یراد من الحمرة المشرقیة هی حمرة فی السماء من جهة المشرق فی الجهة المقابلة لغروب الشمس تزول بعد غروبها. و قد تعرض الفقهاء للحدیث عن نوعین من الحمرة المشرقیة: 1- الحمرة المشرقیة التی تحصل عند غروب الشمس. 2. الحمرة المشرقیة التی تحصل عند طلوع الشمس. اما قضیة اعتبار ذهاب الحمرة المشرقیة علامة على تعیین وقت المغرب فقد ورد ذلک فی الروایات. و الحمرة المشرقیة کما قلنا هی حمرة فی السماء تظهر للعیان من جهة المشرق فی الجهة المقابلة لغروب الشمس تکون علامة على غروب الشمس أو ما یعبر عنه الفقهاء "باستتار القرص"، هذه الحمرة تظهر فی جهة المشرق ثم تأخذ بالانحسار رویداً رویداً حتى تحاذی رأس المصلی ثم تأخذ بالمیل نحو المغرب حتى تختفی بالکامل من جهة المشرق.
اما بالنسبة الى تحقق الغروب فقد ذهب بعض الفقهاء الى کفایة سقوط القرص فی تحقق المغرب، و هناک طائفة أخرى من الفقهاء ذهبت الى أن ذلک یتحقق بوصول الحمرة المشرقة الى محاذاة رأس المصلی و ذهب فریق ثالث الى اشتراط ذهاب الحمرة من جهة المشرق.
الحمرة المشرقیة هی حمرة فی السماء من جهة المشرق فی الجهة المقابلة لغروب الشمس تزول بعد غروبها. و ذهاب الحمرة المشرقیة مصطلح فقهی بمعنى ذهاب الحمرة من الجانب الشرقی، فعندما یسقط قرص الشمس تظهر حمرة فی الجانب الشرقی و کلما انحدر قرص الشمس وراء الافق انحسرت الحمرة فی جانب المشرق و أخذت بالارتفاع حتى تصل الى محاذاة رأس المصلی. الجدیر بالذکر أن هذه الحمرة تظهر قبل شروق الشمس أیضاً و یصطلح علیها الحمرة المشرقیة کذلک. و لکن لم یات فی لسان الروایات التعبیر عن ذلک بذهاب الحمرة المشرقیة[1] من هنا نحاول البحث عن خصوص الحمرة المشرقیة التی تحدث عند غروب الشمس خاصة.
استتار القرص و خفاؤه ظاهرة کونیة حقیقیة تحصل فی کل یوم و المراد من استتار القرص خفاء الشمس عن النظر بسبب سقوطها خلف الافق.
أجمع الفقهاء على أن غروب الشمس - الذی هو أول وقت صلاة المغرب- یعلم باستتار نفس القرص خاصة عن نظر ذلک المکلف فیما یراه من الأفق الذی لم یعلم حیلولة جبل و نحوه بینه و بینه.[2] لکن الکلام فی کیفیة تحقق الغروب فهل یکفی فیه مجرد سقوط القرص أم هناک علامة أخرى تدل علیه و هی ذهاب الحمرة المشرقیة؟
انقسم الفقهاء هنا الى ثلاثة طوائف:
1. منهم من ذهب الى کفایة سقوط القرص فی تحقق الغروب و اعتبر ذلک أول وقت صلاة المغرب[3]. من هنا یکفی سقوط القرص و خفاؤه عن الحس لتحقق وقت صلاة المغرب حتى مع بقاء الحمرة المشرقیة. و قد ذهب بعض فقهاء الشیعة الى تضعیف هذا الرأی[4] و عده موافقاً لمذهب العامة.[5]
2- یتحقق الغروب الشرعی بذهاب الحمرة المشرقیة و محاذاتها لرأس المصلی.
3- یتحقق بمجرد ذهاب الحمرة من المشرق و ان کانت الحمرة موجودة فی الجانب الغربی؛ ذهب الى هذا الرأی الشیخ المفید فی المقنعة و نسب الى الشیخ الطوسی أیضاً.[6]
السبب فی تعدد الآراء و اختلاف النظریات یعود الى تعدد الروایات الواردة فی هذا المجال و طریقة الاستنباط منها:
اما الذین ذهبوا الى کفایة سقوط القرص لتحقق الغروب الشرعی فهی الروایات التی تعتبر وقت صلاة المغرب وجواز الافطار یتحقق بسقوط القرص؛ وهذه الروایات عبارة عن:
1. صحیحة (او حسنة) زرارة عن الامام الباقر (ع): " وَقْتُ الْمَغْرِبِ إِذَا غَابَ الْقُرْص".[7]
2- وفی صحیحة ثانیة عن الامام الباقر (ع): " إِذَا غَابَتِ الشَّمْسُ دَخَلَ الْوَقْتَانِ الْمَغْرِبُ وَ عِشَاءُ الْآخِرَة".[8]
3. موثقة اسماعیل بن الفضل الهاشمی عن الامام الصادق (ع):" قَالَ کَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص یُصَلِّی الْمَغْرِبَ حِینَ تَغِیبُ الشَّمْسُ حَیْثُ یَغِیبُ حَاجِبُهَا"[9]
4. موثقة اسماعیل بن جابر عن أبی عبد الله (ع) قَالَ: سَأَلْتُهُ (أی الامام) عَنْ وَقْتِ الْمَغْرِبِ. قَالَ: مَا بَیْنَ غُرُوبِ الشَّمْسِ إِلَى سُقُوطِ الشَّفَق.[10]
5. صحیحة صفوان بن مهران الجمال عن أبی عبد الله الصادق (ع) انه قال: " إِذَا غَابَ الْقُرْصُ فَصَلِّ الْمَغْرِب".[11]
هذه بعض الروایات الواردة فی هذا المجال و لمزید الاطلاع انظر الکتاب القیم" التنقیح فی شرح العروة الوثقى".[12]
اما القائلون باشتراط ذهاب الحمرة المشرقیة فقد استدلوا على ذلک بالادلة التالیة:
1. ان القول به اشهر من القول بکفایة استتار القرص بالاضافة الى تبنی أکثر الفقهاء لهذا الرأی.
2. وجود الروایات التی توجب ذلک.
3. ان القول بذهاب الحمرة المشرقیة و محاذاتها لرأس المصلی قول مطابق للاحتیاط.[13]
نعم، قد نوقشت تلک الادلة من قبل القائلین بعدم اشتراط ذهاب الحمرة المشرقیة. لکن أهم دلیل على القول بمراعاة ذهاب الحمرة المشرقیة کونه موافقا للاحتیاط بالاضافة الى الروایات الواردة فی هذا المجال، نکتفی نقد الروایات بما یلی:
ان الروایات الدالة على شرطیة ذهاب الحمرة المشرقیة ضعیفة سنداً و غیر صالحة للدلالة.[14] الجدیر بالذکر ان بعض الفقهاء ذهب الى استحباب ذلک لا و جوبه.
کذلک نوقش القائلون باشتراط ذلک استنادا الى کونه موافقا للاحتیاط بان القرآن الکریم یصرح بالقول: " أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوکِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّیْلِ وَ قُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ کانَ مَشْهُودا".[15] و ما ورد فی تفسیر الغسق بمنتصف اللیل أن کل آن من الآنات المتخللة بین دلوک الشمس و منتصف اللیل صالح للإتیان فیه بشیء من الصلوات الأربع، و دلتنا الأخبار المعتبرة على أن وقتی الظهرین قبل المغرب.[16]
اذن ادعاء الاحتیاط هنا منافیا للاحتیاط لانه یسلتزم جواز تاخیر الظهرین الى ما بعد استتار القرص وقبل ذهاب الحمرة المشرقیة.
هذه بعض وجوه الاستدلال التی ذکرها القائلون بعدم اشتراط ذهاب الحمرة المشرقیة. الجدیر بالذکر ان ذکر تلک الوجوه و الادلة لا یعنی القبول بها و یأتی نقدها فی محلها.
[1] ذهب بعض الفقهاء الى أن علامة انتهاء وقت فضیلة صلاة الصبح هو " حدوث الحمرة المشرقیة" لکن ذلک لم یرد فی لسان الروایات. انظر: الخوئی، ابوالقاسم، موسوعة الامام الخوئی،ج11، ص160، موسسة احیاء آثار الامام الخوئی، بدون تاریخ.
[2] النجفی، محمد حسن، جواهر الکلام فی شرح شرایع الاسلام، ج7، ص 106،دار احیاءالتراث العربی، بیروت.
[3] نسب ذلک صاحب الجواهر الى کل من الشیخ الصدوق فی العلل و السید المرتضى و سلار و من المتأخرین صاحب المدارک و الکاشانی. انظر الجواهر ج7، ص106.
[4] و لکن نسب هذا القول الى الکثیر من علماء الشیعة، انظر: الخوئی ، ابوالقاسم، التنقیح فی شرح العروة الوثقی،ج6، ص 239. وقد استحس صاحب التنقیح هذا الرأی.
[5] انظر: الجزیری، عبدالرحمان، الفقه علی المذاهب الاربعة،ج1، ص107،المکتبة العصریة، بیروت،1426.
[6] الشفتی، سید محمد باقر، تحفة الابرار الملتقط من آثار الائمة الاطهار،ج1،ص157،انتشارات مکتبة مسجد سید، اصفهان، 1409؛ واعتبر البعض هذا الرأی عده ای این قول را دارای شهرت عملی و فتوایی دانسته اند، نک: جواهر الکلام، ج7، ص109.
[7] الکلینی، محمد بن یعقوب، الکافی، ج3، ص279، ح 5، دار الکتب الاسلامیة، طهران، 1365.
[8] الحر العاملی، محمد بن الحسن، وسائل الشیعة،ج4، ص 183، آل البیت، قم، 1409.
[9] وسائل الشیعة،ج4، ص182.
[10] وسائل الشیعة،ج4، ص182.
[11] وسائل الشیعة،ج4، ص193.
[12] الخوئی.سید ابوالقاسم ،التنقیح فی شرح العروة الوثقی، ج6،ص 270- الی 239.
[13] ذکر صاحب الجواهر فی الجزء السابع ص121 و کذلک صاحب الوسائل وجوها لترجیح
لروایات الملزمة برعایة الحمرة المشرقیة منها: أَمَّا أَوَّلًا فَلِأَنَّهُ أَقْرَبُ إِلَى الِاحْتِیَاطِ لِلدِّینِ فِی الصَّلَاةِ وَ الصَّوْمِ. وَ أَمَّا ثَانِیاً فَلِمَا فِیهِ مِنْ حَمْلِ الْمُجْمَلِ عَلَى الْمُبَیَّنِ وَ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَیَّدِ وَ أَمَّا ثالثاً فَلِأَنَّهُ أَشْهَرُ فَتْوَى بَیْنَ الْأَصْحَاب. (انظر" وسائل الشیعة، ج4، ص177-178.
[14] التنقیح فی شرح العروة الوثقی، ج6، ص 262؛ وانظر نقد الروایات فی نفس المصدر ص 240 الى261.
[15] الاسراء،78.
[16] التنقیح فی شرح العروة الوثقی، ج6، ص264.