارت بعض الآیات القرآنیة إلى هذا الدلیل کما فی سورة فصلت الآیة 53 و آل عمران الآیة 18، و البروج الآیة 20 و الحدید الآیة 3 و النور الآیة 35.

برهان الحرکة:

الملا صدرا هو أول من طبق هذا البرهان على الآیات القرآنیة المبارکة کما فی سورة الأنعام الآیات من 75 إلى 79.[18]

یقول تعالى: «وَ کَذَلِکَ نُرِی إِبْرَاهِیمَ مَلَکُوتَ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ وَ لِیَکُونَ مِنَ الْمُوقِنِینَ * فَلَمَّا جَنَّ عَلَیْهِ اللَّیْلُ رَأَى کَوْکَبًا قَالَ هَذَا رَبِّی فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآفِلِینَ * فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّی فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ لَمْ یَهْدِنِی رَبِّی لَأَکُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّینَ * فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّی هَذَا أَکْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ یَا قَوْمِ إِنِّی بَرِیءٌ مِمَّا تُشْرِکُونَ * إِنِّی وَجَّهْتُ وَجْهِیَ لِلَّذِی فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضَ حَنِیفًا وَ مَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِکِینَ»[19].

وتقریر هذا البرهان عموماً على الوجه التالی: «إن حرکة الموجودات فی العالم تحتاج إلى علة فاعلة ومحرکة، و هذه الحاجة موجودة و مستمرة ما دامت الحرکة موجودة، و إذا کان فاعل الحرکة متحرکاً فإنه یحتاج إلى محرک أیضاً، واعتماداً على مقولة امتناع الدور و التسلسل لا بد من الوصول إلى فاعل محرک غیر متحرک، یطلق علیه عنوان المحرک الأول[20].

و بالتوجه إلى الآیات الشریفة المتقدمة فإن تعاقب اللیل و النهار و طلوع الشمس و غروبها دلیل على الحرکة فی عالم الوجود هذا، و هذه الحرکة تحتاج إلى فاعل لا یحتاج إلى أی محرک، و ما ذلک إلا الوجود الإلهی.

و علیه هناک عدة براهین وردت فی القرآن الکریم غیر برهان النظم کالبرهان العلمی و شبه الفلسفی، و غیره من البراهین و الأدلة[21].

أسئلة ذات صلة:

1ـ برهان التسلسل و إثبات الخالق، السؤال 4133 (الموقع: 4617)

2ـ إمکان معرفة الله، السؤال 716 (الموقع: 758)



[1] إبراهیم، 10.

[2] العلامة المجلسی، بحار الأنوار، ج92، ص402.

[3] محمد رضایی، محمد، فلسفة الإلهیات، ص178 و 179، منشورات مکتب التبلیغات

لإسلامیة الحوزة العلمیة فی قم، مطبعة القدس، الطبعة الأولى، 1383.

[4] مرکز علوم ومعارف القرآن، دائرة معارف القرآن الکریم، ج5، ص502 و 503، مرکز مطبوعات ونشر مکتب التبلیغات الإسلامیة قم، الطبعة الثانیة، 1386.

[5] دائرة معارف القرآن الکریم، ج5، ص505.

[6] مطهری، مرتضى، التوحید، ص15.

[7] فلسفة الإلهیات، ص181.

[8] فلسفة الإلهیات، ص 181؛ التوحید، ص34.

[9] البقرة: 164؛ حول موضوع برهان النظم راجع سؤال 910 (الموقع: 995).

[10] دائرة معارف القرآن الکریم، ج5، ص534.

[11] آل عمران 18؛ دائرة معارف القرآن الکریم، ج5، ص534.

[12] بحار الأنوار، ج84، ص339.

[13] فلسفة الإلهیات، ص239؛ دائرة معارف القرآن الکریم، ج5، ص534.

[14] دائرة معارف القرآن الکریم، ج5، ص534.

[15] المصدر نفسه، ص536.

[16] المصدر نفسه.

[17] المصدر نفسه، ص537، نقلاً عن المیزان، ج17، ص405.

[18] دائرة معارف القرآن الکریم،ج5، ص532.

[19] المصدر نفسه، ص531.

[20] المصدر نفسه.

[21] للاطلاع الأکثر على براهین إثبات وجود الله فی القرآن یمکن مراجعة کتاب دائرة معارف القرآن الکریم، ج5، ص517 إلى ص 548.