Please Wait
11485
ورد هذا الحدیث عن رسول الله (ص) فی کتاب قرب الإسناد لعبد الله بن جعفر الحمیری و هذا الکتاب من المصادر الروائیة المعتبرة.
إن اعتبار الروایات و البحث فی وثاقتها و دراستها تابع للموضوعات التی تعالجها الروایة. فالروایات التی تعالج مواضیع عقائدیة لابد و أن تکون طرقها و سلسلة رواتها متعددة و معتمدة، فی حین أن الروایات الفقهیة یکفی فیها أن تروى ضمن سلسلة سندیة واحدة شریطة أن تکون معتمدة. و بذلک یکون مؤداها ملزماً.
و المتعارف فی الروایات من أمثال الروایة التی وردت فی سؤالکم أنها لا تحظى بالبحث و الدراسة، و ذلک لعدم کونها من الأصول العقائدیة و لا الأحکام الفقهیة.
و بالاستناد إلى هذه المقدمة یمکن أن یقال فی جوابکم: إن هذا الحدیث نقله عبد الله بن جعفر الحمیری فی کتابه قرب الإسناد عن رسول الله (ص) و أن الرسول (ص) قال: «لو کان العلم فی الثریا لتناوله رجال من فارس». [1]
و بالنسبة لسند هذه الروایة لابد من بحث أمرین:
1- سند الحمیری إلى الإمام المعصوم.
2- إسنادنا إلى کتاب قرب الإسناد.
أما فیما یخص سند عبد الله الحمیری إلى الإمام المعصوم (ع) فقد قیل: أبو العباس عبد الله بن جعفر بن حسین بن مالک بن جامع الحمیری القمی، من أصحاب الإمام العسکری (ع) و من فقهاء الشیعة و رواتهم الکبار فی القرن الثالث الهجری، و یحظى بمنزلة عالیة بین علماء و فقهاء الشیعة الکبار، و قد طرحت شخصیتیه الروائیة و الفقهیة بین مشایخ مدینة قم بالمستوى الذی طرحت به الشخصیات العلمائیة الکبیرة، کالشیخ الصدوق فی مشیخة (الفقیه) و النجاشی فی (الرجال) و المجلسی الثانی فی (روضة المتقین) و المامقانی فی (تنقیح المقال) و علیاری فی (بهجة الآمال).
کما أنه من مشایخ محمد بن یعقوب الکلینی الکبار، و قد أسند إلیه الکلینی کثیراً فی کتابه (الکافی) و نقل عنه روایات و أخبار.
و للحمیری مراسلات و مکاتبات مع الإمام الهادی و الإمام العسکری (ع)، و على الرغم من الضغوط الشدیدة التی مارستها الحکومة العباسیة لقطع الاتصال و الارتباط بین الإمامین العظیمین و شیعتهم إلا أن الحمیری تمکن من الحفاظ على ارتباطه بهذین الإمامین (ع) و تلقی التعلیمات منهما.
و بعد شهادة الإمام الحسن العسکری (ع)، فإن الحمیری لم یقطع اتصاله بمعدن الوحی فی زمان الغیبة الصغرى، و إنما احتفظ بمراسلاته و مکاتباته مع إمام الزمان عجل الله تعالى فرجه الشریف و ذلک عن طریق (محمد بن عثمان العمری) حیث کان یرسل أسئلته و استفساراته إلى الإمام لیستفید من نور وجوده الشریف. و قد جمع هذه الرسائل تحت عنوان (مسائل عن محمد بن عثمان العمری و التوقیعات).
فهو إذن من المؤلفین الکبار و علماء الحدیث، و إن کتابه من المصادر الروائیة المعتبرة و مورد ثقة و اعتماد. [2]
و أما بالنسبة لسندنا إلى کتاب قرب الإسناد فلابد من القول:
إضافة إلى أن هذه الروایة نقلها صاحب البحار عن قرب الإسناد کما أننا یمکن أن نصل عن هذا الطریق إلى کتاب قرب الإسناد. توجد نسخة من هذا الکتاب فی مکتبة آیة الله البروجردی یرجع تاریخ کتابتها إلى سنة 1359 هجری و قد کتبت بخط حسن میرخانی، و هذه النسخة کتبت عن النسخة التی توجد علیها إجازة المؤلف أی عبد الله بن جعفر الحمیری فی تاریخ 304 هجری. [3]
و فی الختام نرى أن الإشارة إلى هذه القضیة لا تخلو من فائدة و هی أن العدید من الروایات الواردة فی تفسیر الآیة 54 من سورة المائدة و الآیة 38 من سورة محمد تتحدث عن نفس الموضوع و لکن استبدلت فیها کلمة (العلم) بکلمة (الدین) أو (الإیمان).
توضیح ذلک:
عندما نزلت آیات القرآن فی توبیخ الذین لم یتمسکوا بالدین و الإیمان، و تهدیدهم باستبدالهم بقوم آخرین، کالآیة الشریفة فی قوله: «وَ إِنْ تَتَوَلَّوْا یَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَیْرَکُمْ ثُمَّ لا یَکُونُوا أَمْثالَکُمْ» [4] و کذلک فی قوله: «یا أَیُّهَا الَّذینَ آمَنُوا مَنْ یَرْتَدَّ مِنْکُمْ عَنْ دینِهِ فَسَوْفَ یَأْتِی اللَّهُ بِقَوْمٍ یُحِبُّهُمْ وَ یُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنینَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْکافِرینَ یُجاهِدُونَ فی سَبیلِ اللَّهِ وَ لا یَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذلِکَ فَضْلُ اللَّهِ یُؤْتیهِ مَنْ یَشاءُ وَ اللَّهُ واسِعٌ عَلیمٌ» [5] سأل الأصحاب النبی الأکرم (ص): من هم المعنیون بالإشارة فی هذه الآیات الشریفة؟ فوضع النبی یده على منکب سلمان و قال: «إنهم قوم هذا، و الذی نفسی بیده لو کان الإیمان معلقاً فی الثریا لناله رجال من فارس». [6]
[1] قرب الإسناد، ص 53؛ بحار الأنوار، ج 64، ص 175.
[2] هذا الکتاب أحد الأصول الأربعة مائة الأساسیة للشیعة، و منذ أن کتب قبل أکثر من ألف سنة و هو محط أنظار العلماء الکبار للشیعة و قد أدرجت مجموعاته الروائیة ضمن المجموعات الروائیة الکبرى لدى الشیعة، مثل کتاب الکافی للکلینی و کتاب الفقیه و الخصال للشیخ الصدوق و تهذیب الشیخ الطوسی و بحار الأنوار للعلامة المجلسی، و وسائل الشیعة للحر العاملی، و مستدرک الوسائل للمحدث النوری، و للاطلاع انظر: السؤال 2822 (الموقع: 3159) الموضوع: الإیرانیون و العرب.
[3] للاطلاع الأکثر یرجى مراجعة برنامج جامع الأحادیث.
[4] محمد، 38.
[5] المائدة، 54.
[6] بحار الأنوار، ج 22، ص 52، باب 37، ما جرى بینه و بین أهل الکتاب؛ منتخب التفسیر الأمثل، ج 4، ص 464.
«وَ قَالَ الطَّبْرِسِیُّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَ رَوَى أَبُو هُرَیْرَةَ أَنَّ نَاساً مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ (ص) قَالُوا یَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ هَؤُلَاءِ الَّذِینَ ذَکَرَ اللَّهُ فِی کِتَابِهِ وَ کَانَ سَلْمَانُ إِلَى جَنْبِ رَسُولِ اللَّهِ (ص) فَضَرَبَ یَدَهُ عَلَى فَخِذِ سَلْمَانَ فَقَالَ هَذَا وَ قَوْمُهُ وَ الَّذِی نَفْسِی بِیَدِهِ لَوْ کَانَ الْإِیمَانُ مَنُوطاً بِالثُّرَیَّا لَتَنَاوَلَهُ رِجَالٌ مِنْ فَارِسَ».