Please Wait
5699
تعد السنة المطهرة (الاعم من کلام المعصوم و فعل المعصوم و تقریره) احدى مصادر التشریع الاسلامی و لا تنحصر المصادر فیها فقط، بل هناک بالاضافة الى السنّة، القرآن الکریم، و الاجماع و العقل. و لما کان الله تعالى قد جعل الامامة للمعصومین (ع) من جهة، و من جهة ثانیة نرى ان الله تعالى قد أمر باطاعتهم و امتثال أمرهم مطلقا، فلابد ان یکون کلامهم حجة و الا لا معنى للأمر باطاعة من یجوز علیه الخطأ او الکذب او الاشتباه فی نقل الحکم الشرعی؛ و لان ذلک خلاف الحکمة الالهیة التی ارادت للبشریة الهدایة و الوصول الى الکمال من خلال التشریعات الصحیحة.
اما أصل الامامة فقد تکفل فی اثباته علم الکلام (علم العقائد) بنحو مفصل، و اما علم اصول الفقه فقد بحث بنحو مفصل قضیة حجیة کلام الائمة و فعلهم و تقریرهم، لان من اساسیات البحث الاصولی (اصول الفقه) اثبات مصادر التشریع و مدى حجیتها، و السبب فی ذلک أنه اذا لم تثبت الحجیة للسنّة المطهرة الاعم من سنة النبی الاکرم (ص) و الائمة الاطهار (ع) فحینئذ یختل قسم کبیر من الفقه الاسلامی بل قد یختل کل الفقه. و قد اشرنا الى نماذج من ذلک فی الجواب التفصیلی.
من الضروری الالتفات الى قضیة مهمة و هی ان السنة المطهرة (الاعم من کلام المعصوم و فعل المعصوم و تقریره) تعد احد مصادر التشریع الاسلامی و لا تنحصر المصادر فیها فقط، بل هناک بالاضافة الى السنة، القرآن الکریم، و الاجماع و العقل؛ [1] و لذلک لا تجد فقیها یتبنى القول بحجیة سنّة المعصوم من دون حجیة القرآن الکریم.
إذن السنّة تأتی فی الحجیة الى جانب القرآن الکریم و تعد المصدر الثانی للتشریع و هی حجة مطلقا و على مر العصور و الازمان و یجب امتثالها، الا اذا کان المعصوم (ع) نفسه قد حدد الحکم فی زمن معین او موضوع خاص.
اما البحث عن حجیة کلام المعصوم فیعود فی الاصل الى البحث عن اصل حجیة النبوة و الامامة؛ و ذلک لان مع اثبات النبوة أو الامامة للمعصومین (ع) من جهة، و من جهة ثانیة نرى ان الله تعالى قد أمر باطاعتهم و امتثال أمرهم مطلقا، فلابد ان یکون کلامهم حجة و الا لا معنى للأمر باطاعة من یجوز علیه الخطأ او الکذب او الاشتباه فی نقل الحکم الشرعی؛ و لان ذلک خلاف الحکمة الالهیة التی ارادت للبشریة الهدایة و الوصول الى الکمال من خلال التشریعات الصحیحة.
علما ان المتکفل باثبات اصل النبوة و الإمامة هو علم الکلام الاسلامی لا الفقه؛ و ذلک لان الفقه مهمته بیان و رصد الاحکام العملیة للمکلفین و استنباطها من مصادرها الاصلیة، و لا ریب أن التوحید و النبوة و الإمامة لیست من سنخ الاحکام العملیة. و من هنا لم یبحث العلماء اصل اثبات الامامة فی مجال علم الفقه و انما بحثوها بدقة فی دراساتهم الکلامیة، و لذلک نجد بعض العلماء قد جعل رسالته العملیة مصنفة الى صنفین القسم الاول منها یخوض فی العقائد و المسائل الکلامیة و القسم الثانی منها یختص ببیان الاحکام الفقهیة العملیة، من قبیل السیدة ابن زهرة فی کتابه غنیة النزوع من القدامى و السید الشهید محمد باقر الصدر فی رسالته الفتاوى الواضحة حیث قدم لها بمقدمة مفصلة فی اهم المسائل العقائدة (المرسل و الرسول والرسالة). [2]
و لاریب ان الطالب الحوزوی یخوض و منذ الایام الاولى لدراسته فی الابحاث الکلامة و على راسها التوحید و النبوة و الامامة.
اما هل الفقهاء کانوا یخشون الخوض فی مباحث حجیة کلام المعصوم؟ و هل انهم اهملوا ذلک کی لا ینهدم السقف على رأسهم حسب ما یفهم من کلام السائل؟!
فجوابه: ان من اساسیات البحث الاصولی (اصول الفقه) اثبات مصادر التشریع و مدى حجیتها، و السبب فی ذلک أنه اذا لم تثبت الحجیة للسنّة المطهرة الاعم من سنة النبی الاکرم (ص) و الائمة الاطهار (ع) فحینئذ یختل قسم کبیر من الفقه الاسلامی بل قد یختل کل الفقه، فلابد من البحث فی هذه المسالة، و من هنا لاتجد کتاب اصولیا - الا نادرا- لا یتعرض لهذه القضیة، و لعل اکثر من فصل فی هذه القضیة من المعاصرین السید محمد تقی الحکیم فی کتاب القیم "الاصول العامة فی الفقه المقارن" حیث قال فیه: و الحدیث حول حجیة السنة یقع فی مواقع ثلاث:
1 - حجیة ما صدر عن النبی (ص) من قول، أو فعل، أو تقریر.
2 - حجیة ما صدر عن الصحابة.
3 - حجیة ما صدر عن الأئمة من أهل البیت (علیهم السّلام). [3]
ثم قال: و الحدیث حول حجیة ما صدر عن النبی (ص) من قول أو فعل أو تقریر، أوضح من ان یطال فیها الحدیث، إذ لولاها لما اتضحت معالم الإسلام، و لتعطل العمل بالقرآن، و لما أمکن ان یستنبط منه حکم واحد بکل ما له من شرائط و موانع، لأن أحکام القرآن لم یرد أکثرها لبیان جمیع خصوصیات ما یتصل بالحکم، و إنما هی واردة فی بیان أصل التشریع، و ربما لا نجد فیه حکما واحدا قد استکمل جمیع خصوصیاته قیودا و شرائط و موانع، کالصلاة و الزکاة و الحج و... [4]
واما حجیة ما صدر عن أهل البیت (ع) فقال فیه: قد استدل الشیعة على حجیة سنّة أهل البیت علیهم السّلام بأدلة کثیرة [5] ، یصعب استعراضها جمیعا و استیفاء الحدیث فیها، و حسبنا ان نعرض منها الآن نماذج لا تحتاج دلالتها إلى مقدمات مطویة لیسهل استیعاب الحدیث فیها. و أهم ما ذکروه من أدلتهم - على اختلافها - ثلاثة: الکتاب، السنة النبویة، العقل.
و الّذی یهمنا من هذه الأدلة التی عرضوها لإثبات مرادهم هو کل ما دل أو رجع إلى لزوم التمسک بهم، و الرجوع إلیهم، و اعتبار قولهم حجة یستند إلیها فی مقام إثبات الواقع.
و مجرد مدحهم و الثناء علیهم من قبل اللّه عز و جل أو النبی (ص) لا یکفی فی اعتبار الحجیة لما یصدر عنهم. [6]
ثم خاض فی بیان الادلة فی اکثر من اربعین صفحة من الکتاب. [7] و من الادلة التی ساقها لاثبات الحجیة، الدلیل العقلی فقال فی مقدمته: و دلیل العقل على اعتبار العصمة لهم لا یختلف عما استدل به على اعتبارها فی النبی، لوحدة الملاک فیهما، و بخاصة إذا تذکرنا ما قلناه من ان الإمامة امتداد للنبوة من حیث وظائفها العامة، عدا ما یتصل بالوحی فانه من مختصات النبوة، و هذا الجانب لا یستدعی العصمة بالذات إلا من حیث الصدق فی التبلیغ، و هو متوفر فی الإمام. ثم ساق الدلیل على ذلک. [8]
إذن القضیة مبحوثة بشکل مفصل و لم یخش الفقهاء الخوض فیها أبداً.
اما الخوض فی اصل الامامة و تفریعاتها فقد بحثت مفصلا فی الکتب العقائدیة، یمکنکم الرجوع الى کتب کل من سماحة الشیخ السبحانی "مفاهیم القرآن" و "محاضرات فی الالهیات"، و کذلک کتاب تعلیم العقائد للشیخ مصباح الیزدی، و بدایة المعارف للسید محسن خرازی.
لمزید الاطلاع انظر:
السوال 1362 (الموقع: 2709)، دلائل الاعتقاد بالامامة والامام.
ال سوال 3889 (الموقع: 4729)، اثبات الامامة فی القرآن.
السوال 13124 (الموقع: 12842)، الامامة فی القرآن.
11295 (الموقع: 11140)، حجیة اعمال و اقوال المعصومین.
9787 (الموقع: 9814)، دایره اعتبار حجیة السنة.
[1] انظر: الشهید المطهری، اصول الفقه، ص19، انتشارات صدرا، طهران، 1377ش.
[2] انظر: الصدر، محمد باقر، الفتاوى الواضحة، طبع بیروت.
[3] الأصولالعامة، النص، صفحه 117.
[4] نفس المصدر، ص
[5] انظر الى تعبیره: "ادلة کثیرة" اذن القضیة لیست مجرد دراسة عابرة او خشیة من الخوض فی المسالة بل القضیة بحثت من جمیع الجوانب.
[6] نفس المصدر، ص 141.
[7] نفس المصدر، ص141- 185.
[8] نفس المصدر، ص 181.