Please Wait
الزيارة
7805
محدثة عن: 2010/07/15
کد سایت fa5556 کد بایگانی 8813
گروه العملیة
خلاصة السؤال
هل یصح أن یکون لنا أمل فی النجاة من عذاب یوم القیامة؟
السؤال
هل یمکن أن یکون الإنسان آملاً الأمان من عذاب القبر و القیامة؟
الجواب الإجمالي

ما یمکن التوصل إلیه من خلال التعالیم الدینیة بأن الأمل برحمة الله و الخوف من عذابه خصصیتان تکمل إحداهما الأخرى، و یجب أن تتساوى کفتاهما فی نفس المؤمن، بمعنى أن المؤمن لا بد أن یکون على أملٍ کبیر برحمة الله من خلال أداء الواجبات و الامتناع عن المحرمات الإلهیة، فیرجو حسن العافیة و أن تکون خاتمة أموره إلى خیر، کما یجب أن یکون على خوف و وجل من عذاب الله بدرجة یتساوی أمله و رجاءه، لأن عدم الخوف من عذاب الله یشکل باعثاً للإنسان على ارتکاب المعاصی و اقتراف الذنوب کما أن الخوف الزائد عن الحد یبعث على الیأس و القنوط من رحمة الله.

لقد جاء الخوف و الرجاء فی الآیات و الروایات إلى جانب بعضهما البعض، و إن هذین الأمرین الوجودیین یمثلان نورین فی قلب الإنسان و روحه، و جناحین یحلق بواسطتهما إلى ذروة الکمال و المعرفة و ذلک لأن الخوف من عذاب الله و الطمع برحمته و الأمل بالنجاة یدعوان الإنسان إلى عبادة الله، و لا یخفى أن عبادة الله تمثل حبل النجاة المتین و سببه الأقوى.

الجواب التفصيلي

یرى علماء الأخلاق و العرفان کالإمام الخمینی(ره) و اعتماداً على التعالیم الدینیة ـ إن الخوف و الرجاء فی قلب المؤمن صفتان تکمل إحداهما الأخرى، و یقولون أن الأمل و الرجاء المستحسن أن یبادر الإنسان إلى الاستفادة من کل الأسباب المتوفرة لدیه فی طریق نیل السعادة و النجاة من العذاب ثم یکون بعد ذلک آملاً و راجیاً لرحمة الله فی توفیر الأسباب التی لم تکن فی متناول یده و أن یرفع الموانع التی تحول بینه و بین سعادته، لینال مبتغاه و سعادته فی نهایة الأمر.

فإذا أقدم الإنسان على تنقیة قلبه و روحه من شرور المفاسد الأخلاقیة و هیأ الأرضیة الصالحة باستئصال المعاصی و أثرها على النفس، ثم یزرع فی نفسه بذور الأعمال الصالحة و الطاعة و العبودیة الخالصة لله تعالى و یسقیها بماء الإیمان الصافی. بعد ذلک کله یمکنه أن یعلق حبال آماله باطراف رحمة الله فی أن تکون عاقبته إلى خیر و أن یختم له بالسعادة. إن الأمل و الرجاء عند أمثال هذا الشخص مستحسن[1]. و فی القرآن الکریم دلیل على هذا الأمر، کما فی قوله تعالى: «إِنَّ الَّذِینَ آمَنُوا وَ الَّذِینَ هَاجَرُوا وَ جَاهَدُوا فِی سَبِیلِ اللَّهِ أُولَئِکَ یَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحِیمٌ»[2]. فقد جعل الله تعالى الأمل و الرجاء برحمته بعد الإیمان و أداء فرض الجهاد و الکدح و السعی فی سبیل الله سبحانه، و هذا الترتیب یعنی أنه على الإنسان المؤمن أن یبذل جهده و یستنفد وسعه فی أداء الفرائض و ترک المحرمات و بعد ذلک یکون آملاً لرحمة الله و راجیاً للنجاة من عذابه.

أما الخوف المستحسن فیتمثل فی أن یعلم الإنسان و یتیقن أنه فی حالة فقر محض مقابل الخالق القدیر، و لا یملک شیئاً لنفسه، و أن جمیع الممکنات فقیرة و محتاجة إلى من هو فیاض على الإطلاق، و لذلک على الإنسان أن یطلب کل ما یحتاج من لدن صاحب القدرة المطلقة، الذی یکون مصیر الجمیع بیده و عاقبة الکل إلیه، و إنه ینبوع جمیع الفضائل و منبع کل خیر[3].

کما ورد فی القرآن الکریم، فی قوله تعالى: «...قل کل من عند الله»[4].

و یجب أن تتساوى کفتا الخوف و الرجاء فی نفس الإنسان المؤمن، بمعنى أن الإنسان لا بد أن یکون على قدر من خوف عذاب القبر و أهوال یوم القیامة، و لکن لا ینبغی أن یخرجه هذا الخوف إلى حد الیأس و القنوط من رحمة الله الواسعة و کذلک لا بد أن یکون على قدرٍ من الأمل برحمة الله و لکن لا إلى حد الأمن و التقصیر عن أداء الواجبات والتمادی فی المعاصی:

کما أن روایات المعصومین تؤید هذه المسألة:

1ـ یقول الإمام الصادق(ع): «خَفِ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ خِیفَةً لَوْ جِئْتَهُ بِبِرِّ الثَّقَلَیْنِ لَعَذَّبَکَ، وَ ارْجُ اللَّهَ رَجَاءً لَوْ جِئْتَهُ بِذُنُوبِ الثَّقَلَیْنِ لَرَحِمَکَ»[5].

2ـ یقول الإمام علی(ع): «أفضل المسلمین إسلاما من کان همه لأخراه و اعتدل خوفه و رجاه »[6]

3ـ ویقول الإمام الصادق(ع): «الخوف رقیب القلب، و الرجاء شفیع النفس، و من کان بالله عارفاً کان من الله خائفاً و إلیه راجیاً، و هما جناحا الإیمان یطیر بهما العبد المحقق إلى رضوان الله وعینا عقله یبصر بهما إلى وعد الله تعالى و وعیده، و الخوف طالع عدل باتقاء وعیده، و الرجاء داعی فضل الله و هو یحی القلب و الخوف یمیت النفس».[7]

و المستحصل من النصوص المتقدمة أن الرجاء و الأمل فی النجاة من عذاب الله یأتی من خلال أداء الواجبات و ترک المحرمات کما أنه یشکل أحد جناحی المؤمن الذین یطیر بهما باتجاه الکمال المطلق، و إن هذا السبب خصوصیة (الأمل برحمة الله) لا بد أن یکون إلى جانبه خوف من العقاب الإلهی و بنفس الدرجة و القوة، بمعنى أن الإنسان یکون راجیاً و متأملاً لرحمة الله بقدر لا ینتهی به إلى ارتکاب المعاصی، و کذلک لا بد أن یکون نور الخوف فی نفسه بمقدار لا یوجب إلقاءه فی دائرة الیأس و القنوط من رحمة الله التی وسعت کل شیء.



[1]  الإمام الخمینی، الأربعون حدیثاً، ص229، الطبعة السادسة عشر، مؤسسة تنظیم ونشر آثار الإمام الخمینی، طهران، 1376.

[2]  البقرة، 218.

[3]  الإمام الخمینی، الأربعون حدیثاً، ص222.

[4]  النساء، 78.

[5]  الکلینی، أصول الکافی، ترجمة المصطفوی، ج3، ص109، الطبعة الأولى، المکتبة العلمیة الإسلامیة، طهران.

 [6] غرر الحکم، ص83،رقم 1324.

[7]  مصباح الشریعة، ترجمة المصطفوی، ص398، الطبعة الأولى، المعهد الإسلامی للحکمة و الفلسفة إیران، طهران، 1360 ش.