یجب القول فی مقام الاجابة عن التساؤل المطروح: أنه لا یستفاد من الادلة الروائیة المذکور فی هذا المقام وحدة الولی الفقیه أو کثرتها، لان تلک الادلة ساکتة عن هذا الجانب و غایة ما تعرضت له هو ذکر و بیان المعاییر و الشواخص اللازمة فی الولی الفقیه، بل یمکن القول أن القائلین بالوحدة و الکثرة کلاهما یستطیعان التمسک بتلک الادلة لاثبات مدعاهم، لکن المتخصصین بشأن المجتمع الدینی ینتخبون الخیار الامثل. من هنا نرى لجنة الخبراء التی کلفت بتدوین القانون الاساسی (الدستور) بعد نجاح الثورة الاسلامیة عام 1358 هجری شمس ذهبت الى امکانیة تعدد الولی الفقیه و لکن فی عام 1368 هجری شمسی بعد اعادة النظر فی الدستور و بعد دراسة القضیة دراسة متأنیة ذهب اللجنة الملکفة بهذا الامر الى القول بوحدة الفقیه الامر الذی نال تأیید الجماهیر أیضاً. و کما قلنا لا الوحد و لا التعدد یخالفان الشریعة، بل القضیة تتعلق بنظر الخبراء المعتمدین من قبل الشعب.
الجدیر بالذکر، هناک شواهد یمکن الاستفادة منها بأن الخیار الامثل فی قیادة المجتمع هو وحدة القیادة؛ فعلی سبیل المثال عندما نقرأ تاریخ الائمة و خاصة الائمة الثلاثة الاوائل (علی و الحسن و الحسین علیهم السلام) نجدهم مع توفر صفة العصمة و الجدارة بالامامة و القیادة عند الجمیع لکنهم من الناحیة العملیة حصروا القیادة بالامام أمیر المؤمنین (ع) و حده فهو القائد المباشر الاوحد فی زمانه.
و روی عن النبی الاکرم (ص) أنه فی معرکة مؤتة قد رتب القیادة بشکل ترتیبی بین (جعفر بن أبی طالب ثم زید بن حارثة ثم عبد الله بن رواحة) بنحو لو استشهد الاول انتقلت القیادة الى من یلیه و لم یمنحهم القیادة بنحو جماعی و فی عرض بعضهم للبعض الآخر، فقد جاء فی روایة أَبان بن عثمان عن الصَّادق (ع): أَنه استعملَ علَیهم جعفراً فَإِنْ قتلَ فزیدٌ فإنْ قتلَ فابنُ رَوَاحَة.[1]
نعم، لا یمکن اعتبار تلک الروایات من الادلة القطعیة على وحدة الولایة، بل کما قلنا انما ادرجت فی دستور الجمهوریة استناداً الى رأی المتخصصین من اعضاء لجنة اعادة کتابة الدستور الاساسی و تأیید الشعب لها.
اما جواب سماحة آیة الله الشیخ هادوی الطهرانی (دامت برکاته) عن السؤال المطروح فکان بالنحو التالی:
1. استفاد بعض الفقهاء أن ولایة الفقیه من شأن الفقیه الاعلم، لکن اغلب الفقهاء و القریب من الاتفاق یرون أن کل فقیه عادل کفوء (یعنی تتوفر فیه الصلاحیات العلمیة و العملیة و الاداریة للقیادة) له حق الولایة شرعاً فی عصر الغیبة الکبرى. لکن لو تصدى واحد من هؤلاء المؤهلین للقیادة بسبب التفاف الشعب حوله و تمکن من اعمال ولایته فلا یحق لغیره من الفقهاء مزاحمته فی الدائرة التی یستطیع إعمال ولایته فیها و یکون حکمه نافذاً على الجمیع حتى على نفسه و لا یحق لاحد مخالفته عملیاً حتى الولی نفسه.
2. لا مانع من الناحیة الشرعیة النظریة أن یتصدى لقیادة المجتمع (شورى الفقهاء) العدول من ذوی الصلاحیة و الکفاءة المرضیین من قبل الشعب، و إن کان من الناحیة العملیة قد لا یمکن تحقق ذلک خارجاً أو یکون عدیم الفائدة.
لمزید الاطلاع انظر:
1. السؤال رقم 1439 (الرقم فی الموقع: 1445) دائرة ولایة الفقیه فی العالم.
2.السؤال رقم7178 (الرقم فی الموقع: 7937) تعدد و وحدة الولی الفقیه.