إن سنة الله فی هذا الکون هی إدارته بما فیه من مخلوقات عن طریق الأسباب و المسببات، و لم یتدخل الخالق مباشرةً فی منع الجرائم التی تحدث کالقتل و الظلم و مقارفة الذنوب. و إنما جعل الله لکل الموجودات و الأشخاص أحکاماً و واجبات، و لو أن الجمیع یعملون طبقاً لتکالیفهم و واجباتهم لما وقع الظلم.
و فی نظر الإسلام فإن الولد الذی یبلغ سن الخامسة عشر و البنت التی تبلغ التاسعة یکونان قد بلغا سن التکلیف، و قبل هذه السن لا یکتب علیهما ما یصدر من خطأ أو ذنب. و على هذا الأساس فإذا کان قد صدر عنک ذنبٌ أو خطأ فإنک لا تؤاخذ به لأنه واقعٌ فی مرحلة الطفولة، و کل ذلک یشمله عفو الله و رحمته، إضافة إلى أن الظاهر من سؤالکم أن ما وقع منکم کان من قبیل الإکراه و الإجبار، و معنى هذا أنه لم یکن ذنباً. و إذا ما بدأت حیاتک الآن بالعمل و السعی و التوکل على الله تعالى و الاقتداء بسیرة الأنبیاء و الأئمة المعصومین (ع) فإنک سوف تصل إلى درجات الکمال العلیا، و تکتسب قابلیة مجالسة الأئمة الطاهرین (ع) و منهم علی (ع).
کما أن هذا القلق و تأنیب الضمیر بسبب ما حدث لک یدل على طهارة نیتک، و إن الذنوب لم تلوث قلبک و لم تسوده، و هذا أمر فی غایة الأهمیة، و إذا ما استفاد منه الإنسان بشکلٍ صحیح فإنه یکون من أفضل أسباب الهدایة و النجاة.
أضف إلی ذلک أن زمن وقوع الذنب لیس مهما إذا أعقبته التوبة و قد وعد الله التائبین بحفظ ماء وجوههم فی الآخرة. فلا داعی للقلق من هذه الجهة.
و لک فی هذا الحدیث الذی رواه الکلینی فی الکافی بشارة سارة فقد روی ٍ عَنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ وَهْبٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (ع) یَقُولُ إِذَا تَابَ الْعَبْدُ تَوْبَةً نَصُوحاً أَحَبَّهُ اللَّهُ فَسَتَرَ عَلَیْهِ فِی الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ. فَقُلْتُ: وَ کَیْفَ یَسْتُرُ عَلَیْهِ؟ قَالَ: یُنْسِی مَلَکَیْهِ مَا کَتَبَا عَلَیْهِ مِنَ الذُّنُوبِ وَ یُوحِی إِلَى جَوَارِحِهِ اکْتُمِی عَلَیْهِ ذُنُوبَهُ وَ یُوحِی إِلَى بِقَاعِ الْأَرْضِ اکْتُمِی مَا کَانَ یَعْمَلُ عَلَیْکِ مِنَ الذُّنُوبِ فَیَلْقَى اللَّهَ حِینَ یَلْقَاهُ وَ لَیْسَ شَیْءٌ یَشْهَدُ عَلَیْهِ بِشَیْءٍ مِنَ الذُّنُوبِ.
إن الله یحب جمیع عباده، و خصوصاً الأطفال و الصبیان و الشباب منهم، و هو رحیمٌ بهم، و یتعامل دائماً مع أعمالهم و أقوالهم بلطفه و رحمته الواسعة التی لا حدود لها، کما أنه یصون ماء وجوههم أمام الجمیع حتى الملائکة و الأئمة، إلا أولئک الذی یتمادون و یسرفون فی ارتکاب المعاصی فیهلکون أنفسهم. و سن التکلیف فی نظر الإسلام بالنسبة للولد بلوغه 15 عاماً و للبنت بلوغها 9 أعوام و قبل هذا السن لا یکتب علیهم ما یأتون به من أخطاء و ذنوب. و على هذا الأساس إذا کان صدر منکم ذنب أو خطأ قبل هذا السن فإنه صادر فی زمن الطفولة التی یشملها الله بعفوه و رحمته، فلا موجب لجعل القلق و الاضطراب یسیطر على حیاتک. إضافة إلى أن ظاهر سؤالکم یدل على أن ما حدث کان بالإجبار و الإکراه. فلست مرتکباً ذنباً من هذه الجهة. و على أی حال فالأفضل أن لا تفشی ما وقع لک من حوادث أمام الآخرین، و إذا ابتدأت من الآن بالعمل و السعی فی طریق معرفة الإسلام و تحدید تکالیفک و واجباتک و العمل بها من خلال اختیار الصدیق المناسب و بالتوکل على الله و السیر على هدى أنبیاء الله و الأئمة المعصومین (ع)، فإنک سوف تصل إلى درجات الکمال العلیا. و سوف تکتسب قابلیة الإجتماع مع الأئمة الطاهرین(ع) و منهم علی(ع).
کما أن هذا القلق و تأنیب الضمیر بسبب ما حدث لک فی زمن الطفولة یدل على طهارة نیتک، و إن الذنوب لم تلوث قلبک و لم تسوده، و هذا أمر فی غایة الأهمیة، و إذا استفاد منه الإنسان بشکلٍ صحیح فإنه یکون من أفضل أسباب الهدایة و النجاة.
و من اللازم ذکره أن سنة الله فی إدارة هذا الکون و ما فیه من مخلوقات عن طریق الأسباب و المسببات، و لم یتدخل الله بشکلٍ مباشر فی منع وقوع الظلم على الإنسان البریء، أو یمنع وقوع الذنوب و المعاصی. و إنما جعل الله لجمیع الموجودات أحکاماً و واجبات، فإذا التزم الجمیع و عملوا بواجباتهم و تکالیفهم فلا یقع الظلم. فلو أن الآباء التزموا بواجبهم تجاه أبنائهم مثلاً، و اهتموا بتربیتهم و توجیههم الوجهة الصحیحة و التزم الأولاد بما یقوله الآباء فإن أرضیة الظلم و الذنوب و الاشتباهات سوف تنحسر إلى أقل ما یمکن و قد تتلاشى و تضمحل. و على هذا الأساس فإن الله تعالى یکلف الإنسان عندما یهیء له الوسائل و الأسباب التی تجعل منه قادراً على أداء ما کلف به. و لا فرق فیه بین الناس العادیین و أبناء الأئمة من هذه الجهة. و لذلک نجد أن ابن نوح النبی أصابه العذاب مع الکفار و المنافقین عندما انحرف عن طریق الحق و ابتعد عن طریق الصواب. و على العکس من ذلک فکم من إنسان عادی اختار منهج الحق و الطریق المستقیم فبلغ أعلى مراتب الکمال.
و على أی حال لا بد من التوجه إلى أن العالم یسیر وفق نظام الأسباب و المسببات. و من الممکن أن یکون لبعض الظروف المحیطة و الأمور الخارجة عن اختیار الإنسان بعض التأثیر. و لکنها لا یمکن أن تسلب من الإنسان حق الاختیار و سلوک الطریق الصحیح. فبإمکان الإنسان أن یسیر فی طریق الهدایة رغم کل الظروف و الملابسات، و إذا ما أصر الإنسان فی مواجهة مثل هذه العقبات و تجاوزها فإنه سوف ینال الثواب مضاعفاً. و على هذا الأساس فإنک ترى نفسک من عشاق علی، فإذا ما اتخذته قدوة لک فی أعمالک و سیرتک بعد التوبة من کل الذنوب و المعاصی، فإن ذلک من أوثق العرى التی تحملک إلى أعلى درجات الکمال و السعادة الواقعیة. و لا تنسى اختیار الأصدقاء الذین یذکرونک بالله دائماً.
أضف إلی ذلک أن زمن وقوع الذنب لیس مهما إذا أعقبته التوبة و قد وعد الله التائبین بحفظ ماء وجوههم فی الآخرة. فلا داعی للقلق من هذه الجهة.
و لک فی هذا الحدیث الذی رواه الکلینی فی الکافی بشارة سارة فقد روی ٍ عَنْ مُعَاوِیَةَ بْنِ وَهْبٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (ع) یَقُولُ إِذَا تَابَ الْعَبْدُ تَوْبَةً نَصُوحاً أَحَبَّهُ اللَّهُ فَسَتَرَ عَلَیْهِ فِی الدُّنْیَا وَ الْآخِرَةِ. فَقُلْتُ: وَ کَیْفَ یَسْتُرُ عَلَیْهِ؟ قَالَ: یُنْسِی مَلَکَیْهِ مَا کَتَبَا عَلَیْهِ مِنَ الذُّنُوبِ وَ یُوحِی إِلَى جَوَارِحِهِ اکْتُمِی عَلَیْهِ ذُنُوبَهُ وَ یُوحِی إِلَى بِقَاعِ الْأَرْضِ اکْتُمِی مَا کَانَ یَعْمَلُ عَلَیْکِ مِنَ الذُّنُوبِ فَیَلْقَى اللَّهَ حِینَ یَلْقَاهُ وَ لَیْسَ شَیْءٌ یَشْهَدُ عَلَیْهِ بِشَیْءٍ مِنَ الذُّنُوبِ .[1]
للاطلاع: راجع موضوع: طریق أحباء الله السؤال رقم 947 (الموقع: 1024).