ان الاسلام اکرم المراة و قد جاء مدحها و الثناء علیها فی القرآن و السنة المطهرة:
اما القران الکریم:
قال تعالی فی کتابه الکریم: (إقْرأ بِاسْمِ ربِّک الّذی خَلَقَ * خَلَقَ الإنْسانَ مِن عَلَقٍ * إقْرَأ وَرَبُّک الأکْرَمُ * الّذی عَلَّمَ بالقَلَمِ * عَلَّمَ الإنْسانَ ما لَم یَعْلَم).[1] و قال أیضاً: (وَلَقَد کرّمنا بنی آدَمَ وَحَمَلْناهُم فی البَرِّ وَالبَحْرِ وَرَزَقْناهُم مِنَ الطّیِّباتِ وَفَضَّلْناهُم عَلَى کَثیرٍ مِمَّن خَلَقْنا تَفْضِیلاً).[2] و هذه الآیات تشمل الرجل و المرأة معا و لا تختص بالرجال.
و کذلک اشار القرآن الکریم الی انهما قد خلقا من نفسٍ واحدة، فلا تفاضل لأحدهما على الآخر، و لا مرتبة عُلیا ولا دُنیا، بل هما من مصدر واحد سواء فیه، قال تعالى: (یا أیُّها الناسُ اتّقوا رَبَّکُم الّذی خَلَقَکُم مِن نَفْسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها وَبَثَّ مِنْهُما رِجالاً کَثیراً ونِساءً وَاتّقوا اللهَ الّذی تَساءَلونَ بِهِ والأرْحام إنّ اللهَ کانَ عَلَیکُم رَقیباً).[3]
و الآیات کثیرة فی هذا المجال یکفی فیها سورة مریم و آیة المباهلة التی کانت الزهراء (س) احد ارکانها و کذلک امرأة فرعون التی اعتبرت مثالا للمؤمنین، قال تعالی: (وَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذینَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قالَتْ رَبِّ ابْنِ لی عِنْدَکَ بَیْتاً فِی الْجَنَّةِ وَ نَجِّنی مِنْ فِرْعَوْنَ وَ عَمَلِهِ وَ نَجِّنی مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمین).[4]
و قال تعالی: (وَمِن آیاتِهِ أن خَلَقَ لَکُم مِن أنفسِکُم أزواجاً لِتَسکُنوا إلیها وجَعلَ بینکُم مَودّةً ورَحمةً إنَّ فی ذلِک لآیاتٍ لِقَوْمٍ یَتَفَکَّرون).[5]
و من الواضح ان الرسول الاکرم (ص) یعتقد اعتقادا راسخا بمضامین هذه الآیات المبارکات؛ لانه هو الواسطة فی نقلها الی البشر عن الله سبحانه.
اما فی الحدیث:
روی عن النبی الاکرم (ص) انه قال: "الجنة تحت أقدام الأمهات".[6] فی حدیث آخر: أن رجلا أتى رسول اللّه (ص) للجهاد- حیث لم یکن الجهاد واجبا عینیا- فقال: «أ لک والدة»؟ قال: نعم، قال: «فألزمها فإنّ الجنّة تحت قدمها».[7] و فی حدیث عن الإمام الصادق (ع): «إن رجلا أتى النّبی (ص) و قال: یا رسول اللّه، من أبرّ؟ قال: أمک، قال: ثمّ من؟ قال: أمک، قال: ثمّ من؟ قال: أمک، قال: ثمّ من؟ قال: أباک».[8]
وَ ایضا قَالَ (ص) الْمَرْأَةُ نَهْرَمَانَةٌ وَ لَیْسَتْ بِقَهْرَمَانَةٍ.[9]
کذلک السیرة العملیة للرسول الاکرم (ص) حیث کان یتعامل مع المرأة بدرجة عالیة من الاحترام و التوقیر و لعل اوضح شاهد علی ذلک سورة المجادلة تلک المرأة التی کانت تجادل الرسول (ص) و ترید ان یحدد الشارع المقدس وضعها القانونی مع زوجها، و قد تعرض المفسرون لهذه القضیة بالبحث المفصل فقد جاء فی تفسیر من هدی القرآن:
تقول هذه المرأة المجادلة "خولة" لرسول اللّه- حسب بعض النصوص-: یا رسول اللّه قد نسخ اللّه سنن الجاهلیة، و إنّ زوجی ظاهر منی، فقال لها: ما أوحی إلیّ فی هذا شیء، فقالت: یا رسول اللّه أوحی إلیک فی کلّ شیء و طوی عنک هذا؟ فقال: هو ما قلت لک.
هذا رسول الرحمة، هذا مرکز العطف و ینبوع الحنان، هذا صاحب الخلق العظیم، و لکنّ اللّه أرحم الرّاحمین و أعظم عطفا و حنانا فلا یجوز أن نرى أحدا أقرب إلینا منه و لا أرحم، حتى و لو کان الشفیع الحبیب محمّد بن عبد اللّه (ص) على أنّه السبیل إلى اللّه، و أقرب الوسائل إلیه، و أقرب الشفعاء.
و الآیة تعکس صورة عن مکانة المرأة فی الإسلام، و أنّها مع الرجل على حد واحد فی علاقتها مع قیادتها الرسالیة، تجادلها فی حقوقها، و تشتکی عند المشاکل لدیها، و تحاورها فی مختلف القضایا و المواضیع، تستمع القول و تبدی الرأی، باعتبارها مکلّفا له حقوقه و علیه واجباته الشخصیة، بل باعتبارها جزءا من الأمّة یهمّها أمر الإسلام و المسلمین، و ینعکس علیها التقدم و التخلف، و النصر و الانکسار، فهذا الرسول القائد لا یصدّ خولة عن التصدی لموضوع الظهار لأنّها امرأة، إنّما یستقبلها بصدره الرحب رغم إلحاحها، و هی تروم الوقوف بوجه مشکلة تهمّ کلّ مسلم و مسلمة، و تتصل بالنظام الاجتماعی للأسرة. و قد تعوّدت هذه المرأة على هذه الخصلة، کما تعودت سائر النساء و الرجال فی العهد الأول، على ممارسة حریتهم فی مواجهة ما کانوا یرونه خطأ.[10]
[1] العلق، 1ـ 5.
[2] الإسراء، 70.
[3] النساء، 1.
[4] التحریم،11.
[5] الروم، 21.
[6] التفسیر المعین للواعظین و المتعظین، المتن، ص 307 نقلاع عن کنز العمال، ح 45439.
[7] جامع السعادات، ج 2، ص 261.
[8] وسائل الشیعة، الجزء 15، ص 207.
[9] مستدرکالوسائل، ج 14 ص 252.
[10] السید محمد تقی المدرسی، من هدى القرآن، ج 15، ص 139- 141.