عرفات اسم لمکان یقع بالقرب من مکة المکرمة یجب على الحاج الوقوف علیه فی الیوم التاسع من ذی الحجة.
و الکلمة مأخوذة من مادة " عرف" بمعنى المعرفة. و هذه الارض محل لانواع المعرفة منها معرفة النفس و معرفة الله تعالى و من هنا اطلق علیها اسم عرفات.
ففی هذه الارض یلتف الانسان الى ضعفه و حاجته و فقره و ذنوبه من جهة و من جهة اخرى یلتف الى عظمة الله تعالى و لطفه و احسانه اللامحدود و بالنتیجة یعترف بما صدر منه من ذنوب و آثام و یتوب منها.
بطبیع الحال ان الوقوف بعرفات انما یؤدی الى معرفة النفس و معرفه الله تعالى اذا کان مقترنا بالتأمل و التفکیر و المعرفة والا مجرد القیام بالاعمال الظاهریة لایکفی و ان کانت من الناحیة الفقهیة مجزیة فی اسقاط التکلیف، الا ان مثل هکذا انسان لایمکن ان یصل الى المعارف الکبرى التی منها معرفة النفس.
عرفات اسم لمنطقة تقع فی شمال مکة و تقع خارجة حدود الحرم و من الناحیة الفقهیة یجب على المحرمین بحج التمتع الوقوف فیها من ظهر یوم التاسع من ذی الحجة و حتى الغروب من ذلک الیوم. ان للوقوف فی عرفات فضلة کبیرة حتى انه ورد عن الامام الصادق (ع) انه قال فی بیان فضل عرفات: "مَنْ لَمْ یُغْفَرْ لَهُ فِی شَهْرِ رَمَضَانَ لَمْ یُغْفَرْ لَهُ إِلَى قَابِلٍ إِلَّا أَنْ یَشْهَدَ عَرَفَةَ"[1]
و الکلمة مأخوذة من مادة "عرف" بمعنى المعرفة. و الوقوف بعرفات انما شرع لیتعرف الانسان على المعارف الدینیة واسرار نظام الخلق الالهی؛ فقد ورد فی دعاء عرفة للامام الحسین (ع) الاشارة الى تلک المعارف الکبیرة کمعرفة النفس و معرفة الله تعالى. ان الحاج عندما یقف فی عرفات یلتفت الى نفسه و یقوم بمحاسبتها فیتوب عما صدر منه من الذنب. ان افضل المعارف هی معرفة الانسان نفسه لانها تکون کالسلم الذی یرتفی منه الانسان لمعرفة الله تعالى. عرفات ساحة لمعرفة النفس و معرفة الله تعالى.
ان فلسفة الوقوف بعرفات هی ان الحاج عندما ینقطع عن جمیع التعلقات الدنیویة کالزوجة و الاولاد و الاهل و الاصدقاء و الاموال و الممتلکات و خلق کل انواع اللباس الفاخر و انواع الزینة و اکتفى بثوبی الاحرام فقط و الذی هو اشبه شیء بالکفن و افترش تراب تلک الارض المقدسة حینئذ یرى نفسه على حالته الواقعیة من الفقر و الحاجة و ان الغنی المطلق هو الله وحده و هذا ینجر به الى تذکر الموت و القبر و القیامة و فقره و عجزه و ضعفه فی ذلک الیوم العصیب حینها یرى انه لامنقذ من اهوال ذلک الیوم الا الله تعالى. فاذا وقف الانسان - و هو یحمل کل تلک المشاعر و الاحساسیس – فی عرفات یوما او اکثر من یوم و قد نسى نفسه و توجه الى الله تعالى بکل اخلاص، فلاریب یکون قد وصل الى مرتبة من مراتب المعرفة،و اذا کان ذلک مقترنا مع التأمل فی اعماله و ما صدر منه و تاب الى الله من کل ذنب اقترفه توبة نصوحا لاشک انه سیصل الى مقام القرب الالهی.
و على هذا فالوقوف فی عرفات مجردا عن التفکر و التأمل و مع عدم التخلص من الغفلة و الانانیة و الاکتفاء ببعض الطقوس الظاهریة و الحرکات الصوریة، کل ذلک لاینفع فی تحصیل معرفة الذات؛ و ان کانت هذه الاعمال من الناحیة الفقهیة کافیة فی اسقاط التکلیف الا ان مثل هکذا حاج لم یصل الى المعارف التی ینبغی الوصول الیها و التی منها معرفة النفس.
بطبیعة الحال بالنسبة الى سر تسمیة المکان بعرفات ذکرت عدة وجوه لاتتنافى مع المعنى الذی ذکرناه فمن الممکن ان تکون کل تلک الوجوه منظورة فی التسمیة؛ فمن تلک التوجیهات للتسمیة قیل ان نبی الله آدم لما هبط من الجنة تعرف على حواء فی ذلک المکان.[2] و قیل انهما تابا فی هذه المکان و اعترفا بخطئیتهما.[3] و قد سأل احد تلامذة الامام الصادق (ع) الامام (ع) لماذا سمیت تلک الارض بعرفات؟ فقال (ع): " ان جبرئیل (ع) اخذ بید ابراهیم (ع) ثُمَّ عَمَدَ بِهِ إِلَى عَرَفَاتٍ فَقَالَ هَذِهِ عَرَفَاتٌ فَاعْرِفْ بِهَا مَنَاسِکَکَ فَسُمِّیَ عَرَفَات".[4]