کل جسم مادی فی حالة تغییر و تحوّل و أن التغییر و التحوّل یعنی: ان کل شیء لم یکن عنده وکان ممکن الحصول فانه سیحصل علیه فی ظروف وشروط خاصةمثلاً: النواة (البذرة) لیست بشجرة و لکن هی قادرة علی أن تکون شجرة فالبذرة عند توفر المقتضی (القابلیة) و عدم وجود المانع ، فیها استعداد علی أن تکون شجرة و الشجرة نفسها لها القابلیة علی أن تکون فحماً أو فحماً حجریاً؛ إذن کل جسم مادی یتکوّن من بعدین الأول حیثیة الوجدان و الفعلیة. و البعد الثانی فهو حیثیة القوة والاستعداد، فهناک أشیاء لا یمتلکها و لکن له القدرة علی تحصیلها؛ فعندما ننظر لأی جسم سنجده یمتلک هذین البعدین فهو حامل للقوة و تسمّی المادة و البعد الآخر هو الفعلیة و تسمی الصورة. و المادة تنقسم الی صورة جسمیة و صورة نوعیّة.[1]
الصورة الجسمیة فعلیة عمومیة تکون فی جمیع الأجسام و الصورة النوعیة هی الشیء الذی یختص بشیء أو جسم خاص و شیئیّة هذا الشیء بصورته النوعیة. و قال الملا صدرا حول اصطلاح الصورة النوعیة: جمیع المعانی و الاطلاقات التی وضعت للصورة النوعیة تکون بهذا المعنی:
"ما به یکون الشیء هو بالفعل" و هذا المعنی یکون جامعاً لکل الأقوال و یقول أیضاً: "الصورة هی جهة فعلیة الأشیاء و هی عند المعلم الأول و أتباعه هی الجوهر و عند الرواقیّین عرض و عندنا عین الوجود".
و الصورة النوعیة أیضاً یقال لها صورة نوعیة مادیة و طبیعیة فی قبال الصورة النوعیة المجردة.
و الصورة الجسمیة أیضاً هی المقدار و الهیئة الاتصالیة للأجسام یعنی: جوهر ممتد ذو أبعاد و هو مشترک فی تمام الأجسام.[2]
إذن بناء علی قول المرحوم صدر المتألّهین و هو مبنی العلامة الطباطبائی و الشهید المطهری أیضاً، أنه الصور النوعیة لیست بماهیات و لکنها نوع من الوجود المختص بالأجسام. والجدیر بالذکر ان هذا النوع من الموجودات من قبیل المفاهیم الثانیة الفلسفیة التی وان کان لها منشأ انتزاع فی الخارج الا انه لیس لها ما بازاء. و لتوضیح المطالب نستعین بقول الأستاذ المطهری حیث یقول: "المسألة الفلسفیة للصور النوعیة تستند علی رکیزتین أحدهما علمی و الآخر فلسفی فإن هذه المسألة فلسفیة أی هی نوع من الاستنباط الفلسفی. وقد بحثنا الملاک فی تشخیص المسائل الفلسفیة عن غیرها فی المجلد الاول من اصول الفلسفة فهذه المسألة فلسفیة لکنها قائمة علی رکیزتین الاولی علمیة والاخری فلسفیة.
و الرکن العلمی شهادة العلوم باختلاف الخواص و الآثار للموجودات فعلم الفیزیاء الذی یبحث فی القوی غیر العاقلة للطبیعة ، و کذلک علم الکیمیاء یشهد بلحاظ التفاعل الترکیبی للعناصر، و علوم الاحیاء تشهد بلحاظ الآثار الحیاتیة و خاصة من ناحیة القوة الحیاتیة "الطاقة الحیویة" و الحکومة و تصرفها بالمادة و بالأخص قانون التکامل فی الأحیاء بلحاظ انجذاب الکائن الحی و تقدمه علی نحو آخر فیکون شاهداً علی ذلک.
و نحن کلّما نطالع فی ذلک و نتوسّع فی المطالعة نستدل أکثر فی هذا الموارد.
واما الرکن الفلسفی،فالتحقیق یکشف أن هذه الآثار و الخواص تحکی عن وجود طاقات مختلفة و هذه الطاقات و القوی لا تکون بصورة مستقلة و عنصر قبال المادة أو بشکل خارجی کلی عن الطبیعة.
و لا یمکن أن تکون بصورة عرضیة و خاصیة للمادة بل بصورة کمال جوهری و علی وجهٍ متعال لکونها وجه وجهةٍ للجسم و واجهته و بعدٌ و مقدار لذلک تکون جمیع هذه الأشیاء علی نمط واحد و طراز واحد و الواجهة الأخری لذلک لا یمکن تشخیصها الّا من خلال العقل و الاستدلال الفلسفی و بذلک نعلم أن جمیع هذه الأشیاء مختلفة الجوانب و لکن یجمعها جوهرٌ واحد.[3]
و بناء علی ذلک نفهم بأن هذه المفاهیم لها حقیقة واحدة تحتوی علی خصوصیات ینتزعها الذهن منها مفاهیم متعددة. و فی النتیجة إن هذه المفاهیم یکون وجودها فی الخارج منفصلاً و مستقلاً.