فلو فرضنا وجود مشکلة فی زواجی بحسب طالع الأبجد أو الأبراج فهل یمکن تغییر ذلک؟
للإجابة عن السؤال نتابع الآتی:
1ـ فیما یخص مشاورة الطبیب النفسی أو الخبیر الدینی لا بد من القول: مع أن الأمرین مرتبطان ببعضهما من زاویة نظر معینة إلا أنهما منفصلان من جهة أخرى. و لذلک فمن یشعر بوجود مشکلة نفسیة و روحیة معنویة فعلیة أن یراجع المتخصص فی هذا الفن، فإذا کانت المسألة نفسیة معنویة لا علاقة لها بالدین فاللازم مراجعة الطبیب النفسی، و أما إذا کانت المسألة دینیة، أو أنها من المسائل التی یوجد للدین فیها رأی فیتحتم مراجعة العالم الدینی، علماً أن الدین (القرآن و السنة) له رأی فی جمیع المسائل الاجتماعیة و الفردیة، و علیه فلا ینبغی الإعراض عن الاستشارة الدینیة فی جمیع الأوقات و مما یجدر التذکیر به أن الرجوع إلى المشاور الدینی أو النفسی لا بد أن یراعى فیه علمیة المشاور و سعة معرفته و قدرته على استیعاب الأمور و تحلیلها و استخلاص النتائج.
2ـ و أما فیما یخص السؤال الثانی، فهناک أحادیث کثیرة فی مصادرنا تنهى عن العدید من الأعمال مثل ضرب الرمل، و أخذ الفال و الطالع و تذم القائمین بها و مؤیدیها على حد سواء.
و للاطلاع بشکل موسع و الوقوف على بعض الأحادیث نتابع الجواب التفصیلی.
سؤالکم یتألف من شقین، و علیه سوف تکون الإجابة على الشقین معاً:
1ـ أما بالنسبة الی استشارة الطبیب النفسی أو الخبیر الدینی فنقول أن هذین الأمرین مرتبطان ببعضهما من جهة و لکنهما شیئان مختلفان عن بعضهما من جهة أخرى، و لکل استقلاله عن الآخر.
و کما أننا نرجع فی الأمور التخصصیة المادیة إلى المتخصص و صاحب الفن، فإذا حدثت لأحدنا مشکلة فی عینه مثلاً فیجب أن یراجع طبیب العیون، و إذا تعطلت سیارته یذهب إلى المیکانیکی لإصلاحها، و کذلک الحال فیما إذا واجه الإنسان مشکلة نفسیة معنویة فعلیة الرجوع إلى المتخصص فی هذا المیدان.
و على هذا الأساس لا بد من التوجه و معرفة مورد الاستشارة فإذا کانت المسألة نفسیة محضة و لا علاقة لها بالدین فیجب الرجوع إلى الطبیب النفسی، و أما إذا کانت المسألة دینیة أو من الأمور التی للدین فیها رأی و نظر فاللازم مراجعة الخبیر بالشؤون الدینیة.
و لکن مع الانتباه إلى أن الدین (القرآن و السنة) عادة ما یکون له رأی و نظر فی جمیع المسائل الفردیة و الاجتماعیة، و علیه فلا ینبغی الغفلة عن مشاورة الخبیر الدینی، و لکن من المهم مراعاة مستوى المشاور، فإذا کان دینیاً لا بد من توفره على المطالعة الواسعة و معرفة أحادیث المعصومین (ع) و کلامهم، و کذلک الطبیب النفسی لا بد أن یکون من ذوی الاطلاع و أصحاب القدرة على تحلیل الأمور و استخلاص النتائج المفیدة.
2ـ و أما فیما یخص الشق الثانی من السؤال فهناک الکثیر من الأحادیث و الروایات الواردة فی مصادرنا و التی تنهى عن الضرب بالرمل و أخذ الطالع و الفأل و تذم القائمین بها و المؤیدین لها و من باب المثال نورد بعض النماذج:
یقول أحد الرواة المسمى هیثم بن واقد: «قلت لأبی عبد الله عبد الله (ع): إن عندنا بالجزیرة رجلاً ربما أخبر من یأتیه یسأله عن الشیء یسرق أو شبه ذلک، فنسأله؟ فقال: قال رسول الله (ص): من مشى إلى ساحر أو کاهن أو کذاب یصدقه بما یقول فقد کفر بما أنزل الله من کتاب»[1].
2ـ کان الإمام علی (ع) یهیئ جیشه لحرب الخوارج فتقدم إلیه شخص و قال: إنی أخشى إن خرجت إلى الحرب فی هذا الوقت أن لا تبلغ هدفک، و أن تواجه الهزیمة، أرى أن ترجع عن هذا الوجه و إنی علمته ذلک عن طریق علم النجوم و النظر فی الکواکب!! فقاله له الإمام (ع): «أتزعم أنّک تهدی إلى السّاعة الّتی من سار فیها صرف عنه السُّوء؟ و تخوّف من السّاعة الّتی من سار فیها حاق به الضّرّ؟! فمن صدّق بهذا فقد کذّب القرآن، و استغنى عن الإعانة باللّه فی نیل المحبوب و دفع المکروه، و تبتغی فی قولک للعامل بأمرک أن یولیک الحمد دون ربّه، لأنّک بزعمک أنت هدیته إلى السّاعة الّتی نال فیها النّفع و أمن الضّرّ، ثم أقبل (ع) على الناس فقال: أیّها النّاس، إیّاکم و تعلّم النّجوم، إلاّ ما یهتدى به فی برّ أو بحر، فإنّها تدعو إلى الکهانة، و المنجّم کالکاهن، و الکاهن کالسّاحر و السّاحر کالکافر و الکافر فی النّار، سیروا على اسم الله.[2]
و خلاصة الکلام إن علم الغیب فی هذا العالم و سائر العوالم الأخرى من مختصات الذات الإلهیة، و أما ما یذکر من الأمور التی یخبر بها الأنبیاء (ع) أو الأولیاء و هی من المغیبات فذلک بإذن الله. بمعنى أن إرادة الله تتعلق فی بعض المواقف بإخبار بعض الأفراد من الأولیاء فی عالم الیقظة بواقع بعض الأشیاء التی تخفى على الناس و أن یزوده بالاطلاع النسبی على الغیب، و تارة یلهم البعض فی عالم النوم عن طریق الرؤیة الصادقة و یفیض علیهم، و لذلک یرفع لهم جانباً من حجاب الغیب، فتظهر الحقیقة التی کانت خافیة لدى صاحب الرؤیا جلیة.
و أما الطرق الأخرى التی یستخدمها أهل الخداع لاستغفال الناس و اللعب بأفکارهم کالسحر و الفأل و الطالع و التنجیم فلیست من مفاتیح علم الغیب، و إنما هی مادة للضلال و الفساد، و قد نهى عنها الإسلام و منعها[3].