Please Wait
5921
نظریة کانت
إن أيّ عمل طبقاً لنظریة کانت لا یکون له قیمة أخلاقیة إلّا إذا کان بدافع إطاعة العقل و إلا لا تکون له أيّ قیمة أخلاقیة مهما کان المحفز و الدافع له؛ کتلبیة العاطفة أو تحصیل الکمال و السعادة و الثواب الدنیوي أو الأخروي. فالعمل الأخلاقي هو ما توجبه الوظیفة العقلیة و ما یفعله الفاعل بحکم العقل من دون أيّ انتظار لثواب أو لأي أثر من الآثار المترتبة علیه حتی لو کان الأثر تلبیة للعواطف أو کمالاٌ للنفس. و هذه هي خلاصة نظریة کانت في هذا المضمار.
نقد نظریة کانت
في الجواب عن هذا الکلام لابد من القول، ما تفرضه هذه النظریة بأن الإنسان یمکنه أن یعمل العمل بدافع إطاعة العقل فقط و لیس له دافع آخر حتی کمال نفسه، هذا الأمر غیر ممکن و غیر میسّر فکما تخیل المرء بأنه یعمل العمل بهدف إطاعة العقل، ففي الواقع هناک دافع آخر أعمق لکنه مستور و مخفيّ في باطن هذا الدافع الظاهري؛ لذلک فلو سئل عن سبب إطاعته لحکم سیجیب حالاً بأن الإنسان لابد له و أن یطیع حکم العقل إذ إن إنسانیته بذلک. و هذا الجواب یدل علی أنه یری کماله الإنساني بإطاعته حکم العقل؛ و هذا یعني وجود دافع أهمق ماوراء حکم العقل و هو کمال النفس. إذن من لم یقبل حکم العقل فسیکون إنساناً سیّئاً و ناقصاً. نستنتج مما تقدم. فرضیة ان العمل یمکن أن یؤدی بدافع إطاعة العقل، فرضیتة خاطئة و تعتبر نوعاً من التفکّر السطحي. [1]
النیة في الرؤیة الإُلامیة:
إن العمل الأخلاقي في الرؤیة الإسلامیة، هو العمل الذي لا یراد منه إلا رضا الله سبحانه و تعالی. و رضا الله سبحانه له مراتب و البشر في حال البحث عنه بصور مختلفة؛ فهذا الطلب في الإنسان له صور متعددة: فقد یُطلب رضا الله المنشود بلحاظ أنه المنشأ للثواب الأخروي، أو بلحاظ کونه المنشأ للنجاة و الخلاص من العذاب و قد یطلب لا لهذا و لا لذاک بل یکون الدافع للعمل رضا الله سبحانه فقط، فیکون عندئذٍ طلبه لرضا الله طلب ذاتي لا غیري. و هذه الحقیقة تبدو في أولیاء الله سبحانه و ینیبون علیها بوصفها الدافع للأعمال و العبادات.
علی کل حال، فحدّ النصاب للقیمة الأخلاقیة للعمل في النظریة الإسلامیة هو أن یکون لجلب رضا الله سبحانه. و بعبارة أخری، إن المقوم للقیمة الأخلاقیة للعمل هو أن یؤدی لهدف تحصیل رضا الله عزّ و جلّ. [2]
[1] مقتبس من: الأخلاق في القرآن، سلسلة دروس الأستاذ محمد تقي المصباح الیزدي، تحقیق و کتابة، الاسکندري، محمد حسین، ج 1، ص 117، الموقع: www.mesbahyazdi.org
[2] نفس المصدر، ص 118.