Please Wait
20121
القنوت لغة يعني لزوم الطّاعة مع الخضوع.[1]
و جاء المصباح- القنوت: مصدر من باب قعد: الدعاء، و يطلق على القيام في الصلاة، و منه أفضل الصلاة طول القنوت و دعاء القنوت، أى دعاء القيام، و يسمّى السكوت في الصلاة قنوتا، و منه قوله تعالى- و قوموا للّه قانتين.
وفي مقائيس اللغة- قنت: أصل صحيح يدلّ على طاعة و خير في دين، لا يعد و هذا الباب. و الأصل فيه الطاعة، يقال: قنت يقنت قنوتا، ثمّ سمّى كلّ استقامة في طريق الدين قنوتا. و قيل لطول القيام في الصلاة قنوت، و سمّى السكوت في الصلاة و الإقبال عليها قنوتا.[2]
و ذهب بعض المفسرين الى القول بان: اصل القنوت استعمل بمعنى الدعاء، العبادة، الصلاة، و الطاعة. و جاء الاستعمال القرآني في جميع المعاني لمناسبة اقتضت ذلك.[3]
و قد وردت مفردة القنوت بكافة مشتقاتها في القرآن الكريم 13 مرة في 12 آية نشير اليها حسب التسلسل التالي:
1. «أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَ قائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَ يَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذينَ يَعْلَمُونَ وَ الَّذينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْباب».[4]
2. «يا مَرْيَمُ اقْنُتي لِرَبِّكِ وَ اسْجُدي وَ ارْكَعي مَعَ الرَّاكِعينَ».[5]
3. «الصَّابِرينَ وَ الصَّادِقينَ وَ الْقانِتينَ وَ الْمُنْفِقينَ وَ الْمُسْتَغْفِرينَ بِالْأَسْحار».[6]
4. «حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَ الصَّلاةِ الْوُسْطى وَ قُومُوا لِلَّهِ قانِتينَ».[7]
5. «وَ مَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ تَعْمَلْ صالِحاً نُؤْتِها أَجْرَها مَرَّتَيْنِ وَ أَعْتَدْنا لَها رِزْقاً كَريم».[8]
6. «وَ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ».[9]
7. «وَ قالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً سُبْحانَهُ بَلْ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قانِتُون».[10]
8. «الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ بِما فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ وَ بِما أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوالِهِمْ فَالصَّالِحاتُ قانِتاتٌ حافِظاتٌ لِلْغَيْبِ بِما حَفِظَ اللَّهُ وَ اللاَّتي تَخافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَ اهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضاجِعِ وَ اضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبيلاً إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيًّا كَبيراً».[11]
9. «عَسى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْواجاً خَيْراً مِنْكُنَّ مُسْلِماتٍ مُؤْمِناتٍ قانِتاتٍ تائِباتٍ عابِداتٍ سائِحاتٍ ثَيِّباتٍ وَ أَبْكار».[12]
10. «إِنَّ إِبْراهيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ حَنيفاً وَ لَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكين».[13]
11. «إِنَّ الْمُسْلِمينَ وَ الْمُسْلِماتِ وَ الْمُؤْمِنينَ وَ الْمُؤْمِناتِ وَ الْقانِتينَ وَ الْقانِتاتِ وَ الصَّادِقينَ وَ الصَّادِقاتِ وَ الصَّابِرينَ وَ الصَّابِراتِ وَ الْخاشِعينَ وَ الْخاشِعاتِ وَ الْمُتَصَدِّقينَ وَ الْمُتَصَدِّقاتِ وَ الصَّائِمينَ وَ الصَّائِماتِ وَ الْحافِظينَ فُرُوجَهُمْ وَ الْحافِظاتِ وَ الذَّاكِرينَ اللَّهَ كَثيراً وَ الذَّاكِراتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَ أَجْراً عَظيماً».[14]
12. «وَ مَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرانَ الَّتي أَحْصَنَتْ فَرْجَها فَنَفَخْنا فيهِ مِنْ رُوحِنا وَ صَدَّقَتْ بِكَلِماتِ رَبِّها وَ كُتُبِهِ وَ كانَتْ مِنَ الْقانِتي».[15]
و في الختام نشير الى ما حققه الباحث حسن مصطفوي في كتابه التحقيق في كلمات القرآن الكريم:
إنّ الأصل الواحد في المادّة: هو خضوع مع طاعة، و قلنا في الخضوع هو مواضع مع تسليم. و في الطاعة هو العمل بالوظيفة مع رغبة و خضوع. ففي القنوت خضوع أشدّ منهما.
فلا بدّ من لحاظ القيدين في المادّة، و أمّا مفاهيم- الطاعة، الخشوع، الصلاة، العبادة، القيام، الذلّ، الانقياد، السكون، الدعاء، الإمساك، الخضوع، الانقياد، طول القيام و الطاعة، التواضع: فلا بدّ من وجود القيدين، و إلّا فيكون تجوّزا.
ثمّ إنّ القنوت تكويني، و تشريعيّ إراديّ:
فالتكوينىّ: كما في-. (سُبْحانَهُ بَلْ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ)- 2/ 116. (وَ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ)- 30/ 26 و التعبير في الآية الثانية بكلمة- من: فانّ الآية في مورد العقلاء-. (ثُمَّ إِذا دَعاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ ...
بخلاف الأولي- فانّها في مطلق ما في السماوات و الأرض. و أمّا التعبير بصيغة جمع السالم العاقل- قانتون: فبلحاظ مفهوم القنوت الدالّ على الشعور، فكأنّهم شاعرون متوجّهون في عملهم.
و التشريعيّ الإراديّ: كما في-. (وَ قُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ)- 2/ 238. (أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَ قائِماً)- 39/ 9. (وَ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِناتِ وَ الْقانِتِينَ وَ الْقانِتاتِ)- 33/ 35. (يا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَ اسْجُدِي وَ ارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ)- 3/ 43 يراد تحصيل حالة الخضوع في طاعة، بصورة قيام و سجود و ركوع، و هذا بعد تحقّق الايمان.
فالقنوت لازم بعد الايمان، و شرط في صلاح العمل و العبادة-. (مُسْلِماتٍ مُؤْمِناتٍ قانِتاتٍ)- 66/ 5. (فَالصَّالِحاتُ قانِتاتٌ حافِظاتٌ لِلْغَيْبِ)- 4/ 34 فنتيجة الايمان حصول حالة الخضوع في الطاعة، و ما دام لم تحصل هذه الحالة لا ينفع الايمان و لا الطاعة و العبادة.[16]
[1] الراغب الاصفهاني، حسين بن محمد، المفردات في غريب القرآن، تحقيق، داودي، صفوان عدنان، ج 1، ص 684، دارالعلم الدار الشامية، دمشق، بيروت، الطبعة الاولی، 1412 ق.
[2] انظر: حسن مصطفوي، التحقيق في كلمات القرآن الكريم، ج9، ص: 32.
[3] طيب، سيد عبد الحسين، اطيب البيان في تفسير القرآن، ج 3، ص 136، انتشارات اسلام، طهران، الطبعة الثانیة، 1378 ش.
[4]. الزمر، 9.
[5]. آل عمران، 43.
[6] آل عمران، 17.
[7]. البقرة، 238.
[8]. الاحزاب، 31.
[9]. الروم، 26.
[10]. البقرة، 116.
[11]. النساء، 34
[12]. التحریم، 5.
[13]. النحل، 120.
[14]. الاحزاب، 35.
[15]. التحریم، 12.
[16] التحقيق في كلمات القرآن الكريم، ج9، ص: 323-324.