Please Wait
10360
علی أساس معتقدات الشیعة فان الفاروق و الصدیق هما من الالقاب التي وضعها رسول الله (ص) لامیر المؤمنین علي (ع). و الفاروق من (الفرق) و هو بمعنی الفاصل و المفرق بین الحق و الباطل، و الصدیق صیغة مبالغة من (الصدق) و هو بمعنی کثیر الصدق.
و یذهب البعض من أهل السنة- استناداً الی روایات منسوبة الی النبي (ص)- الی ان هذین اللقبین هما لعمر و أبي بکر، و للامامیة ملاحظاتهم العلمیة على هذا النوع من الاحاديث التي نسبت للرسول الاكرم (ص) و مدی وثاقة رجالها و الناقلین لها و الاسباب التي أدت الى ظهور مثل تلك الروايات.
قبل التعرض للجواب من الضروري التنبیه علی هذه الملاحظة و هي أن الروایات المنقولة عن رسول الله (ص) حول فضائل أمیر المؤمنین علي (ع) کثیرة جداً و کما یقول ابن ابي الحدید المعتزلي: فإن الله تعالى جعل الأسباب التي حاول أعداؤه بها الغض منه عللا لانتشار صيته في مشارق الأرض و مغاربها[1].
و حینما لم یتمکن اعداء علي (ع) من المنع من نشر فضائله (ع) فانهم لجأوا الی اسلوب آخر، حیث حاولوا صرف الانظار عنه عن طریق اختلاق الاحادیث الموضوعة، و أدی ذلک بهم الی نتیجتین رئیسیتین: الاولی التقلیل عن أهمیة المناقب الواردة عن رسول الله (ص) في حق أمیر المؤمنین علي (ع) مع الایحاء بان هذه الفضائل لم تکن خاصة به، بل هي قد وردت في حق الآخرین ایضاً.
والثانیة: طرح شخصیات موازیة و مشابهة في قبال الامام (ع) و قد ورد في روایات متعددة عن الامامیة و أهل السنة أن لقب الفاروق (المفرق بین الحق و الباطل ) و الصدیق (کثیر الصدق) هي من القاب أمیر المؤمنین علي (ع) و نشیر اولاً الی عدد من الروایات المرویة من طریق الامامیة في هذا المجال ثم نتعرض لروایات أهل السنة:
- الروایات الواردة عن طریق الامامیة:
- قال أمیر المؤمنین علي (ع) في مقطع من حدیث طویل بعد حادثة السقیفة: أنا الصديق الأكبر و الفاروق الأعظم.[2]
- و قال (ع) أیضاً: أنا عبد الله و أخو رسوله و أنا الصديق الأكبر لا يقولها بعدي إلا كذاب صليت قبل الناس بسبع سنين[3].
3- و روي عن أبي ذر الغفاري (ره) أنه قال: فأشهد على رسول الله (ص) أني سمعته و هو يقول: علي أوّل من آمن بي، و أوّل من صدقني، و أوّل من يصافحني يوم القيامة، و هو الصديق الأكبر، و هو فاروق هذه الأمة يفرق بين الحق و الباطل، و هو يعسوب المؤمنين.)[4]
ب-الروایات الواردة من طریق أهل السنة:
ینقل العقیلي و هو من علماء أهل السنة عن أمیر المؤمنین علي (ع) أنه قال: أنا عبد الله و أخو رسوله (ص) و أنا الصدیق الاکبر لا یقولها بعدي الا کذاب مفتر[5]. نعم، ذهب بعض أهل السنة –استناداً الی روایات منسوبة الی النبي ( ص) الی أن هذین اللقبین هما لعمر و أبي بکر. و یری الامامیة ان تلک الاحادیث موضوعة و مکذوبة.
یقول العلامة الامیني في کتاب الغدیر: من الاحادیث الموضوعة المنسوبة الی عبد الله بن عمر هذا الحدیث الذی نقله الذهبی و السیوطی أیضاً في تاریخ الخلفاء: یقول ابن عمر: سمیتم أبا بکر بالصدیق حقاً وعمر بالفاروق لانه کعمود الحدید.
و نقل العلامة الامینی بعد استعراضه لهذه الروایة و اثبات کونها موضوعة، روایات موضوعة أخری عنه ثم تعرض لنقدها[6].
و في حدیث آخر نقل عن ابن عباس: قال رسول الله (ص): ما في الجنة شجرة إلا مكتوب على كل ورقة منها: لا إله إلا الله. محمد رسول الله. أبو بكر الصديق: عمر الفاروق. عثمان ذو النورين.
یقول العلامة الامینی:هذا الحدیث من موضوعات علی بن جمیل الرقي، و قد ثبت کذبه من طرق متعددة في کتب العامة.[7]
[1] ابن ابی الحدید، عبد الحمید، شرح نهج البلاغة، ج4، ص111، مکتبة آیة الله المرعشي، قم، 1404ق.
[2] الطبرسي، احمد بن علي، الاحتجاج، ص73، منشورات المرتضی، مشهد، 1403ق.
[3] الشیخ الصدوق، الخصال، ج2، ص402، منشورات جامعة المدرسین، قم، 1403،ق.
[4] الشیخ الطوسي، الامالي، ص148، منشورات دار الثقافة، قم، 1414ق.
[5] العقیلي، الضعفاء الکبیر، ج5، ص428
[6] لاحظ: الامیني، عبد الحسین، الغدیر فی الکتاب والسنة و الادب،ج10، ص54 و ما بعدها.
[7] نفس المصدر، ج 5، ص476-478.