جمیع الاحکام و الدساتیر الالهیة الاسلامیة إنما شرعت لحفظ مصالح الناس و دفع الضرر و الفساد عنهم على المستویین المادی و المعنوی، و لم تهدف الى غایة غیر هذه الغایة السامیة، فالهدف الربانی من وراء تلک التشریعات تأمین الطهارتین المعنویة و المادیة. و لا تنحصر حکمة و اسرار الطهارة و منها الطهارة من الحیض فی النظافة الظاهریة و البدنیة، بل الملحوظ اکثر هو البعد المعنوی الکامن فی هذة التکالیف؛ من هنا اشترط ایقاع الغسل مقرونا بالقربة الى الله تعالى و الا یعتبر فاقداً للاعتبار الشرعی حتى اذا ازیلت کل النجاسات الظاهریة من البدن.
الجدیر بالذکر أن وجوب الغسل لا یعنی کون المرأة موجوداً نجساً فی اثناء العادة الشهریة (الحیض)، بل القضیة تشبة الجنابة عند الرجال، و تشبه کل الامور التی توجب بطلان الوضوء کالنوم مثلا فانها لا توجد نجاسة فی ذات المکلف و انما تخلق حالة جدیدة یحتاج معها الى الوضوء او التیمم.
کما هو معروف ان جمیع الاحکام و الدساتیر الالهیة الاسلامیة إنما شرعت لحفظ مصالح الناس و دفع الضرر و الفساد عنهم على المستویین المادی و المعنوی، و لم تهدف الى غایة غیر هذه الغایة السامیة، فالهدف الربانی من وراء تلک التشریعات تأمین الطهارتین المعنویة و المادیة، قال تعالى فی کتابه الکریم: " ما یُریدُ اللَّهُ لِیَجْعَلَ عَلَیْکُمْ مِنْ حَرَجٍ..."[1] فالآیة الکریمة ترسم لنا قانوناً عاماً و هو أن الاحکام الالهیة لا یقصد بها بحال من الاحوال التضییق على العباد و احراجهم، و ان التشریعات مقدورة و مستطاعة للعباد "... لا یُکَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَها..."[2]
بعد هذه المقدمة نقول فی خصوص فلسفة غسل الحیض: لا تنحصر حکمة و اسرار الطهارة و منها الطهارة من الحیض فی النظافة الظاهریة و البدنیة، بل الملحوظ اکثر هو البعد المعنوی الکامن فی هذا التکلیف؛ من هنا اشترط ایقاع الغسل مقرونا بالقربة الى الله تعالى و الا یعتبر فاقداً للاعتبار الشرعی حتى اذا ازیلت کل النجاسات الظاهریة.
لقد عبر الاسلام عن المرأة الحائض بعنوان "المحدث" یعنی الانسان الفاقد للطهارة (الوضوء او الغسل) فلا یحق لها الصلاة و لا الصوم قبل التطهر. فالحیض کالاحداث الاخرى الجنابة و النوم و البول و... التی توجب الحدث، و لا یختص الأمر بالنساء اولا، و ثانیا ترتفع تلک الاحداث اما بالغسل أو الوضوء.
اما بالنسبة الى فلسفة هذا الحکم الذی حظی باهتمام کبیر من قبل الشارع المقدس، فقد اشار الله تعالى الى ذلک فی الآیة الکریمة: "«ولکنْ یُرید لِیُطهِّرکم»[3] فان الطهارة مقدمة للتقرب و الوصول الى الذات الالهیة المطهرة؛ لان الذات الطاهرة لا تجلب الیها الا الطاهر، و هذه الطهارة محبوبة لله تعالى.
فلو تأمل الانسان قلیلاً فی مسالة الطهارة لوصل الى نتیجة مهمة و هی: أن الدین الذی یهتم کل الاهتمام بالنظافة الظاهریة و التی لا تعدو القشرة للبدن، لا یمکن بحال من الاحوال إهمال الجانب المعنوی و الطهارة الروحیة و التنزه الباطنی.
الجدیر بالذکر أن وجوب الغسل لا یعنی کون المرأة موجوداً نجساً فی اثناء العادة الشهریة (الحیض)، بل القضیة تشبة الجنابة عند الرجال فکما ان الرجل ملزم بالغسل من الجنابة و التطهر منها، و لا یدل ذلک على نجاسة ذات الرجل اثناء الجنابة، کذلک المرأة لا یدل ذلک على نجاسة ذاتها اثناء الحیض، و هکذا الامر فی مبطلات الوضوء فانها لا توجد النجاسة فی ذات المکلف و انما تخلق حالة جدیدة ترتفع من خلال الوضوء او التیمم.
لمزید الاطلاع انظر:
فلسفة الغسل، 13736 (الموقع: 13450).
فلسفة و حکمة الاحکام الفقهیة، 14060 (الموقع: 13798).
الحفاظ علی سلامة المحیط و البیئة فی الاسلام، 1401 (الموقع: 2711).
[1] المائده، 6. "یا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَکُمْ وَ أَیْدِیَکُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِکُمْ وَ أَرْجُلَکُمْ إِلَى الْکَعْبَیْنِ وَ إِنْ کُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا وَ إِنْ کُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْکُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَیَمَّمُوا صَعیداً طَیِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِکُمْ وَ أَیْدیکُمْ مِنْهُ ما یُریدُ اللَّهُ لِیَجْعَلَ عَلَیْکُمْ مِنْ حَرَجٍ وَ لکِنْ یُریدُ لِیُطَهِّرَکُمْ وَ لِیُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَیْکُمْ لَعَلَّکُمْ تَشْکُرُونَ".
[2] البقرة، 285.
[3] نفس الآیة.