تؤکد المصادر الروائیة و التأریخیة أن العنصر البشری الموجود لم ینشأ من هابیل و لا قابیل و إنما هو من ولد ثالث لنبی الله آدم یسمى شیث أو هبة الله.
و أما الزواج أولاد آدم فهناک نظریتان للمفکرین الإسلامیین تعتمدان کلتاهما على أدلة قرآنیة و روائیة و نحن نشیر لهاتین النظریتین باختصار:
1. الأخ تزوج مع أخته و ذلک أن حرمة زواج الاخوة لم تشرع من الله الى ذلک الحین حبق ان بقاء العنصر البشری کان متوقفاً على هذه الطریقة فلا إشکال فی هذا الزواج.
2. لأستحالة زواج أبناء آدم بعضهم من بعض فهؤلاء تزوجوا مع نساء من نسل آخر کانوا یقطنون فی الکرة الأرضیة، ثم بعد ذلک أصبح ابناؤهم أولاد عمّ فأبیح الزواج بینهم. و هذه النظریة تؤکدها بعض الروایات. لأن آدم لم یکن هو أول إنسان على وجه الارض و إنما سبقه بشر آخر کانوا یقنطون الارض.[i]
و لکن یبدو أن النظریة الأولى تتناسب مع ظاهر الآیات القرآنیة.
[i] "الاجابة عن الاسئلة الدینیة، مکارم الشیرازی، ص 453، مرکز الدارسات الاسلامیة، السؤال : أرجوا أن توضحوا لی بأختصار قصة زواج هابیل و قابیل و أنه کیف تزوجا من خواتهما؟
تؤکد المصادر الروائیة و التأریخیة أن العنصر البشری الموجود لم ینشأ من هابیل و لا قابیل و إنما هو من ولد ثالث لنبی الله آدم یسمى شیث أو هبة الله الذی کان وصی آدم (ع) او ولی عهده. فقد جاء فی المصادر الروائیة و التأریخیة أنه لما قتل هابیل (ع) مکث آدم سنة حزیناً لا یضحک ثم أتى فقیل حیاک الله و بیاک أی أضحکک قالوا و لما مضى من عمر آدم مائة و ثلاثون سنة و ذلک بعد قتل هابیل بخمس سنین ولدت له حواء شیثا و تفسیره هبة الله یعنی أنه خلف من هابیل و کان وصی آدم و ولی عهده .
و أما قابیل فقیل انه ذهب طریداً شریداً فزعاً مذعوراً لا یأمن من یراه و ذهب الى عدن من الیمن فأتاه إبلیس فقال إنما أکلت النار قربان هابیل لأنه کان یعبدها فانصب أنت أیضاً ناراً تکون لک و لعقبک فبنى بیت نار و هو أول من نصب النار و عبدها و اتخذ أولاده آلات اللهو من الیراع و الطنبور و المزامیر و العیدان و انهمکوا فی اللهو و شرب الخمر و عبادة النار و الزنا و الفواحش حتى أغرقهم الله أیام نوح بالطوفان و بقی نسل شیث.[1]
و أما قضیة زواج ذریة آدم فهی من الأبحاث المعقدة التی تعارضت و تضاربت روایاتها فی المصادر الروائیة. فیستند البعض الى الآیة الاولى من سورة النساء[2] و یزعم أن ذریة آدم (ع) بقت من آدم و زوجته و لم یتدخل شخص ثالث فی بقاء النسل.
و یلزم من هذا الکلام أن أولاد آدم (ع) تزوجوا من أخواتهم ذلک أنهم لو کانوا قد تزوجوا من نساء نسل آخر لما صدق کلام الله عزوجل حینما یقول عزوجل [منهما].
و هذا الموضوع جاء فی بعض الروایات حیث اشارت تلک الروایات الى أن هذا الزواج کان مباحاً و ذلک لان حرمة زواج الأخ من الأخت لم تشرع آنذلک.
بدیهی أن استحالة أی فعل یأتی بعد تحرمه من قبل الله تعالى فما الذی یمنع أن الضرورة و المصلحة تقتضی جواز فعل و ثم یحرم ذلک الفعل نفسه لمصلحة أخرى؟
جاء فی کتاب الاحتجاج: أن الامام السجاد (ع) فی حدیث مع رجل من قریش قال: تزوج هابیل مع أخت قابیل (لوزا) و تزوج قابیل مع أخت هابیل (اقلیما) ، یقول الراوی: فقال القرشی: فأولدهما؟
قال (ع): نعم
قال القرشی: فهذا فعل المجوس الیوم!
یقول الراوی: فقال على بن الحسین (ع): "إن المجوس إنما فعلوا ذلک بعد التحریم من الله"
ثم قال له علی بن الحسین (ع): "لا تنکر هذا، إنما هی الشرائع جرت، أ لیس الله قد خلق زوجة آدم منه ثم أحلها له؟ فکان ذلک شریعة من شرائعهم ثم أنزل الله التحریم بعد ذلک".[3]
و لکن البعض ذهب الى القول بأن أولاد آدم (ع) لم یتزوجوا من أخواتهم[4] و إنما تزوجوا من بنات قوم أخر کانوا یقطنون الأرض و قد تحدثت بعض المصادر الروائیة عن قوم کانوا یقنطون الأرض قبل هبوط نبی الله آدم الى الأرض.[5]
کما أن الإکتشافات العلمیة ایضاً تشیر الى أن الانسان کان یقطن على وجه الارض قبل ملایین السنین بینما لم یمرّ على تاریخ خلقة نبی الله آدم زمن طویل. فلذا ینبغی أن نقبل أن الارض کانت قبل آدم مسکونة و کانت حینما حضر آدم فی الأرض على وشک الانقراض و ما الذی یمنع من أن ذریة آدم تزوجوا من نساء نسل آخر کان موجودا ایضا؟
و لکن هذا الاحتمال لا یتناسب مع ظاهر الآیة القرآنیة الآنفة. فحسب قواعد اصول الفقه حینما تتعارض الروایتان لابد أن نعرضهما على القرآن و نأخذ التی تتناسب مع الآیات القرآنیة.
و الحاصل أن النظریة الاولى تنسحم مع ظاهر القرآن اکثر من النظریة الثانیة، کما أن العلامة الطباطبائی صاحب تفسر المیزان یقوی الاحتمال الأول و یرجحه.[6] و للمزید من التفاصیل یمکن لکم أن تراجعوا: تفسیر المیزان، ج 4، ص 245 الى آخره و البرهان و الدر المنثور و قصص الأنبیاء.[7]
[1] مجلسی، بحار الأنوار، ج 11 ، ص 220 .
[2] "خلقکم من نفس واحدة و خلق منها زوجها و بث منهما رجالاً کثیراً و نساءاًًً".
[3] ترجمة تفسیر المیزان، ج4، ص236 .
[4] [علل الشرائع] ابن الولید عن أحمد بن إدریس و محمد العطار معاً عن الأشعری عن أحمد بن الحسن بن فضّال عن أحمد بن إبراهیم بن عمّار عن ابن نویه عن زرارة قال سُئل أبوعبدالله (ع) کیف بدأ النسل من ذریة آدم (ع) فإن عندنا أناساً یقولون إن الله تبارک و تعالى أوحى إلى آدم (ع) أن یزوّج بناته من بنیه و إن هذه الخلق کلهم أصله من الأخوة و الأخوات قال أبوعبد الله (ع) سبحان الله و تعالى عن ذلک علواً کبیراً یقول من یقول هذا إنّ الله عزّوجلّ جعل أصل صفوة خلقه و أحبّائه و أنبیائه و رسله و المؤمنین و المؤمنات و المسلمین و المسلمات من حرام و لم یکن له من القدرة ما یخلقهم من الحلال و قد أخذ میثاقهم على الحلال و الطّهر الطّیب و الله لقد تبیّنت .
[5] التوحید، ص 277، ح2، طبع طهران؛ شرح نهج البلاغة لابن میثم، ج 1، ص173؛ الخصال، ج2، ص652، ح54؛ نفس المصدر السابق، ج 2، ص 639، ح 14. للمزید من المعلومات، راجع: الموضوع العام، عمر الإنسان فی القرآن و الکتاب المقدس، السؤال 516.
[6] تفسیر الأمثل، ج 3، ص 244ـ 249، مع الاقتباس؛ تفسیر المیزان، ج 4، ص 245ـ 253، مع الاقتباس، طبع مؤسسة "العلامة الطباطبائی" العلمیة.
[7] راجع : وحدة الاجابة عن الاسئلة التابعة لمکتب الإعلام الإسلامی، السؤال؛ کیف استمر النوع البشری بالرّغم من أن بدایة الخلیقة ما کان إنساناً عدى الأخوین (هابیل و قابیل) ؟