الحروف المقطعة هی الحروف التی تأتی فی اوائل بعض السور و لیس لها معنی مستقل، و قد ذکر فی تفسیر هذه الحروف آراء مختلفة. و الرأی الأصح هو ان هذه الحروف اسرار یعرفها النبی و الأولیاء و جملة (صراط علی حق نمسکه) هی قول لبعض المحققین و لیس لها اساس فی الروایات.
توجد فی اوائل 29 سورة من سور القرآن حرف او عدة من حروف الالفباء، و مجموعها 78 حرفاً و تکون بعد حذف المکررات 14 حرفاً، أی نصف عدد حروف الهجاء التی هی 28 حرفاً، و تسمی هذه الحروف بالحروف المقطعة أو (الحروف النورانیة).
و قد وجدت آراء و نظریات مختلفة حول الحروف المقطعة نشیر الی بعض منها:
1. إن هذه الحروف إشارة الی أن هذا الکتاب السماوی - علی عظمته و أهمیته التی حیرت جمیع متکلمی العرب و غیر العرب و الذی أعجز. العلماء عن معارضته -، هو مرکب من نفس حروف (الالفباء) و الکلمات العادیة المتوفرة للجمیع.
2. ان الحروف المقطعة من متشابهات القرآن غیر القابلة للحل و هی من المجهولات المطلقة و طریق العلم بها مغلق أمام الناس تماماً.
3. ان هذه الحروف هی مجرد حروف عادیة و لیس فیها أی سر أو إشارة أو معنی سوی الخاصیة الصوتیة و النغمیة. و لا تتجاوز حکمة المجیء بهذه فی أوائل السور عن دائرة الالفاظ و الاصوات، فان اصوات هذه الحروف عند تلاوة القرآن فی ذلک الزمان کانت تؤدی الی جذب انتباه الحاضرین لکی یستمعوا الی القرآن، و ذلک لأن المعاندین کانوا یسعون دوماً الی احدات الضجیج لیمنعوا من وصول صوت القرآن الی آذان المارة.
4. ان هذه الحروف علامة علی کثرة استعمال الحروف المذکورة فی کلمات تلک السورة و ذلک من الاعجاز. یقول بدر الدین الزرکشی: من الاسرار الدقیقة لهذه الحروف ان اکثر الکلمات فی تلک السورة مرکبة من تلک الحروف الواقعة فی أوائلها، فمثلاً حرف (القاف) قد تکرر فی کل من سورتی (قاف) و (حم عسق) 57 مرة،و هو اکثر نسبة من باقی حروف هذه السورة ماعدا سورة (الشمس) و (القیامة) و (الفلق). و قد قام عالم مصری بحسابات معقدة بواسطة الحاسوب علی أساس هذه النظریة فاستنتج ان هذه الحروف علامة علی غلبة ذلک فی کلمات تلک السورة و هذا بحد ذاته معجزة.
5. ان هذه الحروف جیء بها لأجل القسم بها. القسم بهذه الحروف هو بسبب ان اصل الکلام فی جمیع اللغات قائم علی هذه الحروف.
6. هناک علاقة بین هذه الحروف و مضمون السورة الواردة فیها. لان التدبر فی السور المفتتحة بحروف مقطعة مشابهة یقودنا الی ان هذه السور متشابهة فیما بینها من حیث المضمون.[1]
7. ان بعض هذه الحروف المقطعة هی علامة اختصار و هی اشارة الی اسم من الاسماء الالهیة الحسنی، و بعضها الآخر أیضاً اشارة الی اسم النبی الاکرم (ص). فان کل اسم من الاسماء الالهیة مرکب من عدة حروف، فاختیر حرف من کل اسم و جعل فی اوائل بعض سور القرآن. فقد روی جویریة عن سفیان الثوری انه قال: قیل لجعفر بن محمد بن علی بن الحسین (ع): یابن رسول الله ما معنی هذه الکلمات فی کتاب الله تعالی حیث یقول (الم) و ... ؟ فقال الامام الصادق (ع): "معنی (الم) فی أول البقرة: أنا الله الملک، و اما (الم) التی فی اول سورة آل عمران فمعناها (انا الله المجید و ...".
8. ان هذه الحروف هی من اجزاء اسم الله الاعظم.
9. ان هذه الحروف فیها اشارة الی عدد آیات السور.
10. ان الحروف المقطعة لکل سورة هی اسم لتلک السورة، حیث عرفت سور (یس) و (طه) و (ص) باسماء حروفها المقطعة فی أوائلها.
11. هذه الحروف فیها اشارة الی مدة بقاء الامة الاسلامیة.
12. هذه الحروف هی لا جل الفصل بین السور و هی علامة علی انتهاء السورة السابقة و ابتداء السورة اللاحقة.
13. ان هذه الحروف بمنزلة الخلاصة و الاجمال لمحتوی السورة.
14. هذه الحروف ناظرة الی أسماء الاشخاص الذین کان عندهم نسخ من القرآن فمثلا (س) ناظر الی اسم (سعد بن ابی وقاص).[2]
15. ان هذه الحروف اسرار بین الله و الرسول (ص)، و لم یطلع علیها احد. و هذا الرأی هو مختار المحققین.[3] قال الامام الصادق (ع): (ألم) رمز و اشارة بینه و بین حبیبه محمد (ص) أراد ان لا یطلع علیه سواهما أخرجه بحروف لیبعده عن درک الاعتبار و ظهر السر بینهما لا غیر.[4]
و یحصل من ترتیب الحروف المقطعة الی جنب بعضها کلمات و عبارات متعددة، حیث قام بعض اهل الفکر و النظر و طبقا لعقائدهم و أذواقهم بالتفؤل لما یحبون باستخدام هذه الحروف فمثلا یقول بدر الدین الزرکشی: من ترکیب هذه الحروف یمکن الحصول علی هذه الجملة: (نص حکیم قاطع له سر)، و استفاد منها الفیض الکاشانی (ره) جملة (صراط علی حق نمسکه)[5] و ... و لکن لیس لأی من هذه الجمل اساس فی الروایات.