قضیة الأمر بالمعروف و النهی عن المنکر من المسائل التی أولاها الاسلام أهمیة کبیرة و اعتبرها احدى الوظائف التی یجب على المسلم تحملها و القیام بها مع توفر شروط خاصة ذکرت فی محلها. و من الجدیر بالاهتمام هنا الالتفات الى طریقة و اسلوب الامر بالمعروف و النهی عن المنکر. و إن أفضل عمل فی هذه القضیة التذکیر و بیان عقبى الذنوب و الآثار السیئة التی تترتب على المستویین الدنیوی و الاخروی معاً، و أن یتم کل ذلک بخطاب و کلمات لطیفة و عبارات تنم عن الحب و الاحترام و الملاطفة و باخلاق حسنة و هذا ما دعتنا الیه التعالیم الاسلامیة القرآنیة منها و الحدیثیة، فعندما نطالع القرآن الکریم نجد الباری تعالى یخاطب نبیّه الکریم (ص) بان یدعو الناس بالحکمة و الموعظة الحسنة، بل الاکثر من ذلک یرى القرآن الکریم أن هذا هو السر فی نجاح الانبیاء فی دعوتهم التوحیدیة و لولا ذلک لما وصلوا الى تلک الدرجة من النجاح و التوفیق فی العمل قال تعالى فی کتابه الکریم: "فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَ لَوْ کُنْتَ فَظًّا غَلیظَ الْقَلْبِ لاَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِکَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَ اسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَ شاوِرْهُمْ فِی الْأَمْرِ فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَکَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ یُحِبُّ الْمُتَوَکِّلین"[1]
انطلاقاً من ذلک ینبغی أن تنطلق مع صدیقک من بوابة الصداقة و باسلوب لین و عبارات لطیفة و بیان النعم الالهیة التی أنعم بها الله تعالى على الانسان ثم بیان الآثار الوخیمة و العواقب السیئة التی تترتب دنیویاً و أخرویاً على معصیة الباری و الانجرار وراء الاهواء و الشهوات بطریقة فاسدة و اشباعها بطریقة مخالفة للشریعة.
اضف الى ذلک هنا یمکن التذکیر بأمور مهمة و خطیرة، منها:
الاول: ان تبین لصدیقک اهمیة ان یدرک الانسان قیمته کانسان و الموضع المناسب الذی یضع نفسه فیه.
الثانی: التذکیر بعاقیة المنحرفین و منزلتهم فی المجتمع و مدى الهوان و النظرة السلبیة التی ینظر الیهم المجتمع بها الیهم. و کذلک حالة تأنیب الظمیر التی ستبقى تلاحق الانسان طوال حیاته!!
الثالث :و الاهم من ذلک کله انه مهما عمل من صغیرة او کبیرة لا تخفى على الله تعالى و على إمامه علیه السلام و هل یوجد عاقل یرضى لنفسه أن تکون صحیفة اعماله سوداء و ملطخة بالرذائل أمام ربّه و مقابل امامه!!!
الرابع: التذکیر بامر وجدانی و هو: انه صحیح انه ینطلق من الشهورة فی الرغبة فی العلاقة مع الفتیات ولکن هل یرضى لغیره من الشاب ان یقیم تلک العلاقة مع اخواته وبنات عمه و....
قَالَ أَبُو بَصِیرٍ لِلصَّادِقِ (ع) الرَّجُلُ تَمُرُّ بِهِ الْمَرْأَةُ فَیَنْظُرُ إِلَى خَلْفِهَا؟ قَالَ: أَ یَسُرُّ أَحَدُکُمْ أَنْ یُنْظَرَ إِلَى أَهْلِهِ وَ ذَاتِ قَرَابَتِهِ؟!!! قُلْتُ: لَا. قَالَ: فَارْضَ لِلنَّاسِ مَا تَرْضَاهُ لِنَفْسِکَ.[2] فکیف بالزنا و تشویه اعراض الناس!!!
و هناک روایة یرویها الامام احمد فی مسنده نذکرها لعمیم الفائدة: قال الإمام أحمد : حدثنا یزید بن هارون، حدثنا جریر حدثنا سلیم بن عامر عن أبی أمامة أن فتى شابا أتى النبی صلّى اللّه علیه و سلّم فقال: یا رسول اللّه ائذن لی بالزنا، فأقبل القوم علیه فزجروه، و قالوا: مه مه، فقال «ادنه» فدنا منه قریبا، فقال «اجلس» فجلس، فقال «أ تحبه لأمک»؟ قال:لا و اللّه، جعلنی اللّه فداک، قال: و لا الناس یحبونه لأمهاتهم، قال: «أ فتحبه لابنتک؟» قال: لا و اللّه یا رسول اللّه، جعلنی اللّه فداک، قال: و لا الناس یحبونه لبناتهم. قال: «أ فتحبه لأختک؟» قال: لا و اللّه، جعلنی اللّه فداک، قال: و لا الناس یحبونه لأخواتهم، قال «أ فتحبه لعمتک؟» قال: لا و اللّه یا رسول اللّه، جعلنی اللّه فداک، قال: و لا الناس یحبونه لعماتهم، قال «أ فتحبه لخالتک؟» قال: لا و اللّه یا رسول اللّه، جعلنی اللّه فداک، قال: و لا الناس یحبونه لخالاتهم، قال فوضع یده علیه، و قال «اللهم اغفر ذنبه، و طهر قلبه، و أحصن فرجه» قال: فلم یکن بعد ذلک الفتى یلتفت إلى شیء.[3]