إنطلاقا من الآيات و الروايات التي تنظر الى المرأة نظرة ايجابية لابد من التعامل مع الحديث المذكورة بطريقة موضوعية لمعرفة المراد منه، فان كان المراد منه أن جنس المرأة شر و ظلام و بلاء فرض على الانسان و انها لا خير فيها مطلقاً!! فمما لاريب فيه أن هكذا معنى لا ينسجم بحال من الاحوال مع التعاليم الاسلامية و سيرة النبي الاكرم (ص) و أهل بيته (ع) في نظرتهم الايجابية للمرأة و الاصول الواردة عنهم في هذا الخصوص، فلا بد حينئذ من الاعراض عن الحديث و التشكيك بصدوره عن الامام (ع).
الا أن التأمل في الحديث يكشف لنا عن معنى آخر ترتفع معه المحاذير التي تترآى للوهلة الاولى، و ذلك من خلال حمل كلمة " الشر" على معنى غير المعنى المتعارف لها. (انظر الجواب التفصيلي)
ترجم الحديث المذكور الى اللغة الفارسية ترجمه – و هي المذكورة في متن السؤال- لا تنسجم مع التعاليم الاسلامية الاخرى. و لكن يمكن النظر الى الحديث المذكور من زاوية أخرى ترتفع معها الاشكالات التي قد يترآى للذهن أنها مخالفة للتعاليم الاسلامية.
هناك آيات قرآنية تعرضت للحديث عن النساء ورد فيها مفردة "الخير"، من قبيل:
1. قوله تعالى: " وَ عاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَ يَجْعَلَ اللَّهُ فيهِ خَيْراً كَثيرا".[1]
2. عندما طلب موسى (ع) الخير من ربّه تعالى و اظهر حاجته و فقره الى خير الله سبحانه كما في قوله تعالى " فَسَقى لَهُما ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقالَ رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقير".[2] جاءت الآيات التالية لهذه الآية المباركة لتبين أن الخير المراد هنا يتمثل في المرأة التي تزوجها و التي اخرجته من حالة الغربة و الوحده و آنسته في تلك الظروف العصيبة.
3. قال تعالى في مميزات الزوج الصالح " وَ لَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَ لَوْ أَعْجَبَتْكُم".[3]
4. بعد أن بين القرآن الكريم مسؤولية الرجال قبال النساء و بعض الابحاث المتعلقه بالنساء اردفه بقوله تعالى: " وَ ما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِهِ عَليماً".[4]
5. عندما تعرض القرآن الكريم لبيان جنس الانسان و بداية خلق البشر صرح بان الرجل و المرأة خلقا من جنس واحد، و ذلك في قوله تعالى: " يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَ خَلَقَ مِنْها زَوْجَها".[5]
6. و عند التعرض للمعيار في التفاضل صرح القرآن بان المعيار يكمن في التقوى فالمرأة المتقية قد تكون مثلا و نموذجا يحتذي به الرجال كما في قوله تعالى عند التعرض لإمرأه فرعون: " وَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قالَتْ رَبِّ ابْنِ لي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَ نَجِّني مِنْ فِرْعَوْنَ وَ عَمَلِهِ وَ نَجِّني مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمين".[6]
إنطلاقا من هذه الآيات و الروايات التي تنظر الى المرأة نظرة ايجابية لابد من التعامل مع الحديث المذكورة بطريقة موضوعية لمعرفة المراد منه، فان كان المراد منه أن جنس المرأة شر و ظلام و بلاء فرض على الانسان و انها لا خير فيها مطلقاً!! فمما لاريب فيه أن هكذا معنى لا ينسجم بحال من الاحوال مع التعاليم الاسلامية و سيرة النبي الاكرم (ص) و أهل بيته (ع) في نظرتهم الايجابية للمرأة و الاصول الواردة عنهم في هذا الخصوص، فلا بد حينئذ من الاعراض عن الحديث و التشكيك بصدوره عن الامام (ع).
الا أن التأمل في الحديث يكشف لنا عن معنى آخر ترتفع معه المحاذير التي تترآى للوهلة الاولى، و ذلك من خلال حمل كلمة " الشر" على معنى غير المعنى المتعارف لها، و ذلك من خلال تفسير "الشر" بالمسؤولية و زيادة العناء الذي يفرضه وجود المرأة على الرجل غالبا[7]، و قد ورد استعمال مفردة الشر في هذا المعنى كما في قوله تعالى " إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً" بمعنى أن الانسان يجزع عندما يتعرض لما يكدر عليه صفو حياته.
و هناك أمثلة تتداول بين الناس قد يظهر منها هذا المعنى و التي تنطوي أحياناً على نوع من المزاح الذي لا يجرح مشعار المرأة كما في المثل الفارسي القائل "المرأة شر اللهم لا تحرمنا هذا الشر"، فلعل كلام أمير المؤمنين (ع) صدر في مثل هذه الاجواء، التي تكتشف من خلال القرآئن الحافة بالكلام؛ و الا كيف نتصور أنه عليه السلام يحكم على افضل نساء العالمين و إمرأته الكريمة السيدة الزهراء (س) بهكذا حكم؟ أو أنه عليه السلام يخالف القرآن ليصف إمرأة فرعون بانها شر مطلق!! أو يصف السيدة خديجة (س) التي هي من خير نساء العالمين حسب الرواية بانها شر مطلق!!.
إذن لابد من حمل الحديث على معنى ينسجم مع الاصول و الثوابت الاسلامية التي لا يمكن الخدشة فيها.
[1] النساء، 19.
[2] القصص، 24.
[3] البقرة، 221.
[4] النساء، 127.
[5] النساء، 1.
[6] التحريم، 11.
[7] بطبيعة الحال أن هذه القضية ليست عامة و شامله بل تابعه لظرفها الخاص و نوعية المرأة التي يتحمل الانسان مسؤوليتها.