العبادة تعنی اظهار التذلک و الخضوع للأوامر الالهیة و اتباع قوانیین و احکام الشریعة فی الحیاة. و للعبادة درجات أعلاها تلک العبادة التی تکون نابعة عن معرفة بالله تعالى.
و للعبادة اصناف و سبل متعددة أفضلها تلک العبادات التی حددت صورتها و کیفیة أدائها فی القرآن الکریم و السنة المطهرة و روایات الائمة المعصومین (ع).
الجواب التفصیلی:
العبادة فی اللغة: إظهار التذلّل و الخضوع، یقول الراغب فی هذا المجال: «العبودیة إظهار التذلّل، و العبادة ابلغ منها لأنها غایة التذلّل...» [1]
جاء فی صحاح اللغة: أصل العبودیة الخضوع و التذلّل، و العبادة: الطاعة، و التعبید یعنی التذلیل، فیقال: طریق معبّد و جمل معبد...[2]
یقول ابن منظور فی معنی العبادة: «أساس العبادة، الخضوع و التذلّل» [3] و فی المجموع یمکن الاستفادة من أهل اللغة أن العبادة هی نفس الخضوع و التذلّل و الطاعة، و فی الاصطلاح هی أعلی مراتب الخضوع و التعظیم فی مقابل المعبود. شریطة أن یکون الخضوع ناتجا عن الاعتقاد بالوهیة المعبود.[4]
و العبادة لها عدة أقسام، أمثال العبادة القلبیة، و العبادة اللسانیة و العبادة العملیة –أی العبادة بالأعضاء و الجوارح- و مصادیق کل واحد منها فی حیاة الإنسان لا یعد و لا یُحصی. و یمکن القول بشکل کلی أن کل فکر و ذکر و عمل یؤدیه الإنسان بنیّة التسلیم و الطاعة لله تعالی، یمکن أن یکون مصداقاً للعبادة و کذلک کل تفکّر یمکن أن یقرّب الإنسان من الله تعالی أعم من أن یکون التفکّر فی نعم الله أو فی حقیقة الانسان و العالم، أو فی محاسبة النفس أو فی الموت و... فکل هذه تعتبر نوعاً من العبادة بل و یعطی للعبادات الأخری معنیً خاصا، و من جهة أخری نری روایات أهل البیت (ع) تعیر أهمیة کثیرة للتفکّر مثل الحدیث المشهور القائل: «تفکر ساعة أفضل من عبادة سبعین سنة»[5].
کل واحدٍ من أقسام و مصادیق العبادة له درجات و طبقات کثیرة. و أعلی درجات کل عبادة ما یقدّمها العبد مع الاقتران بالمعرفة الأکثر لله سبحانه و کذلک مع الإخلاص و قصد القربة لله تعالی. و بعبارة أخری العبادة التی تکون مقرونة أکثر بقصد القربة باخلاص أشد و التی تصدر عن معرفة أتم بمقام الربوبیة، من الطبیعی تکون قیمتها أکثر عند الله تعالی.
أما عن أسالیب العبادة فلابد من القول بأن أفضل أسالیب عبادة الله سبحانه هی ما جاءت فی القرآن الکریم أو فی سیرة و روایات المعصومین (ع)، و منها:
1- الصلاة: فالصلاة أفضل العبادات، و أول ما یُسأل عنه العبد یوم القیامة فإذا قبلت قبل ما سواها و إذا لم تُقبل لم یقبل ما سواها. [6]
2- الصوم: لقد دعا القرآن الناس الی أداء فریضة الصیام فی شهر رمضان [7] و کذلک الروایات قد دعت المسلمین الی صیام بعض الأیام المستحبة علاوةً علی صیام شهر رمضان المبارک و رغبتهم الی ذلک بأنواع الثواب.[8]
3- من أسالیب العبادة الأخری هو الحج و الزیارة و طواف بیت الله الحرام، یقول القرآن الکریم فی هذا المجال: «و لله علی الناس حج البیت من استطاع الیه سبیلا و من کفر فإن الله غنی عن العالمین».[9]
4- الدعاء: الدعاء و المناجاة و طلب الحوائج من الله سبحانه، فقد أمرنا الله بالدعاء و أوعد المستکبرین عن الدعاء أن لهم عذابا الیماً.[10]
5- الاعتقاد بولایة النبی (ص) و الأئمة الأطهار (ع) و الاطاعة الخاصة لهم، فقد اعتبر الله ولایتهم و طاعتهم من ولایته و طاعته، و ذلک لأنه عزّ وجل هو الآمر بها حیث یقول فی محکم کتابه: «یا أیها الذین أمنوا اطیعوا الله و اطیعوا الرسول و أولی الأمر منکم ....»[11]
و کذلک الصلاة فی وقتها و الجهاد فی سبیل الله و الإحسان الی الوالدین و البرّ إلیهم فإنها إذا صدرت من العبد عن إخلاص و بقصد القربة لله سبحانه لا لغیره فتعتبر من أفضل العبادات.[12]
انظر موضوع: العبادة لله أو للنفس؟، السؤال 378 (الموقع: 389).
[1] الراغب الأصفهانی، المفردات، ص330، 1392 ق.
[2] الجوهری، صحاح اللغة، ج2، ص503.
[3] ابن منظور، لسان العرب، ج9، ص10.
[4] الجعفری، یعقوب، الکوثر، ج1، ص23، تفسیر سورة الحمد الی طه.
[5] تفسیر العیاشی، ج2، ص208؛ مستدرک الوسائل، ج2، ص105.
[6] العاملی الشیخ الحر، وسائل الشیعة، ج4، ص34، قال الإمام الصادق (ع) «أول ما یُحاسب به العبد، الصلاة، فإن قُبلت قُبل سائر عمله، و إذا رُدّت رُدّ علیه سائر عمله، نشر آل البیت، قم، 1404 ق.
[7] البقرة، 185 «شهر رمضان الذی انزل فیه القرآن هدیً للناس و بیّنات من الهدی و الفرقان فمن شهد منکم الشهر فلیصمه».
[8] الکلینی، محمد بن یعقوب، الکافی، ج1، ص66، ح4، نشر دار الکتب الإسلامیة، طهران، 1365 هـ.ق، ثمانیة أجزاء.
[9] آل عمران، 97.
[10] الغافر، 60 «ادعونی استجب لکم ان الذین یستکبرون عن عبادتی سیدخلون جهنم داخرین».
[11] النساء، 59.
[12] الکافی، ج2، ص158، ح4، عن الإمام الصادق(ع) لما سُئل عن أفضل الأعمال قال: «الصلاة لوقتها و برّ الوالدین و الجهاد فی سبیل الله».