Please Wait
الزيارة
6027
محدثة عن: 2011/12/31
کد سایت fa12923 کد بایگانی 20321
گروه العملیة
خلاصة السؤال
هل یتساوى جزاء و ثواب المعدمین مع المترفین مع تساوی العمل الصادر منهم ظاهرا؟
السؤال
هل یتساوى جزاء و ثواب المعدمین مع المترفین مع تساوی العمل الصادر منهم ظاهرا؟ فعلى سبیل المثال لو تصدق تصدق الغنی بالمقدار التی تصدق به الفقیر مع کون الفقیر یعیش الحرمان و الفاقة طیلة حیاته، و هکذا لو صدرت المعصیة المتساویة - ظاهرا – من کل منهما فهل ثواب و عقاب الاثنین متعلق بمیزان العمل فقط أو هناک عوامل أخرى دخیلة فی ذلک؟
الجواب الإجمالي

تؤکد النصوص الاسلامیة على حقیقة التناسب بین التکلیف و الاستطاعة فکل انسان یکلف بما یطیق و لا نجد حکما من الاحکام خارج القدرة و الاستطاعة، و من الطبیعی هنا أن تکلیف الغنی و المتمکن مالیاً یختلف عن تکلیف الفقیر المعدم، و کذلک الصحیح المعافی یختلف عن المریض العلیل، و لیست صلاة المریض و هو على فراش المرض یعانی الآلام و الاوجاع یتساوى ثوابها مع صلاة ذلک الانسان المعافى – مع اتحاد کیفیة الاداء و خلوص النیّة و...- الذی یتقلب على الأرائک!! و هکذا من غیر المعقول ان یتساوى ثواب صدقة المعدم الذی لا یملک الا هذا المقدار القلیل جداً فیأتی متصدقاً ببعضه و بین ذلک الغنی الذی لو تصدق بمئة ضعف مما تصدق به الفقیر لا یشعر بأی أثر أو نقص فی ثروته الطائلة!!

و قد أشار الباری تعالى الى هذه القضیة فی بعض الآیات و الروایات الواردة عن المعصومین (ع) اشرنا الیها فی الجواب التفصیلی.

الجواب التفصيلي

من الجدیر هنا أن نلقی نظرة سریعة على آیات الذکر الحکیم و کلمات المعصومین (ع) لنستوحی منها الاجابة عن هذا التساؤل و التی یفهم منها توقف التکلیف على مدى القدرة و الاستطاعة لکل مکلف على انفراد و بما یناسبه، و من هذه النصوص:

1. قوله تعالى: " لِیُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَ مَنْ قُدِرَ عَلَیْهِ رِزْقُهُ فَلْیُنْفِقْ مِمَّا آتاهُ اللَّهُ لا یُکَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ ما آتاها سَیَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ یُسْرا".[1]

2. قوله تعالى فی سورة التوبة: " لَیْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ وَ لا عَلَى الْمَرْضى‏ وَ لا عَلَى الَّذینَ لا یَجِدُونَ ما یُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذا نَصَحُوا لِلَّهِ وَ رَسُولِهِ ما عَلَى الْمُحْسِنینَ مِنْ سَبیلٍ وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحیمٌ * وَ لا عَلَى الَّذینَ إِذا ما أَتَوْکَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ ما أَحْمِلُکُمْ عَلَیْهِ تَوَلَّوْا وَ أَعْیُنُهُمْ تَفیضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلاَّ یَجِدُوا ما یُنْفِقُونَ * إِنَّمَا السَّبیلُ عَلَى الَّذینَ یَسْتَأْذِنُونَکَ وَ هُمْ أَغْنِیاءُ رَضُوا بِأَنْ یَکُونُوا مَعَ الْخَوالِفِ وَ طَبَعَ اللَّهُ عَلى‏ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا یَعْلَمُون‏".[2]

3. و قوله تعالى: " لَیْسَ عَلَى الْأَعْمى‏ حَرَجٌ وَ لا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَ لا عَلَى الْمَریضِ حَرَج‏".[3]

4. و قوله عزّ شأنه: " شَهْرُ رَمَضانَ الَّذی أُنْزِلَ فیهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَ بَیِّناتٍ مِنَ الْهُدى‏ وَ الْفُرْقانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْکُمُ الشَّهْرَ فَلْیَصُمْهُ وَ مَنْ کانَ مَریضاً أَوْ عَلى‏ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَیَّامٍ أُخَرَ یُریدُ اللَّهُ بِکُمُ الْیُسْرَ وَ لا یُریدُ بِکُمُ الْعُسْرَ وَ لِتُکْمِلُوا الْعِدَّةَ وَ لِتُکَبِّرُوا اللَّهَ عَلى‏ ما هَداکُمْ وَ لَعَلَّکُمْ تَشْکُرُون‏".[4]

و فی هذا المجال تشیر الروایات الى أن المضطر یأکل المیتة و کل محرم إذا اضطر إلیه قال جعفر بن محمد (ص): إذا اضطر الرجل إلى المیتة أکل حتى یشبع و إذا اضطر إلى الخمر شرب حتى یروی و لیس له أن یعود إلى ذلک حتى یضطر إلیه أیضا.[5]

5. و قوله تعالى: " لا جُناحَ عَلَیْکُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّساءَ ما لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَریضَةً وَ مَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَ عَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنین‏".[6]

6. ذکر العلامة المجلسی أنه لما حث القرآن الکریم المؤمنین على الجهاد بالمال جاء سالمُ بن عُمَیْر الأَنصاریُّ بصاع من تمر، فقال: یا رسول اللَّهِ کنتُ لیلَتی أَخبِزُ لجریر حتَّى نلتُ صاعین تمراً، أَمَّا أَحدهما فَأَمسکْتهُ و أَمَّا الآخرُ فَأَقْرَضْتُهُ رَبِّی. فأَمرَ رسولُ اللَّهِ (ص) أَنْ یَنْثُرَهُ فی الصدقات فسخر منهُ المنافقون فقالوا: و اللَّهِ إِنْ کان اللَّهُ یغنی عن هذا الصَّاع ما یصنعُ اللَّهُ بصاعه شیئاً، و لکنَّ أَبا عقیل أَراد أَن یذکُر نفسَهُ لیعطى من الصَّدقات فنزل قوله تعالى " الَّذینَ یَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعینَ مِنَ الْمُؤْمِنینَ فِی الصَّدَقاتِ وَ الَّذینَ لا یَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ فَیَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَ لَهُمْ عَذابٌ أَلیم"‏[7] و[8]

7. عن جمیل (أحد اصحاب الامام الصادق) قال قلت لابی عبد اللَّه (ع): مَنْ غُرَرُ أَصْحَابِی؟ قال: هم البارُّونَ بِالإِخوان فی العسر و الیسر. ثُمَّ قال: یا جمیلُ أَمَا إِنَّ صاحب الکثیر یهونُ علیه ذلک و قدْ مدح اللَّهُ فی ذلک صاحب القلیل، فقال فی کتابه "وَ یُؤْثِرُونَ عَلى‏ أَنْفُسِهِمْ وَ لَوْ کانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ وَ مَنْ یُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِکَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ".[9]‏ و[10]

و فی روایة أخرى عن أَبِی بَصِیرٍ عن أَحدهما (ع) قال: قلت له: أَیُّ الصَّدقة أَفضل؟ قال: جُهْدُ الْمُقِلِّ، أَ ما سمعت اللَّهَ عزَّ و جلَّ یقول: "وَ یُؤْثِرُونَ عَلى‏ أَنْفُسِهِمْ وَ لَوْ کانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ" تَرَى هَاهُنَا فَضْلا.[11]

8. روی عن الامام الصادق (ع) الحدیث القدسی الذی یقول الله تعالى فیه: " إِنَّ مِنْ عِبَادِی مَنْ‏ یَتَصَدَّقُ بِشِقِّ تَمْرَةٍ فَأُرَبِّیهَا لَهُ کَمَا یُرَبِّی أَحَدُکُمْ فَلُوَّهُ حَتَّى أَجْعَلَهَا لَهُ مِثْلَ جَبَلِ أُحُد".[12]

و مما لاریب فیه أن الآیات و الروایات التی تشیر الى تناسب القدرة و الاستطاعة مع التلکیف و مع الثواب و الجزاء لا یسع المجال لاستقصائها هنا، و لکن المسلّم به أن الله تعالى لا یکلف الانسان بأمر خارج عن قدرته الجسمیة أو الاقتصادیة[13]. و أن کل من یعمل بتکلیفه ینال ثواب عمله.



[1]الطلاق، 7.

[2]التوبة، 91-93.

[3]الفتح، 17.

[4]البقرة، 185.

[5] التمیمی المغربی، نعمان بن محمد، دعائم الإسلام، ج 2، ص 125، ح 435، دار المعارف، مصر، 1385 هـ ق.

[6]البقرة، 236.

[7]التوبة، 79.

[8] المجلسی، محمد باقر، بحار الانوار، ج 22، ص 96، مؤسسة الوفاء، بیروت، 1404 هـ ق.

[9] الحشر، 9.

[10] الحر العاملی، محمد بن الحسن، وسائل الشیعة، ج 9، ص 429، ح 12407،

[11] المصدر، ص 431، ح 12413.

[12] المصدر، ص 381، ح 12290.

[13]انظر: البقرة، 286؛ الانعام، 152؛ الاعراف، 42؛ المؤمنون، 62؛ الطلاق، 7 و ...